جمال علي حسن

حلايب.. لعبة المخابرات


صدقوني أن كل هذه الضجة الإسفيرية والحملة الإعلامية الاستفزازية للسودان والتي يحاولون التحشيد والتعبئة لها داخل مصر في موضوع حلايب هذه الأيام تقف خلفها المخابرات المصرية التي تريد أن تحقق بها بعض الأهداف الداخلية أهمها محاولة توحيد الساحة الداخلية المصرية المنقسمة في موقفها بل المنفضة من حول النظام المصري وقيادته الحالية خاصة أولئك الذين كانوا قد أيدوا السيسي في بداية الأمر ودعموا مشروع إسقاط الرئيس السابق مرسي وحكم الإخوان ثم فوجئوا بعد ذلك بسلطة فاشلة ضعيفة غير قادرة على توفير الأمن الداخلي أو لقمة العيش للمصريين فعبروا عن استيائهم من سياسات السيسي ورفعوا أياديهم عن مناصرته..
مثل هؤلاء لا سبيل لاستقطابهم من جديد إلا بافتعال قضية يمكن أن تجتذب مواقف الكثير منهم ومن المصريين الذين يعتبرون أن التمسك باحتلال مصر لحلايب السودانية هو تمسك بأرض مصرية وعدم تفريط فيها يشكر عليه السيسي.. تلك هي المحركات العاطفية التي من الطبيعي أنها تجد إشادة بها من كثير من المواطن المصريين الذين تم تضليلهم وتزوير التاريخ الذي يدرسونه لهم بالزعم أن هذه المنطقة المتنازع عليها بين مصر والسودان هي أرض مصرية يريد السودان أن يستولى عليها..
المخابرات المصرية تنظر لمكسب التحشيد والالتفاف حول السيسي على أنه هو الأهم الآن، والذي قد يحققه نسبياً ومؤقتاً تصعيدهم غير المبرر لملف حلايب المحتلة في حين أن الوضع الطبيعي أن يأتي التصعيد من جانب الدولة المتضررة حالياً والتي تفقد السيطرة على أرض حلايب وهي السودان وليس العكس .
لكن السودان يستعين بأطول حبال الصبر على هذا الأذى وهذا الاستفزاز الذي تمارسه تلك الدوائر ويؤكد ألف مرة فعلاً وقولاً أنه غير راغب في خوض حرب مع مصر حول موضوع حلايب.. وهذا موقف – بمعايير الحكمة السياسية – منضبط إلى أبعد حد .
مع أنه وبكل تأكيد لو قدر الله أن يفقد السودان صبره أو يتعاطى بنفس اللغة التصعيدية مع مصر ويمضي في اتجاه المواجهة فإن الحكومة السودانية لن تخسر شيئاً بل ربما تكسب سياسياً بنفس المنطق والمنطلق الذي تنطلق منه حملات المخابرات المصرية وتكسب تأييداً واستقطاباً داخلياً كبيراً جداً والتفافا حولها، خاصة وأن الحيثيات الموثقة والمواقف المرصودة للبلدين الآن تجعل السودان أكثر موضوعية في موقفه ومطالبه من مصر .
فالسودان صاحب الحق في الأرض لم يحاول اللجوء لأي مستوى من مستويات المواجهة مع مصر ولم يقم حتى بالتهديد بأنه سيواجه مصر عسكرياً حول حلايب.. إطلاقاً لم يصدر مثل هذا التصريح أو التهديد لا صراحة ولا ضمناً بل كل المطلوب هو اللجوء إلى التحكيم الدولي الذي يجب أن يحرص عليه صاحب الحق الواثق من حقه ولا يتهرب منه إلا الطرف الواثق أيضاً أنه سيخسر موقف القضاء الدولي لأنه ببساطة لا يملك حقاً .
على من يسعون لدعم تعنت النظام المصري وامتناعه عن اتخاذ الموقف الطبيعي والسليم بالموافقة على الاحتكام الدولي أولئك الذين يحاولون الآن اللعب بالنار وإشعال الفتنة وتهديد السودان أو ابتزازه بحملات شعبية و(استهبالية) و(استخبارية) مثل هؤلاء من قصار القامة وقصيري النظر ينظرون فقط لأهداف وقتية ولحظية قد يحققونها بالفعل لكنهم بالتأكيد سينسفون بهذا التصعيد في منتهاه ما تبقى من أمن واستقرار في مصر ويخاطرون بمستقبل بلدهم بشكل كامل ..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.


تعليق واحد

  1. المشكلة مش في حلايب دي قضية واضحة وستحل عاجلا ام اجلا
    المشكلة فيما يسمى بالحريات الاربعة والحكومة السودانية تركض وراء هذا الموضوع من سنين ولا ادري ما هي الفائدة في ذلك و هولاء قوم لا يطيقوننا وشوية التطبيل الكان حاصل لينا منهم خلص مع سد النهضة اعطيناهم ارضنا للسد العالي ودعمناهم حينما لم يرضى بهم احد لماذا الركض وراء السراب خلو عندكم كرامة واتعاملوا معاهم جار لجار كفاية شنو العاجبكم فيهم ركزوا على حلايب وشوفوا كيف تستفيدوا من الارض المغمورة بمياه السد العالي ما اجوا بكر كمان اقولوا بحيرة السد كلها مصرية