رأي ومقالات

محجوب حسين : مشروع تفجيري لصالح سيادة وهيمنة الديكتاتور


عادة الديكتاتوريات والاستبداديات، جاءت تحت أي عباءة، تؤمن بتضليل ومخادعة الكل، كما تبني طبقة من الرعـــاع المؤيديـــن لها، يؤمنون بالفكـــرة ذاتها، أي تضليلها ومخـــادعتها، في تعاط يقوم على جدلية الغش والتدليـــس بين الطرفين، أي الديكتاتورية ومؤيديها.
فنية وتقنية هذه الجدلية هي التي تؤمن حاجة ومصالح كل طرف، الديكتاتورية تعلم فلسفتها وحقيقتها وحقيقة العاملين معها أيضا، وما بينهما تضيع مصالح الناس والبلاد والأوطان والأخلاق والسلوك.
أقرب دليل يجسد هذه الظاهرة، تجده ماثلا بوضوح في ديكتاتورية البشير المعروفة شعبيا بـ»الكذاب». هو يكذب وينتج أتباعا يكذبون عليه، لا يهم من يكذب على من، ما دام الكل يكذب، الأهم في جدلية الكذب المتبادلة، أن المصالح تمضي، وهي مصالح الطرفين، الجالس على تلها والمنتفع من وجود هذا التل. يتطابق هذا المشهد مع ظاهرة الحكم في السودان، بعدما سقطت كل طروحات الإسلام السياسي التي سيطرت بها الحركة الإسلامية على السلطة عبر عسكرتاريتها التي لفظتها في ما بعد وحولتها إلى حكم العصبة الخاصة والمحترفة في امرين، هما، قتل الكل وسرقة الكل، فيه قد يسقط السودانيون مؤسسة الدولة ليتساوى الجميع في الخسارة، كمحصلة رغم تخوف البعض منها، إلا أنها قريبة بل مرتقبة، وتدفع بعقلانيتها وموضوعيتها التي سوف تسفر عنها الأحداث.
وبالعودة إلى جدلية المخادعة والكذب المتبادلة بين الديكتاتور السوداني ومؤيديه، قالت مؤخرا نائبة في برلمان البشير، وهي ترأس أحد القطاعات البرلمانية، بدرجة وزير اتحادي، وفق مستويات الحكم التي أقامتها الحركة الإسلاموية في البلاد وغرقت فيها، قالت إنها لا تبالي في تفجير نفسها لإنهاء رموز الحركة الشعبية المسلحة المعارضة لحكم البشير، وبذلك تقدم نفسها قربانا لسيدها الديكتاتوري، لكي يتحكم ويستمر في السلطة الحرام التي يعيش على ريعها، وهي تعيش على فتاتها وتوظيف معاناة وهضم حقوق ذويها في المناطق المحررة، التي تسيطر عليها الحركة الشعبية بجنوب كردفان وجبال النوبة، هذا لو علمنا انها مناطق الصراع ذاتها.
أن تعلن وزيرة تفجير نفسها لقتل رموز التمرد، تجعلنا أمام جنجويدية وفكر جنجويدي مختلف، وأزمة في الهامش السوداني وإدارته للصراع، وفي عدم تناسب بين منظور ثورة جماهير المحيط السوداني لمحاصرة التمركز الاستعماري في آلياته وبنية فلسفته في تدبير الشأن السوداني ومنظومة بنية الهامش وحواضن هذه المقاومة الاجتماعية والتاريخية والثقافية، هذه المفارقة بين ثورة التنوير وبنية هذه الحواضن بحاجة إلى مراجعة، ثمة خلل كبير، وترمومتر التراجع، مرده لخلل في هذا الحاضن الاجتماعي الذي يتعاون مع الديكتاتور لقطع الطريق بدون تحقيق استحقاقات جماهير المحيط الزاحفة لتغيير بنيوي في البلاد، يأتي هذا ولو جاء على تقديم إحدى وزيرات البشير من الهامش/ المحيط، نفسها مشروعا تفجيريا لصالح سيادة وهيمنة الديكتاتور.
تقديم هذا الطرح وهذه الآلية كميكانيزم لحسم الصراع بين الحكم والمعارضة، ضمن آليات أخرى وعلنا، وكآلية من آليات الحرب النوعية لحسم الصراع، شأنه شأن الاغتيال والتسميم لحسم الصراع، هو أمر جديد، بل يكتسب مشروعية وشرعية مهمة، يتوجب وضعها محل النظر والتجريب بين الأطراف، لعلها تحسم طبيعة الصراع الذي لا يمكن تجاوزه عمليا وبعيدا عن المناورات بين الحكم والمعارضة، إلا بهزيمة ماحقة نهائية لطرف دون آخر، بدون ذلك لا يمكن ترتيب البيت السوداني عبر إنشاء توافق قاطع قار يمكن أن يصمد، بعدما يلبي حاجيات الأزمة السودانية التي وصلت مفترق طرق، لا يمكن أن تلتئم إلا بصياغة عقد اجتماعي جديد أساسه مواطنة حقة وتعدد يجده سنده في الواقع، ليس تعددا لفظيا أدمنه الخطاب السياسي السوداني، وعندما تأتي إلى المحك، تجد بنية الوعي المهيمن هي ذاتها لا تقبل بالآخر السوداني، إلا وفق شروطها وما تمليه عليها بنيات الهرم النمطي السياسي والاجتماعي السائد والمألوف.
الخلاص السوداني باستعمال مقترح الوزيرة عفاف تاور وبشكل مضاد يمكن للمقاومة السودانية أن تختبره ولو لمرة واحدة ضد الديكتاتورية، بدون تصنيف محدد، حيث يقصر طريق الصراع، وينهي حالة استعمار وانحراف العصبة الحاكمة، عبر تفجير او اغتيال أو تسميم الديكتاتور والديكتاتورية، كشأن دعوتها لتفجير رموز المقاومة.
إن وجوب استعمال هذه الأدوات في حرب الصراع المستحقة، تجد أهميتها وفاعليتها، بالنظر إلى الخراب الذي يعمل عليه الرئيس السوداني وبإشرافه شخصيا، وبكراهية وانتقام ضد مقدرات الشعب السوداني وكل مرتكزاته الواقعة محل الاتفاق والاختلاف. إن استعمال هذه الآليات وفق مناداة الوزيرة، لا تضعها ضمن وسائل الإرهاب، أو الأساليب المحرمة دوليا، ومقابلها هي تفجير الديكتاتور أو اغتياله، تبني هذه الرؤية وبشكل عكسي تمنع الديكتاتور من ولوج مهرجاناته الخطابية في الفضاء الطلق بحرية أو بحراسة، خوفا من تفجير او قنص محتمل كشأن مقترح تفجير وزيرته لنفسها لاغتيال اي من رموز المقاومة لإسكات المقاومة، الذي يقابله مقترح آخر ويوازيه شكلا ومحتوى، وهو تفجير الديكتاتور لإنهاء أو القطيعة مع أكثر مرحلة شهد فيها التاريخ السوداني لامبالاة سياسية، عبر منهاج سياسي لا يفهم ولا يؤمن إلا بالمال، وما يتقدم به السودانيون من أوصاف وانتقاد للحكم لا يحرك شيئا، ما دامت فريضة الأيديولوجيا التي بنت عليها السلطة قائمة على ألا قيمة ولا أخلاق. والمؤكد في هذه الحالة أن الوزيرة تتاجر بخطابها عبر فن الكذب مع الديكتاتور كعادة القائمين على تأييده من وزراء أو عامة الناس، لأن المصالح كلها باتت مربوطة بالديكتاتور السوداني.
٭ كاتب سوداني مقيم في لندن
محجوب حسين


‫7 تعليقات

  1. زولنا دة نحن عرفناه ….انتو رايكم شنو في نفسكم؟ عليك الله ورينا رايك في صاحبك عبدالواحد محمد نور ؟ والفهلوي ياسر عرمان؟ وكيف تقيم جبريل ابراهيم والسيد عقار؟ هل هولاء يمثلون النضال الثوري لديك؟ عليك الله انطم

  2. مافي زول دايركم .. والتمرد شوكته تكسرت في كل دارفور والجيوب الباقيية في جنوب كردفان والنيل الأرزق الدور جاي عليها .. بل رأسك عشان نحلقه ليك.. كفاية قلة أدب وفلسفة في الفاضي.. ماذا جني أهلكم في دارفور منكم غير الخراب .. كلكم مصلحجية درجة أولي تعيشون في فنادق خمس نجوم والناس تموت من الجوع والعطش.. اذا أنتم لا تريدون أن تعملوا خلوا الناس الآخرين يعملون.. وخلاص الإستفتاء كشف كل شيء.. مع السلامة مرتزقة.. مع سلامة قلة أدب.

  3. غايتو لو السودان دا افكارو بقت زى المنتحرة عفاف تاور والمعلق أبومحمد والكاهلى وشاخرون وغيره من الجنس الثالث فيا دنيا عليك السلام ……نتممنى ان يكون التمرد انتهى كما تدعون ولكن الموضوع مهم بمكان ان يطرح بتلك الطريقة فما بالكم لو ان المعارضة دخلت لك فى عقر مدنكم وقراكم وبدأت تفجر وتفخخ السيارات والمنازل والمجمعات الاقتصادية والتجارية اسوة بفهم تلك البرلمانية الجاهلة …..هل تعلمو ان بتصليح تلك البرلمانية الجاهلة لقد قام القصر عندكم بالخرطوم باستدعاء رئيس البرلمان وتم استجوابها؟ دول كتير من حولكم فيها مشاكل فى الحكومات والشعب كويس الا انتم فى السودان الشعب به خلل كبير ومرشحيه فاقدين أخلاقى

    1. أنتى المفروض ترجعى ل جنة “السودان الجديد” حيث الديمقراطية والحرية حيث العم سام والخال كوهين حيث النظافة وترتاحو من وسخ الخرطوم

  4. لا نريد أن نتدخل فى سياسة موقع النيلين لكن نشر مقالات أخينا هذا يخصم من مكانة موقع النيلين والعكس صحيح فقط راجعو مقالاته فى أرشيف القدس العربى لا يوجد معلقين على مقالاته أو فلنقل (لا يسمح بنشرها البتة) فتخيلو هذا الجربوع يعيش فى لندن ويصدعنا صباح مساء بحرية الرآى والتعبير ولا يسمح لأحد بأنتقاده فماذا لو لا قدر الله لهم وله ان يتبوأ منصبا ونقول له ولبقايا طريق الحجاج أتركو السودان للسون كيد هؤلاء وشر أولئكدانيين وأمشو انجمو فى أنجمينا اللهم أحفظ البلاد والعباد من كيد هؤلاء وشر أولئك.

  5. الى الأخت انجلينا هى كاالعقرب والأفعى وهى أيضا كأئن تلدغ باللسان وتبث السم بالكلام ومثل المدعوه أنجلينا التجاهل صدقه جاريه لفقراء الأسلوب والأدب ولكن للأسف اصبحنا فى زمن أنجلينا اذا لم ترد الأساءه بالأساءه يقولون عنك ضعيف الشخصيه

  6. الاستاذة عفاف تاور قبل ان تكون وزيرة او مسؤولة انها من بنات دار فور المكلومة المغبونة فهى متالمة و متحسرة على ما احل باهلها من قتل و تشريد و دمار ببسبب رعونة و عمالة ابناء دار فور الذين اختاروا البندقية بدل الحوار لحل مشاكل دار فور .