مزمل ابو القاسم

الوسطاء يمتنعون


* نقول لكل من نشطوا سعياً إلى التوفيق بين (اليوم التالي) ود. مأمون حميدة، وزير الصحة بولاية الخرطوم، إن هذه القضية لا تقبل الجودية. * نشرت الصحيفة تحقيقاً مخدوماً بعناية، وعززته بمستندات صادرة من جهات رسمية، لتثبت أن الوزير المذكور استغل سلطته لتمييز مؤسساته، ومارس أسوأ أنواع المحسوبية وتضارب المصالح، وازدرى توصيات المراجع العام، بالالتفاف عليها، ورفض تنفيذها. * الأسوأ من ذلك أن وزارة حميدة تعاملت مع تقرير المراجع الذي رصد المخالفات التي ارتكبتها جامعة مأمون حميدة في عقد إدارتها للمستشفى الأكاديمي، بنهجٍ مريب، استهدف (دفن) القضية، بتقديم بلاغ صوري لنيابة المال العام، لم يبلغ القضاء، لأن النيابة لم تحقق فيه مع المراجع القومي حتى اللحظة، مع أنه استند إلى تقرير أصدره المراجع القومي قبل أكثر من عامين. * قصدت وزارة مأمون حميدة أن تخفي الحقيقة، عندما تعمدت نشر رد مديرها العام السابق على المراجع القومي (بإعلان مدفوع القيمة)، من دون أن تنشر تعقيب المراجع عليه، ورفضه لما جاء فيه. * الاتهامات الواردة في تحقيق (الزلزال) لا تقبل التعامل معها بفقه (الجودية). * ما نسبته (اليوم التالي) للوزير لا يمكن أن يدفن بجلسة مصالحة تتم في غرفة مغلقة. * لو فعلنا ذلك ينبغي أن نحظر من ممارسة العمل الصحافي إلى الأبد. * ولو قبل الوزير ذلك يجب أن يطرد من منصبه حالاً، ويحال إلى المحاكمة فوراً. * نحن لم نختلف مع حميدة في أمرٍ شخصي، ولم ندخل معه في بيعٍ أو شراء، ولم يجمعنا به أي عمل تجاري، ولم نتضرر من تسنمه لمنصبه الحالي، لأننا لا نمتلك استثمارات في المجال الصحي مثله، لندخل معه في منافسة تجعلنا نترصده، أو نسعى إلى إبعاده من المنصب. * أنا لم أتعامل مع د. مأمون حميدة في شأنٍ شخصي بتاتاً، ولم أقابله وجهاً لوجه مطلقاً. * لو طوينا أوراقنا، وخبأنا مستنداتنا، ورضينا أن نوقف نشر (الزلزال) بعد جلسة مصالحة مع الوزير فلن يحترمنا قراؤنا، وسنفقد أهليتنا لممارسة مهنة مقدسة، يعتبرها كثيرون ضمير الأمة، ومرآة المجتمع. * ذهب د. مأمون حميدة إلى القضاء شاكياً، بعد نشرنا نحن بعض ما لدينا، وطالبنا وزير العدل، ووالي الخرطوم، ونيابة المال العام، والمجلس التشريعي لولاية الخرطوم التحقيق فيه. * نحفظ للسلطة أنها لم تتدخل لوقف نشر هذا التحقيق (المزلزل) مطلقاً. * لم تتصل بنا أي جهة رسمية لتوقف النشر، لا رجاءً ولا أمراً. * لا وزارة الإعلام، لا جهاز الأمن، لا مجلس الصحافة، ولا أي جهة حكومية، حاولت منعنا من نشر التحقيق. * حتى نيابة الصحافة، تعاملت بعدالة ومسؤولية مع طلب وقف النشر الذي قدمه الوزير، ورفضت الاستجابة له، وباشرت تحرياتها معنا، قبل أن تحول بلاغ الوزير إلى المحكمة، ونستأنف نحن قرارها، ليقيننا بأننا نشرنا معلومات صحيحة، ومسنودة بتقارير رسمية، لا يتطرق إليها الشك، ولا يمكن الطعن فيها بالتزوير. * المحزن في الأمر أن كل مناشداتنا لوزير العدل للتحقيق في ما نسبناه للوزير راحت هباءً منثوراً، وصادفت صمتاً غريباً، لا يليق بوزارة أقدم وزيرها على مطالبة كل من يمتلك مستنداتٍ تثبت حدوث فساد في أي مؤسسة حكومية أن يتقدم بها، والتزم بالتقصي عنها. * الأكثر إثارةً للحزن أننا تعرضنا إلى شتائم مقذعة، واتهامات قبيحة، نشرت في صحيفة (التغيير) المملوكة لمأمون حميدة، وبثت في إذاعته الطبية، التي خصصت مساحة مقدرة من زمن بثها لشتمنا، على حساب مهمتها الأساسية، كإذاعة متخصصة في الشأن الطبي. * نحن نسأل القائمين على وزارة الإعلام، وهيئة البث الفضائي التابعة لها: هل يجوز استخدام الإذاعات الخاصة للاقتصاص للنفس والمخدم، والإساءة للآخرين، والخوض في أعراضهم، وشتم أبنائهم وأمهاتهم كما حدث لي وللزميل محمد عبد القادر، وحرائر (اليوم التالي)؟ * رد فعل المدافعين عن الوزير المستثمر شابه غضب أرعن، وتوتر شديد، وانفعال غير محسوب، أكد لنا أننا لمسنا عصباً حساساً عندهم. * لن نجاريهم، وسنواصل النشر حتى يعود المال العام الذي أهدره الوزير إلى خزانة الدولة، وتختفي كل مظاهر الفساد واستغلال النفوذ والمحسوبية وتضارب المصالح، التي مارسها الوزير مأمون حميدة في وزارة الصحة بولاية الخرطوم. * سنكتب حتى يعود المستشفى الأكاديمي إلى حضن وزارة الصحة، كما أوصى المراجع القومي، ونكتب حتى يخرج الوزير المستثمر من الوزارة غير مأسوفٍ عليه، ويحاسب على ما اقترفته يداه. * لا للوسطاء.. لا للجودية في ما لا يقبل الجودية. * انتهى البيان.