الهندي عز الدين

عن (دمج الجرايد) نحدثكم


{إذا كانت الدولة لا تدعم الصحف بـ(ربع جنيه) كما يقول المصريون، بل تأخذ عنها عن يد وهي صاغرة الضرائب والجمارك ورسوم العوائد وأخرى، فلا معنى لأن تترك مهامها الأساسية وتتفرغ عبر مسؤولي إعلامها (الما عارفين حاجة) لطرح أفكار ساذجة بدمج الصحف السياسية كبيرها وصغيرها، ناجحها وكاسدها، مقابل (دعم) كذاك الذي أنعمت به على صحفها، فلم يسمن ولم يغنِ من جوع، وظل الحال على ما كان عليه !!
{من الأفضل أن تركز الحكومة كل اهتمامها على معاش المواطن وتحسين الوضع الاقتصادي للدولة، وأن تعفي كبار موظفيها العاجزين في القطاع الاقتصادي من وزارة المالية إلى بنك السودان وإداراته المختلفة، خاصة المسؤولين عن النقد الأجنبي، وتسريحهم بإحسان، فقد طفح كيلهم وبلغت القلوب الحناجر .
{دمج شنو وكلام فارغ شنو .. أمشوا شوفوا مشاكل البلد الأساسية، مالكم ومال شركات خاصة بتدفع ليكم رسوم المجلس والضرائب من (دم قلبها) دون أدنى مجاملة أو رحمة .
{أما فكرة تحويل الصحف لشركات (مساهمة عامة) فهذا ليس الحل، ولن يختلف توجه الأقلام وآراء أصحابها سواء كتبوا في شركة خاصة أو مساهمة عامة، والدليل أن البعض يهاجم الحكومة – الآن – في صحف مملوكة مائة بالمائة لشركات حكومية، وهي فكرة بائرة أطلقها مسؤول سابق في مجال الصحافة عرف بالحسد، ارتحنا منه وارتاح منه كثيرون، وقد سوق هذا المقترح في إطار غبينته الخاصة وغيرته من بعض الناجحين في هذا القطاع حيث لم يستطع أن يصبح ناشراً أو رئيساً للتحرير رغم خبرته الطويلة غير الممتازة، فأراد أن يصفي كل هذه الشركات (الخاصة) لتصبح شركات مساهمة عامة، تنفيساً عن ما يعتمل في قلبه، وقد وجد – للأسف – من يسمع له من رجال الدولة !!
{لقد عملت في العام 2003 م مديراً للتحرير في صحيفة (الأنباء) وكانت تصدر عن شركة مساهمة عامة، تعاقب على إدارتها عدد من كبار المعروفين في إعلام الدولة، وإني أشهد أنها كانت من أفشل التجارب الإدارية والتحريرية التي عرفتها، حيث أن شركات المساهمات العامة في بلادنا، باستثناء البنوك مؤسسات بلا (وجيع)، المستفيد الأول والأخير فيها هو رئيس مجلس الإدارة والمدير العام يرفلان في نعيمها ويشقى المساهمون !
{واسألوا وزير المالية الأشهر الخبير في الأسواق المالية السيد “عبد الرحيم حمدي” عن وضعية الشركات الخاصة مقابل شركات المساهمة في سوق الخرطوم للأوراق المالية .
{لو كانت الدولة تدعم الصحف سنوياً بـ(جعل) من ميزانيتها كما يحدث في دول الخليج العربي، أو لديها أيادٍ بيضاء عليها بإعفاءات ضريبية وجمركية على الورق ومدخلات الطباعة، وإلغاء ضريبة القيمة المضافة على (الإعلان) ضعيف القيمة وعسير التحصيل، لأمكن أن نفهم تدخل الدولة و(تحشر نخرتها) في شركاتنا التي نقدم عبرها خدمات (مجانية) يومية للدولة وحزبها الحاكم بنشر أخبار قياداتها وتصريحاتهم وصورهم البهية كل يوم .
{ياخي انتو تهانيء ما قادرين ولا عارفين ترسلوها لينا في أعيادنا، لا إعلام (القصر) ولا إعلام (الحزب) ولا إعلام مجلس الوزراء، ولا وزارة الإعلام، ولا إعلام وزارة الخارجية، كتر خير السفير (الكويتي) البعرف قيمة الجرايد (السودانية) أكتر من حكومتنا !!
{شوفوا ليكم شغلة غير الجرايد وأصحابها .. وسيبوها بدون دعم (تحت تحت) لفلان وعلان و … ، أو استهداف لزيد أو عبيد، البقع يقع .. والبقوم يقوم .
{كلها جرايد وطنية مية المية .. وأصحابها كذلك، تختلف القدرات والفطنة والرؤية، لكن الاتجاه كله واحد .. اتجاه الوطن والمواطن.