مقالات متنوعة

اشرف عبد العزيز : تأجيل غير معلن للحوار


من الواضح أن هناك كثير من المياه تجري تحت جسر قاعة الصداقة، لاسيما وأنه في الأيام الأخيرة لجسات الحوار الوطني الخاصة بتلخيص المحصلة النهائية لما تم من نقاش حول القضايا الست، برزت تسريبات تشير إلى أن هناك من عبث بالتوصيات التي تتعلق بالحريات وصلاحيات الأجهزة الأمنية.
هذه الأزمة بشأن التوصيات لم تلبث أن انقشعت وسكت (السجاد) عن الكلام المباح بعد أن ملأ الصحف ضجيجاً بحورات تحدثت عن القضية، (المهم) التوصيات وقعت عليها كل عضوية اللجان ووضعت منضدة الأمين العام للحوار الوطني.
وبذلك اكتملت كل الإجراءات التي من شأنها أن تعجل بانعقاد الجمعية العمومية، ولكن فيما يبدو أن الرياح لم تأتِ بما يشتهي السفن (بضم النون أو بالفتحة)، ولذلك هنالك ثمة محاولات لإداراك هذه التوصيات وربما (فلترتها) حتى تكون وفق (مزاج) البعض وهم معروفون.
ساعد على تخدير الوضع الحالي والسير ببطء نحو الجمعية العمومية التوقيع الأخير على خارطة الطريق مع الوساطة الأفريقية برئاسة أمبيكي في أديس أبابا، ما جعل كثير من الوسطاء الغربيين يتحركون لإقناع الحكومة بتأجيل الحوار لحين إقناع قوى نداء السودان الرافضة على التوقيع بالانخراط في الحوار.
وكعادته وجد الحزب الحاكم ضالته ليعود لسياسة يتقنها وهي مسألة اللعب بالوقت على كل الأطراف حتى يحافظ على حكمه، خاصة وأن (صقور) النظام يرون أنه حقق انتصارات على الصعيد العسكري ما قوى شوكتهم، ولذلك الأوان ليس لتقديم تنازلات في جميع الأصعدة.
ولذلك تقديراتهم انبنت بأن تساوى مسألة التوصيات لصالح الحزب الحاكم ليكون الحوار فصل على مقياسه لا مقياس الآخرين ونجح في إيجاد زخم من شأنه أن يعيد له هيبته الجماهيرية المفقودة ويقوي الجبهة الداخلية على طريقته، ووضح جلياً تمكن الحزب الحاكم من تسيير دفة الحوار الداخلي، فحتى الاجتماعات الراتبة لآلية الحوار رهينة ببرنامج مساعد الرئيس ونائبه بالوطني للشؤون السياسية والتنظيمية، في حين أنه أثناء المداولات كان الدكتور فيصل حسن إبراهيم يمثله في غيابه، إذاً فالتعقيد مطلوب في هذه المرحلة وإلا فما سبب ربط الاجتماعات بحضور إبراهيم محمود ولمَ لا تلتزم الأمانة العامة بتفويضها الذي منحته لها خارطة الطريق وأصبحت في كل اجتماع تطالب بتفويض جديد لماذا؟
ما يفهم من تجديد التفويض هو أن الأمانة العامة تريد لعب دور آلية الحوار الحقيقي وتغييبها، وهذا يحولها من آلية محايدة ضمن آليات الحوار الوطني إلى آلية منحازة أو قد تستطيع جهة ما التأثير عليها، خاصة وأن الأمانة العامة ما زالت تصرف كل مخصصاتها على (داير المليم) من مجلس الوزراء، وقبل أيام صرح قيادي بالحزب الحاكم أن هناك مؤثرين بداخله يرفضون خطوات الإصلاح عبر الحوار الوطني وهذا أمر (مخيف) وقد يفسر لماذا هناك تأجيل غير معلن للجمعية العمومية؟.