عالمية

السيسي مثير للسخرية وأصبح غير قادر على مواجهة منتقديه


كانت الطاولة دائرية، مما يوحي بأنه يمكن أن يكون هناك حوار، لكن عبدالفتاح السيسي، لم يكن لديه أي نية بالسماح لضيوفه بالحديث، فعلى مدار ساعتين تقريبا في ١٣ إبريل، دافع السيسي عن سياساته أمام عدد من المسؤولين والصحفيين على التليفزيون المصري، وعندما توقف عن الكلام، صفق الجميع، ثم ساد الصمت، حاول أحد السياسيين أن يوجه له سؤالا، لكن السيسي قاطعه قائلا: “أنا لم أعط أحدا الإذن لكي يتحدث”.

كانت تلك مقدمة افتتاحية تقرير في مجلة “إيكونوميست” البريطانية، أمس الجمعة، عن عبدالفتاح السيسي، واصفة إياه بأنه:” لم يعد قادرًا على مواجهة منتقديه”.

وتابع التقرير، لا بد أن السيسي يحلم بأن يحكم الشعب بنفس الطريقة – وقد حاول بالفعل، حيث قام بقمع منظمات المجتمع المدني ومنع التظاهر، لكن الأصوات المنتقدة للسيسي قد بدأت تعلو مؤخرا، وبلغت ذروتها في غضبة جماهيرية ضد قراره بالتنازل عن جزيرتين غير مأهولتين في البحر الأحمر، تيران وصنافير، للسعودية، وقد بدا السيسي مرتبكا بعدما زاد الضغط عليه، فقد ظهر الجنرال السابق الذي عرف بشعبيته مصدوما وغاضبا بعد عصيان الشعب له.

فمثلا في موضوع الجزيرتين: اللتان يدعي السيسي أنهما قد عادتا إلى أصحابهما الحقيقيين، ربما يكون على حق: فقد قامت السعودية بنقل السيادة على الجزيرتين إلى مصر عام ١٩٥٠م خوفا من سيطرة إسرائيل عليهما، لكن عدد قليلا من المصريين يعلم ذلك، وقد تم الإعلان عن عودتهما، بعد شهرين من المحادثات السرية، خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة، معلنا عن استثمارات تقدر بمليارات الدولارات في مصر، وقد اعتبر الكثيرون هذا بيعا للأرض مقابل المال، ومن ثم فهو إهانة للكرامة الوطنية المصرية.

ويقول تقرير الإيكونوميست، يبدو أن رد الفعل العنيف كان مفاجئا للسيسي، الذي سارع مؤيدوه لتبرير أفعاله، ألم يعلم الناس أن السيسي هو حاميهم، وهو الرجل الذي “قد يمحو من على وجه الأرض” أي شخص يمثل تهديدا للدولة، كما قال من قبل؟

لكن هذا لم يجد نفعا، ففي ١٥ أبريل احتشد أكثر من ألف متظاهر وسط القاهرة، في تحد واضح لقانون منع التظاهر، في مواجهة الشرطة.

وكانت هذه هي أكبر تظاهرة منذ تولي السيسي الحكم قبل عامين تقريبا، وبالرغم من أن ما أشعل التظاهرات هو التنازل عن الجزيرتين، إلا أن المتظاهرين قد عبروا عن استيائهم من سياسات السيسي الأخرى، مثل سوء إدارته للإقتصاد وانتهاكات الشرطة.

يقول شادي، وهو أحد المتظاهرين “لقد كنت أتظاهر لعدة أسباب”، الهدف كان واضحا وهو “مطالبة الشعب برحيل النظام”، كما جاء في أحد الهتافات.

لكن حتى الآن، يبدو أن أفعال السيسي مثيرة للسخرية أكثر من الثورة، فهو على سبيل المثال، قد توصل إلى حلول استثنائية للمشاكل الاقتصادية في مصر، مثل اقتراحه على المواطنين أن يرسلوا رسالة نصية ثمنها جنيها واحدا يوميا للحكومة، يقول السيسي إن “علاج” مشاكل مصر بسيط جدا: “لا تستمتعوا لأحد سواي”، بعض المراقبين يشبههونه بالسادات، الرئيس السابق الذي تسامح مع “المعارضة المخلصة”، بينما استنكر “المحرضين والخونة والحاقدين الذين يشوهون صورة بلدهم عن عمد”، وقد اتهم السيسي “الأشرار الموجودين بيننا، والذين يعملون على تشويه إنجازاتنا من خلال نشر الأكاذيب”.

وتعد أكثر مؤسسة يثق بها السيسي هي “الجيش” الذي أتى منه، ومنذ توليه الرئاسة أعطاه السيسي السيطرة الكاملة على المشروعات العملاقة، مثل توسيع قناة السويس، كما مكنه من مزاحمة القطاع الخاص، ويبدو أنه يتوقع نفس الولاء من المواطنين المصريين، يقول خالد داوود، المتحدث باسم تحالف أحزاب المعارضة: “لكننا لسنا جنودا”.

ومن المقرر الحشد لتظاهرة أخرى في ٢٥ أبريل في القاهرة، حيث يبدو النشطاء المصريون، الذين كانوا في حالة سُبات لفترة طويلة، في حالة من النشاط، يقول داوود: “إن شرارة ثورة ٢٥ يناير لا تزال موجودة”، مشيرا إلى الثورة التي أطاحت بحسني مبارك في ٢٠١١م، “وهذا أمر يجب أن يتذكره “السيسي”، لكن الدرس الذي تعلمه السيسي هو أن أي بادرة للمعارضة يجب أن يتم إخمادها سريعا.

رصد


تعليق واحد