أ.د. معز عمر بخيت

دُخَان من الصمت والسكون


راحلٌ إليك عبر أذرع الدُخَان ..
خارجٌ من اللهيب.. ساطعٌ
على رصيف شارع الزمان
عيونك الوضيئة الرؤى نضيرة البيان
نقية كأنها الصفاء في رحيق أقحوان
ما أعمق الصحائف التي
رويت في لقائها قضيتي
ووجهة الحديث والأمان
وتطلبين أن أغيب يا حبيبتي
لعلها الأماني التي
أخاف أن يتوه فوق وعدها المكان
لعلها ثوابت الرجاء تستغيث
في قوائم الصعود من مزالق الهوان
أراك في رمال بيتنا
دعائم من الوفاق تستحم في مياه عرسنا
وتستبيح شوقنا قصيدة
سمت بأنضر السوالف امتنان
أراك ليتني وهبت قوّتي
لأول الحقيقة التي خشيت أن تعود
في مهبة الضياع ..
فعدت مالئاً صمودي الجديد التياع
لا تهربي من التقاء نجمتي
فوحدتي تعلمت عناق كفة المسافة
الطويلة الذراع
وأتقنت تقبل الأنين في خواطر الوداع
وأدركت هروب وجهك الجميل
حين يسطع الشعاع
فكيف يا حبيبتي
أراك في عيون ما أحب غاضبة ..
وشاحبة ..
كنخلة من البعيد تستعيد في بكائها
لواعج الفراق ..
ما أجمل الوعود حين تستريح في الدنا
مشاعر العناق
عصفورة أراك ترحلين خلف خرطة المدى
والصمت في سكونك الطويل يرقب الصدى
فتولدين في تذكُّري فرَحْ ..
أنيقة كطفلة تعود من
زمان صحوي المبارك المرح
ولا تجيء مرتين
أو تحاول الوثوب فوق أبحر اللُّجين
أو تقيم في عميق سندس الربيع
طائر الروائع التي بحبها صدح ..
وحين ماج لون رسمك البديع
شكّلت مداخل الضياء ارتقاء قوسه
محابر تجيء من قُزح ..
وحين اقتربت من حديقة الهوى
تشتت النوى
تعلم الزمان معنى أن يبوح يبتسم
وصار للحياة طعم عشقك الوديع
سابحاً بقمة الهرم
فهم باحتوائك الأمل
تحولت لغاة حبنا لمحفل بثغرك اكتمل
وفي سبيل لحظة بحضرة الصفاء
في وجودك الذي تحولت
قصائد الجَمال في حضوره خُصل
تمدد الحريق فوق بحره فذاب وارتحل
إليك قد لغيت كل ما تكوّنت
حوائط الكيان في زمانها البعيد تنتظر
تدفق الغيوم فوق سرمد العوالم الوليدة المطر
في سدرة النهى
وزهرة الرواء منتهى
إليك قد حضر
النيل والأصيل والعبير والشجر
فمعذرة..
إذا مددت للغصون هامة الشجون أبحرا
ومعذرة ..
إذا طرقت باب بيتك الوليف دونما حذر ..
لأنني حضرت زائراً إليك
أقصد السلام في مدينتي
وأحمل الظلام في دواخلي قمر
وإن تفتحت مداخل الحريق في دمائي التي
تشبعت بحبك النقي
حوّل النهار صحوها سقر
لا تفتحي أبواب عشقك الأمين للرياح لحظة
وإنني في حيرةٍ
أخاف أن تكون مستقر
واغلقي مشاعري عليّ
وارسلي إليّ
عبر ثقب بابك السميك أغنية ..
لعلني نظرت في مداخل البريد يا حبيبتي
أفتش الرسائل التي تشكّلت فراشة
تطوف بالرحيق عبر رحلة
طويلة ومضنية ..
وكان أن حملت وردة إليك ما ارتوت..
وما تنفس العبير فوق صدرها وما هوت
إليك في زحام من يقدسوك سنبلة ..
تفجر الصدود في جراح قلبي الحزين قنبلة ..
{}{
حمراء كانت الخطوط في أكف وردتي
بلون نبضي الذي تعلم الرحيل والسفر
بكل ساحة بداخلي
يسائل العميق عنك والمداخل الأُخر
لعل وردتي تمزقت
في ليلة من الصقيع
عند مدخل القدر
فكان رفضك الأخير رائعاً
في عمقه
وقاسياً في صمته
ولا مفر ..
{}{
ستخرجين يا حبيبتي بلحظة
أخاف أن يضيع من يديك حسُّها
فليس من دقائق تسلّق الزمان فوق صدرها
فعاد أمسها
وليس من حقيقة ستعلن الأسى
على جسور صحوة العصور
إن تراءى همسها
أخاف يا حبيبتي
وها هو الظلام آخراً
يُسطر اللغاة في حروفه
وريقة أدسها
إليك ثم أعلن الرحيل حافياً
فهل أتتك يا حبيبتي نجيمة ٌ
على امتداد غربها
تضيء شمسها؟‍
شعاري الوحيد قد قذفته مخافة
بركنه القديم وانتهى تصاعدي إليك
فاقبلي اعتذاري الشديد إنها الحياة
قد أطل في الطريق بأسها