رأي ومقالات

هل سابقنا الدنيا وسبقتنا حتي بات المرء خارج اطار التواصل؟


من افضال يوم الجمعة ‘-ضمن كثير ومتعدد – انك تصحو صباحا فتشعر انك تنتمي الي فصيلة تأويك ؛ فتسارع إيقاع الحياة وتمدد نطاقات السعي والهرولة ؛ خلف الارزاق والشواغل ؛ اظنه قد جعل غالب الناس ان لم يكن جلهم ؛ يروحون صباحا ويعودون ليلا ؛ بعض الذين اعرفهم وهم من عوام الناس يعودون اخر الاسبوع ! يوم الجمعة أصحو فيه فاتفرس في وجوه القوم مثل غريب ! اتابع بعض النقاشات والجدل بحيرة مدهشة ؛ حينما اقف في الشارع اجد نفسي مثل قائد منتصب في ساحة لتحية جنود ؛ ارفع يدي حينا محييا ومرات الوح واحيانا اصيح (عليكم السلام ) لاني اكون منهمكا في تتبع توصيلة شبكة المياه خلف (خرطوش ) اسود تتسرب منه المياه جانب البيت من الخارج ولا اعلم من اين ؟ ؛ أعود للداخل ؛ اتحسس طاقية حمراء تزين راسي لا ادري متي اشتريتها لكنها لا تركب دماغي الا من الجمعة الي الجمعة ؛ اتابع نثار الاحاديث ؛ يخبروني ان بنت قريبتنا فلانة (عقدها) اليوم ؛ اتساءل بحيرة (بت منو) ؛يتطوع احدهم بفرد خارطة نسب مطها من داخل ذاكرته ؛ بعضها بمرشد جغرافي وبعضها بمرشد قصصي مدعم بلغة محترفة في نبش التواريخ والسير ؛ كنت اجلس استمتع اتصنع الفهم ؛ ولم اكن افهم فانصرف للواتس ؛ يلاحقني طفل ضيف لا اعرف من اين حضر ومع من ؛ يلح في امساك هاتفي ؛ ارده بظرف اخرق وتملق اجتهدت ان يبدو لطيفا ؛ الطفل الملحاح ينوء او يموء ؛ احد سيدات المنزل تراقبني ثم تلفتت لبعض شأنها عني فاكشر في وجه ضيفي الغرير بقسوة تجعله يطلب السلامة بعيدا عني ؛ اراجع بعض الرسائل ؛ اجد معظمها مملا ؛ اعبرها عدوا ؛ افكر في النوم ثم اصرف الخاطرة لكثافة الحركة وتكرار النداء باسمي ؛ والملاحقة المستمرة (قوم ) و(زح ) وتكامل الامر بفعل الامر (امسك) و(هات) ! حاولت الجلوس امام التلفاز فوحدت رهطا من الصغار احتلت عليهم للسماح لي بخمس دقائق للاخبار ولم افلح ؛ حاولت رشوة كبيرهم فقبل لكنه انصرف وترك لي بقيتهم ينظرون نحوي مثل سباع المت بضحية ! تسللت للمطبخ ؛ وقفت مثل مفتش صحة ؛ كان تشتت المواعين وازيز ارتجاج انية الطبخ يفسر انه اليوم الوطني للاكل ؛ تحالف اعطار ماتعة بين البصل والزيت و(الشرموط) اردشني الي ان هناك وجبات ذات نكهة سترد عني اليوم بؤس (فول)المكتب الذي يعده المراسلة للزملاء افطارا او وجبة الغداء التي عنده كأنما يعدها طباخ في معسكر للنازية حسب ما تصف الكتب اعطاب تلك الوجبات ؛ العم النور يوميا يكرمنا بوجبات تؤهل المرء لطلب اللجوء الغذائي
واصلت تفتيشي فرايت في جانب قصي (بوخ)يتصاعد ؛ كشفت الاناء عن (عصيدة) منحوتة باضلاع رسم تركه الاناء الذي صبت فيه قبل التماسك وقبل ان تجمد ؛ عدت للخلف فلمحت (طرقات) كسرة ؛ ضحكت ثم تبسمت ؛ وخرجت اطارد سيدات المنزل للتعجيل بالافطار ؛ نداء زجرت بسببه ؛ بتهمة العجلة ؛ خرجت جلست في وسط الجلبة الاسرية ؛ عدت لثرثرات نتائج الامتحانات ؛ راجعني احدهم في اجراءات هجرة قلت باختصار اللع يهون ولم افصل ؛ اندمج الحضور في نشرات الوفيات والزيجات وشي قليل من سدر الغيبة فامتعضت ملامح وجهي ليعيدوا الحديث الي غلاء العيش والمعيشة وبعض استفسارات عن الواصلين من الخارج لاجل رمضان والعيد ؛ قلت (اولاد الزين جايين ؟ ) واردفت (احمد في المدينة المنورة ما اظنو يجي ) كنت في كل هذه الاحاديث اتابع بشرود ؛ وحسد يلمع ويبرق داخلي ملتمعا ؛ هل سابقنا الدنيا وسبقتنا حتي بات المرء خارج اطار التواصل بهذا القدر ؛ بالاجمال فان يوم الجمعة فيما يبدو هو اصرة للرحم ؛ للجفاة امثالي … جمعة مباركة وليحفظ الله هذه الساعات ويمدها بالخير والصالحات ..قولا وعملا.

الخرطوم: محمد حامد جمعة