تحقيقات وتقارير

بعد دعوة رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان للتقشف خفض الانفاق الحكومي.. مطالب غير قابلة للتنفيذ


ظل الاقتصاد يعاني كثيرا من الأزمات في فترات متفاوتة ويستقر بنسب دون الطموح في بعض الأحيان ورغما عن تلك الفترات التي يتحسن فيها إلا أن ذلك التحسن لم يكن ملموسا للمواطن خاصة في حياته المعيشية ومر المواطن ولازال بظرف معيشي خانق بعد انفصال الجنوب وذهاب ثلثي إنتاج النفط من ميزانية الدولة .ومع اتساع الفجوة فشلت كثير من الخطط التي وضعتها وزارة المالية والاقتصاد الوطني للخروج من عنق الأزمة الاقتصادية ولم تفلح سياساتها والتي وصفها الخبراء بالمتخبطة، ومن بين تلك السياسات كانت سياسة التقشف التي أعلنها الوزير وأمس الأول دعا رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان بروف أحمد المجذوب للتقشف ولتقليل صرف الدولة للعملات الأجنية فما جدوى ذلك وما مدى نجاح هذه الدعوة؟.

مطالبة قديمة
المطالبة بخفض نفقات الدولة قديمة وليست آنية فقد تم تضمينها أو النص عليها في البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي 2015_2019م كما ذكر الخبير الاقتصادي دكتور عادل عبدالعزيز الذي تحدث “للصيحة” مضيفا بأن قرارات خفض نفقات الدولة يتم إصدارها بصورة راتبة في السياسات المالية للدولة التي تصدر من خلال مشروع الموازنة كل عام. مشيرا إلى أن خفض الإنفاق الحكومي يشمل عدة محاور في أجهزتها منها نفقات السفر والتقليل من شراء العربات الحكومية والأساسات المكتبية وغيرها.

ضعف إلتزام
ومع تقادمية هذه المطالب إلا أن الواقع يقول إنه لم يظهر أثرا ملموسا على جسد الاقتصاد لخفض ذاك الانفاق!! هذه الحقيقة يؤكدها الخبير الاقتصادي دكتور عادل عبد العزيز والذي يواصل حديثه للصحيفة ويضيف بقوله: (اعتقد أنه وإن نجح هذا التقليل في صرف الدولة لا يكون له تأثير كبير على الموازنة أو الوضع الاقتصادي بصورة عامة) فالتأثير الحقيقي – بحسب عادل – يمكن أن يؤثر على الوضع الاقتصادي من خلال إيقاف الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وذلك عبر نجاح الحوار الوطني والمفاوضات الجارية الآن مع مختلف المكونات السياسية والمسلحة. وما يؤكد ذلك أن تقييم البرنامج الثلاثي في عام 2012 _ 2015 م أشار إلى ضعف الإلتزام بتقليل الإنفاق الحكومي .

لا عائد منها
الرؤية التي أدلى بها الخبير الاقتصادي عادل عبدالعزيز للصحيفة جاءت ملامسة لرؤية وحديث النائب البرلماني المستقل أبوالقاسم برطم عن دائرة دنقلا بالشمالية الذي زاد عليها في حديثه ل”الصيحة” تحميله للبرلمان المسؤولية الكاملة للوضع الاقتصادي السيء مؤكدا أنها دعوة لا عائد منها ومحكوم عليها بالفشل منذ الآن، برطم برر حكمه المسبق هذا إلى أن الجهاز المنوط به حماية حقوق المواطن وضبط الجهاز التنفيذي للدولة ومراقبته لا يحرك ساكنا وهو الذي مرر الميزانية رغم علاتها وحينها قلنا – والحديث للنائب المستقل برطم – إنها لن تصمد ثلاثة أيام وقد كان، فكيف تعتمد الميزانية على الضرائب والجمارك؟ هذا السؤال طرحناه على وزير المالية وردفناه حينها بآخر :ماهي الخطوات التي تمت في الإنتاج؟ فإجازة الميزانية كان الدولار يساوي 9 جنيهات الآن زاد 60% وكذلك الغاز والسكر وغيرها، ويضيف برطم: قبل ذلك الرئيس طلب من النواب أن يعتمدوا على سيارات جياد بدلا عن الاستيراد وأن تكون عربة واحدة بدلا عن اثنين في بلد به تضخم وزاري، وتساءل برطم من نفذ مقترح رئيس الجمهورية، حتى ينفذوا مقترح رئيس اللجنة الاقتصادية، أقول في ختام حديثي إن المجلس الوطني شريك في كل ما يجري من غلاء للمعيشة وضعف اقتصادي وإن كانوا حقيقة حريصون على المواطن فاليبدأوا بأنفسهم كرئيس برلمان ونوابه ورؤساء لجان مساهمة منهم في التخفيف على المواطن بل أرى أن وزير المالية ورئيس البرلمان عجزوا عن القيام بواجبهم لذلك فإن استقالاتهم أفضل.

قرارات صارمة
حقيقة ما وصل إليه سعر صرف الدولار والعُملات الأخرى في مقابل العُملة المحلية يحتاج وقفة بالإضافة إلى غلاء الأسعار في كل السلع الضرورية للمواطن يمكن أن وصفه بالارتفاع المبالغ فيه والحديث للقيادي بالمؤتمر الوطني، دكتور ربيع عبدالعاطي ويرى الحلول تتطلب إغلاق الحدود للحد من تهريب السلع لدول الجوار مضافا إليها ضبط تهريب الذهب فهو الذي يمكن أن يساعد على استقرار سعر صرف الدولار تجاه العُملة الوطنية ومحاربة الأفراد والشركات التي تهربه للخارج وضبط الوجود الأجنبي المخيف الذي يدمر الاقتصاد بتحولاته للخارج وهو وجود غير مفيد لاقتصاد البلد مطالبا في حديثه “للصيحة” بوضع حد للشركات التي تتاجر في السوق السوداء في النقد الأجنبي، منوها إلى أن كل ذلك يتطلب قرارات صارمة من الجهات العليا ومتابعة دقيقة كما ذهب دكتور ربيع للمطالبة للوزراء بالعمل دون مقابل أي (تبرعا) مؤكدا أن هنالك كفاءات غير محتاجة للعمل بمقابل وهي على أتم الاستعداد للقيام بذلك سواء من داخل المؤتمر الوطني أو غيره، عبد العاطي تمنى أن يقوم الدستوريون والوزراء بتنفيذ مقترح رئيس اللجنة الاقتصادية التي نادى بها وزير المالية ورئيس الجمهورية من قبل وهي الحل الأمثل للخروج من الوضع الاقتصادي الخانق حاليا مطالبا كل من يعجز عن ذلك بالتنحي وإتاحة الفرصة لغيره.

تقرير : أبوبكر صالح حميدي
صحيفة الصيحة