مقالات متنوعة

د. جاسم المطوع : (19) سؤالا لحماية شبابنا!


(فهم الدين فهما صحيحا، الاهتمام بالمنطق ومعرفة طرق التفكير، الوعي السياسي، المشاركة بالتنمية المجتمعية، معرفة من هو العدو الأول، وتأهيل الوالدين تربويا)، فهذه (6) مفاهيم وأفكار لو حولناها لبرامج عمل وورشات وتدريب، وأسسنا لها مؤسسات تدير وتنفذ برامج شبابية لحفظنا شبابنا من الانحراف الفكري والديني والسلوكي.

أما فهم الدين، فهناك الكثير من الأسئلة التي لابد من الإجابة عنها وهي: إن الدين متين، ولكن ما الذي ينبغي أن نوصله للشباب؟ وكيف نوصله لهم بطريقة تتناسب مع اهتمامهم؟ وكيف نضمن تفاعلهم مع البرامج؟ وما هي البرامج المرافقة لتفعيل المبادئ الدينية، فتكون جزءا من سلوكهم اليومي؟ وما هو دور الأسرة والمدرسة والقطاع الخاص والعام ومؤسسات المجتمع المدني في ذلك؟ وهل خبراء الشريعة والعلماء لديهم القدرة على توصيل الدين للشباب بلغة يفهمها ويستوعبها الشباب؟ وهل يقبل الشباب الدين من العلماء؟ وكيف نسهل الدين ونبسط مفاهيمه، لتكون في متناول الشباب ويشعرون أن الدين سهل ويسير؟

أما الاهتمام بالمنطق فاليوم صار ضروريا، لأن موجات الإلحاد كثرت، وأفكار عباد الشيطان انتشرت، والجماعات المتطرفة صارت مدعومة بالمال والسلاح والإعلام، فهل لشبابنا القدرة على نقد الأفكار التي تطرح عليهم؟ وهل يعرفون الحيل والألعاب العقلية في تزيين الباطل؟ وهل لديهم الوعي بمعرفة الخدع الإعلامية في تكبير الصغير وتصغير الكبير؟ وهل لديهم منهج عقلي مثل ما عمل علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- عندما عرضت عليه قضية رجل ضرب عين آخر فأتلفها، فأراد أن يقيس كم نسبة التلف بالعين حتى يحكم على الجاني بالتعويض، فابتكر آلة قياس وهي بيضة خط عليها خطوطا سوداء وكان يبعدها عن المصاب قليلا قليلا ليقيس قوة النظر ووضوحه، فيعرف نسبة الضرر في عينه مقارنة ببيضة أخرى وضعها على مسافة العين الصحيحة ليعرف الفرق، فهل يملك شبابنا هذه القدرة في حل المشاكل والتحليل والتفكير والإبداع؟

أما الوعي السياسي للشباب فهل لدينا مراكز ومعاهد تدرب الشباب سياسيا ليفهموا ما يدور حولهم؟ ويتعلموا حيل استغلال القوي للضعيف، وأساليب القمع والاستبداد بلغة رقيقة؟ وفهم المتغيرات السياسية العالمية وأثرها على حياة الشاب؟ وأذكر أني درست في كلية الحقوق أن السلطات ثلاث، تشريعية وتنفيذية وقضائية، وأن الدكتور قال لنا والصحافة هي السلطة الرابعة، ولكن اليوم الوضع السياسي اختلف، فقد ظهرت سلطات جديدة لم ندرسها ولكننا عشناها ورأيناها، مثل سلطة المال وسلطة التكنولوجيا والشبكات الاجتماعية وسلطة الإعلام، وحتى الشباب والنساء صاروا سلطة، والشواهد خلال العشرين السنة الماضية تثبت أن هذه السلطات الجديدة لديها القدرة على تغيير الأنظمة والأفكار، وأخيرا سلطة ملك الملوك جل علاه، وسننه الكونية في نصرة الحق وزهق الباطل ولو بعد حين، فهل علمنا شبابنا المؤثرات السياسية وكيفية التعامل معها؟

أما المشاركة بالتنمية المجتمعية، فهي التي تجعل الشباب يستثمرون طاقاتهم وأوقاتهم بما ينفعهم، فهل وفرنا لهم مؤسسات تدعم هواياتهم ومواهبهم؟ وهل هيأنا لهم أماكن ومواقع يحولون فيها أفكارهم لبرامج ومبادرات ومشاريع؟ وهل لدينا برامج لتشجيع الشباب في المجال الفني والرياضي والديني والإعلامي والعلمي والتكنولوجي وما يحبون؟ فنحن مجتمعات شبابية، ولو أحسنا إدارة الطاقة الشبابية، من خلال العمل التطوعي والخيري أو التجاري، لحققنا نتائج عظيمة.

أما من هو عدو الشباب الأول؟ فالجواب عليه سهل، وهو إبليس عدو البشرية كلها، ولكن هل يعرف شبابنا هذه المعلومة؟ وهل تعرفوا على صفاته وحيله وأفكاره وألاعيبه؟ وهل عرفوا مهاراته في غواية بني آدم من خلال أفكاره ووساوسه، أو من خلال تحريك الشهوات بالميل للخمر والمخدرات والمحرمات؟ وهل لدينا مؤسسات ومعاهد تعرف الشباب بحيل إبليس وألاعيبه؟

أما تأهيل الوالدين وتدريبهم في كيفية التعامل مع الشباب ليكونوا سببا في حفظهم وعدم انحرافهم وتمردهم، فهذه من أخطر المسائل التي سنفرد لها مقالا خاصا بإذن الله، فقد كتبت في هذا المقال 19 سؤالا، لو أحسنا الإجابة عنها عمليا وليس قوليا، لساهمنا في حماية شبابنا وحفظهم من الانحراف الفكري والسلوكي.