مقالات متنوعة

مؤمن الغالى : رسالة من تحت المساء ..


إلى مؤمن الغالي
اجتاحتني رفات نشوة ممراحة واحتشدت في غرفات قلبي الأربع، دفقات عطر الربيع قبل أن يأتي الربيع.. شرقت عيني بدموع الفرح الأثير وأنا أطالع الكلمات الشاهقات التي خطها قلم ذاك الفتي الحنطي الوشاح.. الأستاذ مؤمن الغالي في زاويته (شمس المشارق) بعروستنا (آخر لحظة).. كلمات تتشاهق إلي زحل، وطعمها أحلى من عسل النحل.. جاءت كلمات الأستاذ الغالي مضمخة بعطر الإشادة بما كتبته أنا عن مارد الإبداع الفنان ابوعركي البخيت، على أثر (المصالحة الفنية) التي تمت بينه وبين الوسائط الإعلامية وخاصة التلفزيون القومي وبذلك انقشعت سحابات القطيعة التي تلبدت ودامت ماينيف عن العشرين عاماً قضاها مارد الإبداع الفنان ابوعركي البخيت في (بيات ظلامي) بعيداً عن (بلاتوه) التلفزيون.. بعيداً.. بعيداً وراء شمس الكرستال، ولكن (المارد) ظل مارداً رغم أي شيء وكل شيء، ولم يستكن لعتمة ما وراء الشمس، وإنما خرج من اطلع الشمس وأصبح هو نفسه شمساً تدور حوله النجوم والكواكب التي تزين بلاط صاحبة الجلالة التي أوفت وماخانت، وكان في مقدمة بهو صاحبة الجلالة القلم الذهبي الغالي.. مؤمن الغالي الذي نسج من خيوط أشعة (شمس المشارق) حلة وفاء زاهية لصديق عمره العتيد أبوعركي البخيت، وتقديراً لهذا الوفاء وتلك الكلمات الشاهقات حول ماكتبته أنا عن ابوعركي البخيت، كان لي وبشيء يغلب عليه طابع الانبهار أن أكتب إلى مؤمن الغالي(رسالة من تحت المساء)، ولأن المساء في بلدي مترف بالعطر، والمطر، والغناء، والسهر، وفراديس النيل، وترانيم الخليل، هكذا اخترت المساء لتصل إليك رسالتي من تحته وليس من فوقه، حتى لايلتقطها ملاح تائه وتتوه معه في المدى..كلماتك ياغالي التي جاءت بعنوان (كلمات إلي ابوعركي البخيت) في عمودك المترف النبيل (شمس المشارق) بعروستنا(آخر لحظة)، أضافت إلى كرويات الدم البيضاء والحمراء في مضائق شراييني كرة لازوردية ثالثة جمعت بين البياض والحمرة.. بياض قلبك النظيف الذي لم يلوث بيئته(عكر)هذا الزمن الصعب.. فكتبت ياغالي كلماتك الغوالي تشيد فيها بكلمات زميل تمهرجت كلماته بالصدق حيال مارد الإبداع ابوعركي البخيت، فقلت ياغالي وبالصدق كله.. سبب آخر منعني من الكتابة هو ماسطره الأستاذ حسن الحميدي على صفحات آخر لحظة بعنوان.. هدية العيد.. ابوعركي البخيت وقلت وأنت توجه القول ل(ابوعركي البخيت).. إن كلمات ذاك المقال.. قد أشبعتني حد التخمة وارتويت حد(الشرقة) وانتشيت حد الذهول.. وهو يكتب نيابة عني.. نيابة عن جمهورك.. بل حتى نيابة عن الوطن.. كان ذاك المقال هو لسان حالي وحال كل من سهر يومها معك.. وأنت تشدو.. سهرنا الليل وكملناه في ظلال عينيك النعسانة.. سألت نفسي..(طيب بعد كده أكتب شنو؟) ولجأت بل ركضت مسرعاً إلى خيمة عنترة وهو يخطب.. هل غادر الشعراء من متردم.. وعنترنا ياعركي كان هو حسن الحميدي الذي لم يترك لنا بوصة واحدة (فاضية) في ديباجته البديعة لنضع فيها توقيعنا.. انتهت ياغالي كلماتك الغوالي وقد قصمت بها ظهري وأنهتك عمودي الفقري، وأنا أطالع عمودك، فكيف ياغالي امشي بلا ظهر وارقص بلا ساق، وقد أطربتني كلماتك حتى العمق العاشر، وما كان لي غير أن اتكئ على قلمي لأكتب لك ياغالي بنفس لون حبر كلماتك الغوالي، ويقيني أن كلماتك هذه قد أشعلت مصابيح الفرح في عتمة الأماسي الزرقاء التي عاشها مارد الابداع ابوعركي البخيت خلال(بياته الظلامي) وهو بعيد عن الوسائط الإعلامية الذي أجبر عليه (بفعل فاعل) الى أن تمت (المصالحة الفنية) بينه وبين تلك الوسائط، وكما قلت آنفاً إن (المارد) ظل مارداً رغم كل شيء وأي شيء ولم يستكن لعتمة ما وراء الشمس، وإنما أصبح هو نفسه شمساً تدور حوله الكواكب والنجوم، وماكان أبداً (نجماً بعيداً) يتشاهق اليه الصحفي والإعلامي الكبير الزميل الأستاذ نجيب نور الدين، ويستضيفه في برنامجه الإذاعي الناجح المسموع (نجوم بعيدة)، وخلال الحوار يعيد ذاك النجم الى الذواكر، الذي هو في الظن بعيداً ولكنه لم يكن أبداً.. أبداً بعيداً عن جمهوره ومحبيه ومعجبيه ومن ثم ينتفي ظن البعد، واذكر أن (نجيب) كان قد استضاف ذات مرة الصحفية الرائعة الزميلة الأستاذة آمال عباس التي اشتهرت في الزمن (العاجي) ب (الزرافة الشرسة) نسبة لقوة شخصيتها وقامتها الفارهة قالت (آمال): لنجيب أنا لست واحدة من (نجوم بعيدة).. أنا نجمة حاضرة ولازال قلمي ينبض بالدفء والحياة، وبما أن مارد الابداع ابوعركي البخيت ظل نجماً متألقاً على امتداد زمن فات وزمن جايي وزمن لسه.. زمن موشح بالعطر والشعر وضوء القمر، فاسمعي يا (جارة) يا (روضة) القمر.. أمامك شهقه العمر باستضافة (المارد) في برنامجك الإذاعي الأخضر (منازل القمر) فالمارد الذي خرج من قمقمه لن يعود مرة أخرى الى (ظلامية) الحفر وهل يخفى الخبر في منازل (القمر) أو تسمعين ياجارة العطر.. ياروضة الشعر وحدائق القمر
حسن الحميدي