محمود الدنعو

الحاجة إلى التعاون الأوروبي الأفريقي


بالأمس تحدثنا عن التحدي الأكبر للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي المقبل في القارة الأفريقية، وخلصنا إلى أن الإرهاب يشكل التهديد الأكبر، وتزامن ذلك مع فعاليات منتدى تانا الخامس بشأن الأمن في أفريقيا، الذي احتضنته مدينة بحر دار الإثيوبية بمشاركة زعماء القارة الأفريقية، لبحث سبل التغلب على التحديات التي تواجه القارة. وقال رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ماريام ديسالين، في الكلمة الافتتاحية للمنتدى إن أفريقيا تواجه قضايا أمنية وسياسية تتطلب من القادة الأفارقة جهوداً كبيرة، ووضع رؤية واستراتيجية لمجابهة تلك التحديات.
وللتعرف أكثر على هذه التحديات هذا متجزأ من مقال نشره موقع (بروجيكت سنديكيت)، المعروف بنشر مقالات الرأي من قبل الخبراء والناشطين، والحائزين على جائزة نوبل، الساسة والاقتصاديين والمفكرين السياسيين وكبار رجال الأعمال والأكاديميين في مختلف القضايا الملحة في العالم، المقال الذي حمل عنوان (أفريقيا والتهديد الجهادي) وشاركه فيه كل من أولوسيجون أوباسانجو: الرئيس السابق لنيجيريا، هو رئيس المنتدى (تانا)، وتادروس أدهانوم غيبريسوس وزير الخارجية الإثيوبي السابق ولفغانغ إيشنغر السفير الألماني السابق لدى الولايات المتحدة، وهو رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن وأستاذ للسياسة الأمنية والممارسة الدبلوماسية في كلية هيرتي للإدارة في برلين، المقال استعرض التفجيرات الأخيرة التي وقعت في أوروبا وأفريقيا كدليل على تصاعد وتائر العمل الإرهابي.
وأشار المقال إلى أن التحدي الذي يواجه صناع القرار في القارتين هو احتواء تصاعد الإرهاب من دون مصادرة الحريات التي تم اكتسابها بشق الأنفس. وتشكل مواجهة هذا التحدي هدفنا المشترك. ونحن نعتقد أن تصدينا المشترك وعملنا معاً ضد ظاهرة الإرهاب هو الحل المستدام الوحيد ولمواجهة التهديدات العالمية العابرة للحدود – بما في ذلك الإرهاب الجهادي، وكذلك انتشار الأوبئة وعواقب تغير المناخ – أصبحت الحاجة إلى التعاون الأوروبي الأفريقي الفعال ماسة وواضحة بشكل متزايد.
أظهر عدد غير مسبوق من الهجمات الجهادية في بلدان عدة في الأشهر الأخيرة مدى هشاشة مجتمعاتنا أمام الإرهاب، وكيف أصبحت التهديدات تمتد عبر الحدود الوطنية. وليس هناك تحدٍّ أكبر من (داعش). ونظراً لنشأته كمجموعة إرهابية استغلت فشل الدولة في العراق وسورية، انتشر التنظيم مثل الفيروس من أفغانستان إلى نيجيريا، ونفذ أو أوحي بالهجمات في الخارج في بلدان بعيدة مثل الولايات المتحدة والفلبين. وبالإضافة إلى الفتوحات والشبكات المادية لأنصاره، أنشأ (داعش) موطئ قدم راسخ لنفسه على الإنترنت، وأكثر بكثير من أي منظمة جهادية أخرى.
سوف تتطلب مكافحة (داعش) والجماعات المماثلة وضع استراتيجية متكاملة لساحتي القتال – المادية والرقمية. وعلى مثل هذه الاستراتيجية أن تشمل عناصر عسكرية، وتحسين العمل الاستخباراتي، وتبادل أفضل للمعلومات. لكن علينا أن نفعل المزيد من أجل كبح هذا الفيروس الجهادي والقضاء عليه تماماً. وتحقيقاً لهذه الغاية، يجب أن نعالج الأسباب الجذرية لظهور النزعات الجهادية، والظروف التي تسمح لها بالازدهار.