الطيب مصطفى

كيف نحافظ على قيم هذه البلاد؟


وهل من شاغل يقض مضجعنا أكبر من أن نحمي هذه البلاد ونحصنها من السوس الذي نراه ينخر في مجتمعات أخرى تردت إلى أسفل سافلين في ميادين القيم وانحطت إلى درك سحيق في عالم الأخلاق؟
عندما أنظر إلى ما تحمله تقنيات الاتصالات ووسائط التواصل الاجتماعي من أفلام إباحية تنسرب بدون إذن منّا إلى هواتفنا ومما يعرض في بعض مقاهي الانترنت التي انتشرت في كل مكان مع رقابة ضعيفة من الجهات المختصة، ثم ما يدخل علينا دورنا وشوارعنا من هجرات أجنبية تفد إلينا بالملايين من تلقاء حدودنا الشرقية والغربية والجنوبية المفتوحة على عدد من الدول بثقافاتها وعاداتها وقيمها المختلفة عن شعبنا المحافظ، أشعر بالخوف الشديد على مستقبل هذه البلاد ليس فقط على أمننا القومي ولا على الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات المياه والكهرباء الشحيحة أصلا ولا على الاقتصاد المتردي فحسب، إنما كذلك على أخلاق هذا الشعب وعلى عاداته وتقاليده الحميدة والتي تشكل هويته المتميزة الضاربة في أعماق التاريخ.
إنه غزو ثقافي وحضاري متعدد الرؤوس ما انفك شياطين الإنس والجن في الداخل والخارج يشنونه علينا أحياناً بقصد إدراجنا في أطرهم الثقافية والحضارية مثلما تفعل امريكا واوروبا من خلال المنظمات الدولية التي يسيطرون عليها والتي تعمل على فرض نمط حياتهم باعتباره الانموذج الذي ينبغي أن يحتذى ومن ذلك مثلا محاولة فرض الشذوذ الجنسي وزواج المثليين وإكراه الأمم الأخرى على التوقيع على اتفاقية سيداو وغير ذلك من السلوك الشائن الذي يتعارض مع كل الأديان وأحياناً من خلال ضعاف النفوس الذين ينشطون للتكسب بأية وسيلة بما في ذلك الاتجار في المخدرات وفي البشر وفي الدعارة وغير ذلك من الممارسات.
من حين لآخر نقرأ عن احصائيات مرعبة تتحدث عن انتشار المخدرات حتى بين طلاب بل وطالبات المدارس الثانوية والجامعات ولم ادهش من تصريح وزير الداخلية الذي قال إن نسبة عالية من سائقي المركبات (مخدرين) مشيراً إلى أن كثيراً من حوادث البصات السفرية في طرق المرور السريع ناتجة عن تعاطي المخدرات بين بعض السائقين.
مدير عام المواصفات الفنية والأدبية بولاية الخرطوم عباس سالم حذر مرتادي مقاهي الانترنت من الدخول على المواقع الإباحية مشيراً ألى أن حملة تفتيشية ستنطلق لكبح تلك المقاهي وأندية المشاهدة ولكن هل هذا يكفي ؟
لن أتعرض في هذه العجالة للمعالجات التي أعلم بعضها مما كنا نفعله عندما كنت في الهيئة القومية للاتصالات ومن ذلك حجب المواقع الإباحية الذي لم يعد بالكفاءة التي كان عليها سيما مع ازدياد وتوسع شبكة الهاتف والإنترنت.
القانون ووسائل إنفاذ القانون هي الكابح الأكبر، ولنا في الغرب بترديه في عالم القيم والأخلاق أسوة، فهم يضيقون على الحريات في مسألة المخدرات والإرهاب، مثلا بالرغم من أنهم اتخذوا قضية الحريات إلهاً يعبد من دون الله وبالتالي فإن علينا أن نعمل على حماية أخلاق شعبنا بسلطان القانون ولا نهتم بضجيج المستلبين ثفافياً ممن يسعون إلى إلغاء قانون النظام العام الذي يحمي أسرنا وأطفالنا وأمتنا.
العجب العجاب أن السلطات الأمنية تضيق ذرعاً بالحريات السياسية لكنها تتسامح في شأن الأخلاق والمعتقدات بالرغم من أن مهمة الحاكم المسلم الأولى أن يحمي الدين ممثلا في قيمه ومبادئه وشرائعه أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
الهجرة الاجنبية التي توشك أن تضيع هويتنا (نبحنا) حولها كثيراً حتى جفت حلوقنا أو كادت ..(كشات) الشرطة في معسكرات اللاجئين الجنوبيين في جبل أولياء وأمبدة وغيرهما من المحليات كشفت عن شرور كثيرة خاصة الخمور البلدية ولكن ماذا تجدي (كشة) كل عدة أشهر ؟
من الصعب السيطرة على الحدود الجنوبية والشرقية والغربية خاصة وأن الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق حيث لا يزال المتمردون يسيطرون على بعض المناطق الحدودية مما يصعب من كبح جماح الهجرة.
(مركزة) أمر التعاطي مع الهجرة الأجنبية بعيداً عن الولايات التي تتفاوت في امكاناتها ودرجة انفعالها يعتبر خطوة إلى الأمام بالرغم من أن الفساد والرشوة تصعب من السيطرة على تسرب اللاجئين إلى الولايات الحدودية ثم إلى الخرطوم التي ينبغي أن يحظر بصورة صارمة دخول اللاجئين إليها بل ويجب أن يهجروا إلى الولايات القريبة من دولتهم.
المسجد يعتبر من أعظم وسائل تحصين الشباب والمجتمع وثقتي فيما يمكن أن ينهض به مجلس الداعية د.عبدالجبار عويشة كبيرة خاصة إذا طبق نظام الخطب النموذجية في صلاة الجمعة والتي طبقت بنجاح تام في وقت سابق من قبل وزارة الأوقاف التي أصبحت للأسف الشديد من وزارات المحاصصات السياسية.
هذا قليل من كثير في شأن ما تنطوي عليه الهجرة الأجنبية وغيرها من المهددات والأخطار على قيم وأخلاق هذا الشعب وعلى هويته الحضارية.