تحقيقات وتقارير

حجر شيشة لزيادة الوزن وسيجارة للونسة وفك الزهجة.. دردشة مع بعضهن


كاد أن يتجمد الدم في عروقها عندما رأتها بين يديه وهو يقربها من فمه، ألقت بما كانت تحمله وهرعت نحوه لإبعادها قبل أن يمج منها أنفاسا، لكنها فوجئت بضحكاته المتتالية وقائلا “أنت قايلاها شنو يا أمي؟ دي حلاوة سيجارة اشتريته من المدرسة”، حينها لم تتردد الأم بانتزاعها منه وصرخت في وجهه، متسائلة “ناس المصانع ما لقوا حاجة يقلدوها غير الهباب دا؟ وكمان تتباع في المدارس”، هذه حكاية أم تلتها وقتئذ في أحد اجتماعات أولياء الأمور داخل المدرسة أثناء الحديث حول عدة محاور منها سلوك الأبوين، وتقليد أبنائهم لهم، ما قصدناه من سرد هو أن استعمال التبغ بكل أنواعه يبدأ بالتقليد وينتهي بالإدمان، ولتوضيح الأمر مفصلا استطلعت (اليوم التالي) آراء ناعمة من نواعم مدخنات وطبيبة متخصصة.
في السياق ترى (س، م) – مدخنة لعشر سنوات – أن أدمانها لاستخدام التبغ بدأ كتجربة مع صديقاتها عبر جلساتهن الترفيهية (لفك الزهجة)، وفق تعبيرها. وأضافت: “ومن ثم أعتدت تعاطيه من وقت لآخر حتى أصبح جزءاً من سلوكي اليومي، والآن لا أستطيع الإقلاع عنه، رغم أنه أضر ببشرتي بشكل واضح”. وأردفت: “أحيانا أُرشِّد لعدة أيام لكني سرعان ما أرجع في قراري، وأضعف عندما يفرض الجو نفسه وسط الشلة”.

لزيادة الوزن
ومن جهتها تقول (ر، ع) وهي تتجاوز الإدمان حد العشق تعاطيها الشيشة. وأردفت: “أبدأ يومي بها، ولا أجيد عملي لولم أفعل، وأفضل نوع محدد من أنواع (المعسل) وأحرص على أخذه مع أغراضي الروتينية”. وعلقت: “عادة يوجد بسيارتي مخزون استراتيجي وأخبئه لأوقات الشدة من صديقاتي إلا من تقاسمني (الحجر)”.
وتتابع: بعضهن يتعاطى الشيشة بمفهوم أنها تساعد على زيادة الوزن وغيرهن للترفيه، أما أنا أحبها وأستمتع برائحتها، وعندما أسافر أهتم باختيار أجمل وأفخم أشكالها.
وختمت: لا أؤيد تدخين النواعم للسجائر، فهي توائم الرجل أكثر من المرأة، ما قوله رأي شخصي هناك من يفضلنها أكثر من الشيشة، ولكل مزاجه.

فشل محاربته
إلى ذلك أفادت دكتورة ندى بكري استشاري أمراض الجهاز التنفسي ومساعد المدير العام لطوارئ أمدرمان، قائله: فشلت معظم الحكومات في محاربة التبغ بأنواعه، لأنه يشكل قوة اقتصادية عظمى، فقط كان الانتصار في بعض الدول الكبيرة بإجبار الشركات على وضع نشرة تحذيرية وصور مقززة تعبر عن الأمراض ذات الصلة، للفت من يريد أخذها وتوعيته بمضار التدخين كافة.
وكشفت عن كمية المواد المضافة للتبغ أثناء تصنيعه، وهي ما لا تقل عن (٤٠٠٠) مادة في السيجارة الواحدة، ولكن بنسب ضئيلة، وبالمثل حجر الشيشة، إضافة إلى مواد أخرى عليه، بجانب كونه يُحرق ويُستنشق المحروق مباشرة. وأيضا تداولها بين مجموعات يساعد في انتشار أمراض الجهاز التنفسي بسرعة هائلة، ما يعني ارتفاع مخاطر الشيشة دون أنواع التبغ الأخرى. وزادت: كثير من النساء يعتقدن أن استخدام الشيشة فاتح للشهية، وبالتالي يؤدي لزيادة الوزن، وتداول المعلومة بين الأفراد بمثابة الإعلان، خاصة وأنه يمنع بشكل مباشر، بيد أن الإشاعة أقوى صيتاً منه، وسرعان ما تصير حقيقة يعمل بها معظمنا، كذلك خطورة الأمر في استخدام التمباك بزيادة إضافة مواد ساخنة وتخميره.

عواقب وخيمة
وأشارت د.ندى إلى الأمراض الناتجة عن استخدام التبغ مثل السرطانات بأنواعها، وأمراض القلب كالإصابة بالجلطات، وهي كانت تصيب المسنين سابقاً، لأن الفرد منهم لا كان لا يدخن إلا بعد تجاوز منتصف عمره، ولكن شباب اليوم يدخنون من مرحلة الأساس، وهذا ما يعجل بالإصابة المبكرة. أما في شأن المرأة يؤثر في جمالها، ويضيف إلى ملامحها تجاعيد كبر السن، وهذا عادة ما لا تقبله النساء، غير تشويه الجنين للحوامل منهن وأحيانا يؤدي للولادة المبكرة، كذلك قابلية إصابة مولود المدخنة بمرض الأزمة.
ونوهت إلى تضرر الرئتين من التدخين كحدوث انسداد مزمن، وهو شبيه بمرض الأزمة، لكنه لا يستجيب للعلاج مثلها، كما يُحدث نقص أوكسجين وثاني أكسيد الكربون في الجسم، بسبب تفجير أكياس الهواء، وهي عبارة عن حويصلات طرفية مسؤولة عن الغازات في الجسم، ونتيجة تفجيرها تتحول إلى كتل أكياس، بالتالي تفقد القدرة على مهمتها. ولفتت د. ندى إلى سهولة الوقاية من أمراض التدخين، وفي ذات الحين صعوبة علاج الأمراض الناتجة عن استخدام التبغ بصورة عامة، أما طريقة الإقلاع عنه سهلة جداً، لأن أثر النيكوتين يزول خلال ٧٢ ساعة فقط، ويبقي إدمان العادة والأجواء المحيطة بها، “ما يعني مع من وكيف ومتى”، فهو تعود أكثر مما أنه إدمان. وزادت “لذلك نوصي بالإرادة والإصرار على قرار الإقلاع دون رجعة، وفي الأثناء يجب على من حولك تقدير رغبة المقلع وتحمل تصرفاته الناتجة عن عدم تدخينه، وبذلك نقدم له المساعدة حين تجاوزه المرحلة”.
وأكدت بكري أن مجرد تفكير الشخص في صحته وصحة من حولة وهم بلاشك يتضررون من التدخين السلبي، رغم بعدهم عنه، وبذات المفهوم قطعاً سيبعد عنه مهما كلف الأمر.

الخرطوم – خالدة ودالمدني
صحيفة اليوم التالي