منوعات

حسن فضل المولى.. جنرال يصنع النجاح.. ربان سفينة البلو نايل


العلامة المسجلة لقناة النيل الأزرق طوال سنواتها كان يحملها المدير العام حسن فضل المولى، ولا غرو فإن الزمن الذي أمضاه صاحب لقب (الجنرال) كفيل بتصدره لقائمة كبار مديري القنوات الفضائية على مستوى الوطن العربي والبلاد، يعرف عن فضل المولى أنه شخصية ميالة للهدوء وصاحب سمت مرتب، وفوق التزامه الأيدلوجي، إلا أنه صاحب إنجازات واختراقات كبيرة في مجال العمل الإعلامي الحر والمُنوع، يمتلك صاحبة اللحية الخفيفة خاصية استقطاب وصناعة النجوم، فقناته الـ (بلو نايل) شهدت ميلاد عشرات النوابغ في العمل الإعلامي، منهم من استقر وآخرون غادروا إلى خارج البلاد، تعاقبت ملكية قناة النيل الأزرق على عدد من رجال المال والأعمال كان آخرهم بجزء كبير من الأسهم وجدي ميرغني محجوب، إلا أن الإدارة الحقيقية كانت دائما في يد الجنرال.

ورغم ما عجت به تلك الملكيات من جدل حملته الآلة الإعلامية ظلت إدارة القناة ثابتة، وكذلك برمجتها.. فضل المولى رجل دائما ما يحدق إلى فضاءات الإبداع بصورة عميقة، ويتخير دائما من آلاف القصص ماهي أكثر إثارة ومتعة، يختار بعناية طاقمه الإبداعي ويرتب صفوف القناة كلما مرت بها حالات الميل وعدم الانتظام، يحتفظ الجنرال بصبر وأناة كبيرة على ما تدخره الأيام من صولات للقناة المثيرة للجدل، وإن كان هذا الصبر يسبره بمزيد من التجويد لا اللجوء إلى ردود الأفعال التي لا تصيب غير الرذاذ، يقدم فضل المولى في نسخة رمضانية جديدة عادة أفضل ما لديه من مجهود. قريب من أهل الفنون وفي السياق، يقول الكاتب الصحفي هيثم كابو: أكثر ما ميز حسن فضل المولى أنه عندما تولى منصب نائب مدير التلفزيون القومي ومدير عام البرامج أنه كان كادراً إسلامياً معتدلاً في وقت حجب فيه التزمت الرؤية وظل الرجل بعيداً عن مناطق التطرف في زمن عنوانه الغلو، وكان قريباً من أهل الفنون عندما كانت الإنقاذ تنظر للغناء، وكأنه (رجس من عمل الشيطان).

وأضاف كابو: أعاد الجنرال للتلفزيون القومي التوازن المطلوب، وظل مكتبه مفتوحاً للمبدعين بعد أن كان التلفزيون أشبه بدبابة بلورية، وعادت الأنغام التي لم تكن تسمعها إلا من خلال نشيد جهادي يساير لحن أغنية معروفة، ودخلت (من الخرطوم سلام، ومشوار المساء، وصباحك يا بلد)، وكثير من السهرات وبرامج المنوعات بعد غيبة للخارطة البرامجية غازية مقتحمة. قدرات إدارية وإعلامية قال كابو: بعيداً عن قدرات حسن فضل المولى الإدارية والإعلامية، فإن المرونة التي عُرِف بها أضافت للمؤسسات التي قاد دفتها، وفقد منصب نائب مدير التلفزيون ومدير عام البرامج كثيراً من بريقه عندما غادر (الجنرال) التلفزيون ملحقاً إعلامياً لسفارة السودان بالقاهرة، ولم يعد يتذكر الناس أسماء الذين جاءوا بعده، خاصة وأن الشاشة العتيقة بدأت تخسر من نسب مشاهدتها العالية، وكأنما هزة أصابت بورصتها حتى بات المشاهدون لا يضغطون على الريموت بحثاً عن برنامج فيها إلا يوم الجمعة لمتابعة (عالم الرياضة). قبول كبير يواصل كابو حديثه قائلاً: أكثر ما يتمتع به حسن فضل المولى القبول الكبير وإجادة فن التعامل مع الآخرين بحكمة وصبر وحنكة على اختلاف أمزجتهم وتباين طرائق تفكيرهم.

فالجنرال رجل علاقات عامة من طراز فريد في بلد يذيب فيه التواصل الاجتماعي كثيراً من مساحات الجفوة ويقرب المسافات، وتلك من أهم ملامح شخصيته، أما نجاحه في قناة النيل الأزرق، فالأمر لم يكن مستغرباً لأن مزاج الرجل (المنوعاتي) وقربه من الفنون ساهم في تميز القناة. وزنة مطلوبة الآن بعد كثير من التغيرات التي حدثت بفضائية النيل الأزرق ودخول شركاء جدد بدأوا في إطلاق قنوات منافسة يظل وجود حسن فضل المولى يمثل (وزنة مطلوبة) في ظل تباعد مساحات التفاهم بين الشركاء، وإن كان يحتاج للحفاظ على تميز شاشته وتماسكها لمزيد من الحسم والحزم والتخلي في الوقت الراهن عن المرونة الزائدة حتى لا يفقد هيبته الإدارية. خط سير مختلف أما الكاتبة الصحفية مشاعر عبد الكريم، فتقول: الحديث عن الأستاذ حسن فضل المولى يتطلب وقتا لإدراك واستدراك الفروقات بين رجل تنظيمي باستطاعته تكوين خط سير يختلف عن حيثيات (المشروع الحضاري) الذي أتى به تنظيمه (الإخوان المسلمين)، فعندما جلس على كرسي إدارة للبرامج بالتلفزيون القومي في بدايات حكم الإنقاذ، كان كثيرون يرون أنه من أهل الصرامة وبلا شك سيقوم بتشديد الأوامر وتنفيذ التوجيهات التي بدأت بحذف الأغنيات وتغبيش سيقان الممثلات الخ، لكنه خرق المعتاد من المتوقع وآثر أن يعمل على إدارة إعلام مختلف، فكانت برامج على شاكلة من (الخرطوم سلام) وسهرات منوعة تأتي بأهل الإبداع. طريقة جمالية وتشير مشاعر إلى أن الجنرال جعل اسمه مقاربا لهم أكثر من توقع ابتعاده. وتضيف: لهذا لم يكن غريبا أن يكون عهده في إدارة القناة الاستثمارية التابعة للتلفزيون القومي بشراكة مع رجل الأعمال المعروف (صالح كامل) عهدا منفتحا على كل ما هو مختلف ومنوع، فكانت النيل الأزرق قناة تدر الأرباح بلا هوادة وابتدع طريقة جمالية لجلب الأفكار المتجددة المختلفة، وبتنفيذها من قبل الشباب مؤمنا أن الأمر، كما يحتاج للخبرة فإنه يحتاج للتجديد.

صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد