مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي : معليش سأخجل أنا


أشد ما يؤلم النفس،أن الحكومة ليس لها أية حساسية تجاه عمل مسؤوليها بالتجارة،ولا يغضبها أن ترى مسؤوليها يمارسون هذا النشاط الخاص على أوسع نطاق، فيجمعون في آن واحد بين الوزارة والتجارة والشطارة،ومن فرط صمتها المخجل حسبناها تبارك وتعين على ذلك..!! المتابع للنشاط التجاري الخاص للوزراء والمسؤولين، يلحظ أن هذه الممارسة كانت تحاط بسياج من التكتم والسرية والحياء ،بل يتردد أن بعض المسؤولين يمارسون هذا النشاط ويديرونه بواسطة الأقارب والأبناء والأصهار،نظراً لأنه نشاط مخالف للقانون، وأما الآن فلا سياج ولا كتمان، اللهم بارك وزد..
حتى وقت قريب كان بعض الوزراء والمسؤولين يخفون نشاطهم التجاري وشركاتهم الإستثمارية، لأن هذا النشاط يعد صورة من صور الفساد والتجاوزات التي يعاقب عليها قانون الخدمة المدنية،لذلك يعملون في الخفاء من وراء القانون،إلى أن جاء والي الخرطوم ، وزير الزراعة السابق الدكتور عبد الحليم المتعافي وبقوة عين يحسد عليها ،أعلن أنه يمارس نشاطاً تجارياً لن يتركه ولن يتخلى عنه ،وواصل الرجل في الجمع بين الوزارة والتجارة،ولم يستنكر عليه أحد ولم يحاسبه أحد ولم يقل له أحد “تلت التلاتة كم” ،وبعد ذلك تهاونت الحكومة مع هذه المخالفة الخطيرة، وتصالحت معها واختلط الحابل بالنابل، لذلك لا يستطيع أحد اليوم أن يحاسب أحد ويمنعه من ممارسة أي نشاط تجاري خاص ينعم بالتسهيلات والإمتيازات، والذي يثير هذه المخالفة،وهذا النشاط الفاسد سيتهم بالحقد والحسد أو ربما بالعمالة والإرتزاق واستهداف المشروع..
حديث المتعافي وقتذاك كان بمثابة الرخصة التي تلقفها الجميع بنهم وشغف، فالذي كان يمارس نشاطاً تجارياً في الخفاء جهر به ووسع فيه،وكان حديث المتعافي في تقديرنا دافعاً لتوسع الرسميين في العمل التجاري الخاص ،وكان ذلك نقطة تحول كبرى في ممارسة المسؤولين الحكوميين نشاطاتهم التجارية واستثماراتهم الخاصة حيث تحول من نشاط غير معلن ومخالف للقانون لما فيه من شبهة فساد واستغلال النفوذ،إلى ممارسة تجارية عادية يحظى أصحابها بالتسهيلات والإمتيازات..
بعد النقلة الكبرى المشار إليها في هذا النشاط الإجرامي عقب مجاهرة المتعافي بذلك السوء، رأينا كم أضحى الأمر “عادياً ” يباهى ويفاخر به حتى في الصحف ،ويسمونه “نجاحا” والذين ينتقدونه ويتحدثون عن مخالفة هذا النشاط الهدام للقانون ولقيم ومباديء العدل يسمونهم “أعداء النجاح” ،إذن فاكتب أيها التأريخ أننا ألد أعداء هذا “النجاح”…اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله،وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين..