مصطفى أبو العزائم

الدولار الإلكتروني


أكثر من مجموعة يضمها أو تستخدم تطبيق الواتساب، أو كثير من الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية بات الدولار هو شغلهم الشاغل، وفي هذا نرى وعياً عظيماً لدى المواطن السوداني، إذ أصبح الجميع يعرف أهمية أن يظل الجنيه السوداني قوياً معافى، لأن ذلك يعني استقرار الأسعار، وإخماد بركان السوق الذي إن انفجر أحرقت حمم نيرانه القريب والبعيد.
مع الارتفاع اليومي لسعر الدولار وبقية العملات الأجنبية من غير منطق اقتصادي واضح، ومع تدني قيمة عملتنا الوطنية التي بات الصغار والكبار يتحسرون عليها ولا يصدقون أنها هوت إلى منحدر عميق يصعب انتشالها منه إلا بمعجزة، ويقابل هبوطها ذاك ارتفاع في أسعار السلع والمواد التموينية والخدمات، بينما الحكومة تنظر وتتفرج دون معالجة عاجلة وسريعة، مع هذا الارتفاع يتوقع الناس الأسوأ دائماً.. فقد (طارت) أسعار السكر والزيت والدقيق، ونخشى أكثر ما نخشى أن يلحق بها الدقيق والكهرباء والوقود خاصة وأن أسعار غاز الطبخ قد تقدمت الصفوف منذ فترة، بما يشير إلى أن هناك زيادات تختبئ وراء حوائط الريبة والشك القائمة بين المواطنين والسلطة.
لا ندري لماذا لا تنشط المجالس الاستشارية الاقتصادية في وزارة المالية، ولماذا لا تتحرك مراكز البحوث الاقتصادية والاجتماعية في دراسة هذه المشكلة ، أسبابها ونتائجها وأبعادها وظلالها الثقيلة التي تقع على رؤوس المساكين والفقراء، الذين لا مفر لهم ولا مهرب منها، إلا باللجوء إلى السماء.. وأبواب السماء مفتوحة أمام دعوات كل مظلوم.
نعجب ألا تتحرك وزارة المالية وتدعو لمؤتمر اقتصادي لا يستثنى أحداً، ولا يمارس العزل السياسي على جماعة أو حزب أو أفراد حتى يكون أمام الحكومة مجموعة من الحلول (المتفق عليها) من قبل كل القوى السياسية بمختلف مدارسها الاقتصادية، فليس عيباً أن تطبق نظريات اقتصادية جديدة بعد أن (أفشلنا) ما أسميناه بالاقتصاد الإسلامي وما هو كذلك.
نعم.. نعجب لتأخر وزارة المالية في السعي لحل هذه المشكلة، وهناك جهات أخرى لابد أن تشرك في دراسة المشكلة والبحث عن حلولها.
في بلادنا ووفقاً لتقارير رسمية وشبه رسمية أكثر من أربعة ملايين مواطن من دولة مجاورة يعملون في كل أنحاء السودان، و(يقبضون) أجورهم بالعملة المحلية التي سرعان ما تتحول إلى دولار.. وهم يقاسمون شعبنا اللقمة ونقطة الماء، وليس هناك ضريبة تفرض عليهم.. وغيرهم مئات الآلاف من دول أخرى، يصل أعدادهم إلى الملايين إذا ما وضعناهم جميعاً تحت مظلة الأجنبي.
ثم.. هناك بعض الشركات الأجنبية وبعض شركات الاتصال التي تعمل في تحويل الرصيد، تسببت في تفاقم المشكلة، بأن جعلت الكتلة النقدية الأكبر خارج النظام المصرفي.. غير عشرات الترليونات من الجنيهات السودانية التي هي في أيدي تلك الشركات ، قيمة محادثات وخدمات.. أضرت بالبلاد ولم تفدها.. فما معنى أن يقول عنك العالم إنك متقدم في مجال الاتصالات وأنت لا تقف على أسس اقتصادية حديثة.. لأن هذه الشركات تشتري الدولار من السوق الأسود بأي سعر ولا يهمها ما يمكن أن يصل إليه حال البلاد والعباد.
هل عميت بصيرتنا الاقتصادية(؟).. لا أظن لكن الذين بيدهم الأمر لا يريدون أن يروا ما يرى غيرهم، وهم في نومهم غارقون.
مخرجنا هو ذلك.. مع الدعاء وكثرة الاستغفار.