مقالات متنوعة

محد سيد احمد : حكاية ذات مغزى في الدلالة على المكانة الوطنية الكامنة في جامعة الخرطوم وتقدير المرحوم الترابي لذلك


> في الإفادة التوثيقية المهمة التي أدلى بها عن تجربته مع الزعيم التاريخي للحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة وملهمها ومرشدها الراحل، الزعيم الوطني الكبير والمفكر الإسلامي القدير الشيخ الجليل المرحوم د. حسن الترابي، روى الخبير الضليع والقيادي المخضرم في هذه الحركة، والمعبر عن الجيل الذهبي المؤسس لها، الأستاذ أحمد عبدالرحمن حكاية ذات مغزى ودلالة بعيدة المدى في تعبيرها عن الرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة لدى المرحوم الترابي في ما يتعلق بتقديره لجامعة الخرطوم، واهتمامه بما تحظى به من مكانة سامقة وسامية، وقدرة مؤهلة للتأثير الشديد الوطأة والبالغ الحدة على المستوى الوطني بكافة صُعُده بصفة عامة، وما يتنزل ويتبلور ويتجسد نتيجة لذلك، وينجم منه على الصعيد السياسي وتطويره وتطوراته على وجه الخصوص.
> وكما ذكر الشيخ الجليل والخبير الضليع والقدير الأستاذ أحمد عبدالرحمن، في تلك الحكاية المتعلقة بالإشارة الى التقدير الكبير والاهتمام الشديد لدى المرحوم الترابي بجامعة الخرطوم، في سياق مثل هذا الإطار للرؤية المتعمقة والمتمعنة في ما تنطوي وتحتوي عليه وتشير إليه، فقد لاحظ عندما زار الترابي في منزله ذات ليلة كانت متزامنة ومصادفة بصفة مباشرة، للمصالحة الوطنية التي دخلت فيها الحركة الإسلامية مع نظام حكم الزعيم الوطني الرئيس جعفر نميري في ذلك الحين من إبرام تلك المصالحة عام 1977م، لاحظ أن الترابي كان مهموماً ومشغولاً بأمر ما، لم يدركه زواره الكُثْر كالعادة في تلك الحقبة الفاصلة والمفصلية، ولكن لأن الأستاذ أحمد عبدالرحمن قد أدرك على الفور ذلك الأمر الذي كان يشغل الترابي، ويظهر عليه الاهتمام به دون أن يفصح عنه، فقد هرع الى مساعدته على التخلص من زواره الكُثْر، ثم لبى رغبته في مرافقته للذهاب معه الى جامعة الخرطوم للتعرف على نتيجة الانتخابات الأولى لاتحاد طلابها بعد دخول الحركة الإسلامية في المصالحة مع السلطة الحاكمة حينها.
> وفي سياق ذات الإطار للرؤية، أشار الأستاذ أحمد عبدالرحمن الى أنه لاحظ أن الترابي شعر براحة كبيرة عندما وصلا الى الجامعة في ساعة متأخرة من تلك الليلة، ووجدا في استقبالهما الكادر القيادي الطالبي من أعضاء الحركة بالجامعة حينها، وهو القيادي الإسلامي الراحل المرحوم د. معتصم عبدالرحيم، الذي أطلعهما على نتيجة انتخابات اتحاد طلاب الجامعة التي انتهى فرزها، ولم يتم الإعلان عنها رسمياً حتى تلك اللحظة، وقد كانت النتيجة هي حصول قائمة مرشحي الاتجاه الإسلامي، المعبرة عن الحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة، على الفوز بجميع مقاعد المجلس الأربعيني لاتحاد الطلاب.
> وكما أضاف الأستاذ أحمد عبدالرحمن، في تلك الإفادة التاريخية والتوثيقية لتجربته مع المرحوم الترابي، فقد عاد الترابي الى منزله في تلك الليلة وهو يشعر براحة كبيرة ومطمئنة، لأنه كان يدرك، بناءً على ما لديه من رؤية ثاقبة وبصيرة نافذة، إنه طالما أن طلاب جامعة الخرطوم لم يحدث لديهم تغيير سلبي في موقفهم التقليدي المعهود والإيجابي في مساندة وتأييده للاتجاه الإسلامي، فإن ذلك يعني أن الخطة التي تم اعتمادها لدى الحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة، عندما وافقت على القبول بالدخول في مصالحة مع السلطة الحاكمة بقيادة الرئيس نميري حينها، ليس فيها ما توجد خشية منه، وإنها يمكن أن تمضي في سبيلها مطمئنة الى أن تصل الى ما تسعى له وتحصل عليه على النحو الذي جرى وحدث بالفعل.
> وفي الحقيقة فإن الذي دفعني الى مثل هذه العودة للإشارة الى هذه الحكاية المعبرة عن الرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة لدى شيخنا الجليل المرحوم الترابي، في ما يتعلق بتقديره العميق لمدى ما تحظى به جامعة الخرطوم من قدرة مؤهلة وذات دلالة في التعبير عن التأثير الفاعل على المستوى الوطني، هو أنني أرى أنه رغم إن المكانة السامية والسامقة الكامنة في هذه الجامعة العريقة والشامخة، تبقى شاملة للقوى الوطنية الفاعلة والمتفاعلة بكافة اتجاهاتها وتياراتها المتنافسة، إلاّ أن ما قدمته هذه الجامعة بالنسبة للحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة بصفة خا صة، وما حصلت عليه منها، يجب وينبغي أن يجعلها هي الجهة الأكثر حرصاً عليها، وعلى الاستمرار في توطيدها وترسيخها وتطوير وتوفير كل ما تحتاج إليه من رعاية لها وعناية بها، بدلاً عن جعلها عرضة لما أخذت تتعرض له، ونرجو أن تكون الرسالة قد وصلت. ثم ربما قد تكون لنا عودة..