منى ابوزيد

مراجعات ..!


«دعوني من إحراق رِقًّ وكاغدٍ .. وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري» .. ابن حزم الأندلسي ..!
(1)
باعتبار أن القوة السياسية الحقيقية هي التي ترد كل شيء إلى الشريعة الإسلامية فهل أصبحان أقوياء فعلاً بتمسكنا بتطبيق الشريعةعلى طريقتنا؟! .. هل لنا أن نتساءل عن مدى نضج تجربتنا في تطبيق الشريعة؟! .. مقدار الخدوش؟! .. كم الشقوق التي تقادمت على صحن الصيني المقدس هذا؟! .. والذي يُحرِّم حراسه مبدأ الاقتراب منه، أو حتى محاولة تصوير بعض وجوهه من زوايا أخرى؟! .. ما هو تطبيق الشريعة الإسلامية إن لم يكن تحقيق العدالة والمساواة على هدي القرآن (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)، والسنة النبوية (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)؟! .. هل دولة الشريعة تروج لزواج القاصرات وتتشدد بشأن الملبس الذي يخدش الحياء العام ثم تغض الطرف عن جرائم انتهاك المال العام، والفساد والمحسوبية ؟! .. هل دولة الشريعة هي التي تتفرس في ملابس البسطاء، وتدقق في أفعال الفقراء، ثم تغض الطرف عن تجاوزات المسئولين وفظائع المحسوبين على الحكام من الأثرياء والمترفين ..؟!
(2)
في تونس وفي ليبيا وعوضاً عن أطروحات الإصلاح السياسي والاقتصادي، ركزت دعوات الإسلام السياسي – حال وصولها إلى كراسي الحكم – على قضايا حجاب المرأة وقوانين تعدد الزوجات.. وفي مصر أصدرت الجماعات الإسلامية العديد من الفتاوى المثيرة للجدل – تماماً كما حدث في السودان قبيل الانتخابات الأخيرة عندما كفرت بعض الفتاوى الحزب الشيوعي وحرمت التصويت لمرشحيه – بعض رموز الإسلاميين في مصر “أيام الانتخابات التي سبقت فوز الرئيس مرسي” حرموا التصويت للمرشح المسلم الليبرالي والعلماني، بل ذهبوا إلى حرمة الزواج من أبناء المنتمين لنظام مبارك .. مثل هذه الفتاوى التي تتجاهل التفريق بين الشخص والنوع في قضية خطيرة كالتكفير تتعمد إرباك الناخبين المسلمين، بينما التكفير هو الحكم على شخص بالخروج عن الإسلام، وهنالك مزاجر شرعية، أولها أن الحكم بتكفير شخص بناء على صفته السياسية – وليس الشخصية – أمر مخالف لضوابط الشارع نفسه .. فضلاً عن أن الحكم بتكفير شخص بعينه – عند العلماء المحققين – يستوجب التوقف للتحقق والتثبت، ومناقشته حتى تقوم عليه الحجة، وتنتفي الشبهة، وتنقطع المعاذير ..!
(3)
هل المطلوب من الشعوب المسلمة أن يبتلع ـ ببساطة ـ تلك الفتاوى التي لا تفرق بين إطلاق لفظ الكفر على الفعل/النهج الفكري/ السياسي، وإطلاقه على الأشخاص المنتمين إليه ؟! .. إن تكفير أحدهم يعني أنه مهدر الدم .. ويعني أنه يحق لأي مسلم قتله .. ويترتب على ذلك أحكام خطيرة مثل التفريق بين المرء وزوجه فهل هذه هي مظاهر إقامة العدل في دولة الإسلام؟! ..الاختلاف في دين الإسلام سعة ورحمة، لكنه في منطق معظم المنتمين إلى حركات الإسلام السياسي كفر يستوجب قطع طريق أصحابه إلى كراسي السلطة ..!
(4)
الحل الوحيد لغربلة حقيقة الحركات الإسلامية– التي أورقت بحلول الربيع العربي – ليس لعدم الوقوف في طريقه إلى كراسي الحكم فحسب ،بل عدم استعجال من توجه تلك التجارب، فالوعود الانتخابية في القطارات السياسية ركاب في غاية الخفة، ويسهل جداً إلقاء جثثها من النافذة عند الوصول إلى أقرب محطة .. ماتزال أفضل طريقة لمعرفة استحقاق الغيرللثقة هي أن نعطيه إياها،ويثبت العكس فنرتاح،أولايثبت فيستريح ..!