عبد الباقي الظافر

وكان المرحوم سيء الحظ.!


* قابلت قبل أسابيع مواطناً سودانياً في شوارع نيويورك يتوكأ على عصاه وله فيها مآرب أخرى..لفت انتباهي أن ذاك الزول كان على خلق ودين وميال للتصوف..تجاذبت معه أطراف حديث ممتع ولكنه لم يكتمل..عرفت لاحقاً أن هذا الكهل كان قد أصيب أثناء عمله في متجر..شخص الأطباء حالته باعتبارها إعاقة دائمة ..عبر تلك الروشتة صرف زولنا أموالاً طائلة من شركة التامين ..ومازال يتمتع بمخصصات مالية راتبة مادام يتوكأ على عصاته
في يناير الماضي، كتبت في هذه الزاوية مقالاً كان عنوانه (يا ابن الكلب).. كنا نحكي أن كلباً حكومياً مستورد من (بلاد برة ) لقى حتفه تحت إطارات عربة..التسوية قضت أن تدفع شركة التأمين نحو خمسين ألف جنيه سوداني ..في ذاك الوقت كانت دية المواطن السوداني ثلاثين ألف جنيه فقط..في اليوم التالي اتصلت علينا السلطة القضائية تحمل بشرى أنها بصدد مراجعة الدية التي لم تراجع منذ سنوات طويلة رغم أنف التضخم.. وأن وفوداً قد ضربت أكباد الإبل للوصول للأرقام الصحيحة ..قبل أسابيع كان الخبر السعيد أن التقديرات الحقيقية رفعت الدية إلى أكثر من عشرة أضعاف، وباتت نحو (٣٣٠ ) ألف جنيه
منذ أن عم الخبر الذي أعاد تقييم الإنسان السوداني كان (لوبي) شركات التأمين يتحرك..حيناً يؤكد أن صناعتهم ستنهار بسبب إعادة تسعير المواطن، وكانهم كانوا يتربحون من رخص قيمتنا..أسفرت الضغوط عن تأجيل سريان القانون إلى بداية العام الجديد..لحين سريان القانون الجديد هذا يعني أن هنالك مواطنين سييء الحظ ستكون قيمتهم أقل من ذاك الكلب المستورد
* يوم الأحد الماضي اجتمعت شركة التأمين الإسلامية لتوزيع أرباح العام المنصرم على المساهمين..توصيات الجمعية العمومية أكدت اشتراط صيام شهرين متتاليين لمن يرتكب القتل الخطأ قبل القيام بدفع الدية..السؤال لماذا الآن فقط تطالب الشركة بصيام الزبون .. وكيف تتأكد الشركة أن حامل الوثيقة قد صام الشهرين.. أخشى أن تطالب الشركات بحبس الزبون لتتأكد من الإيفاء بالشرط الجديد
* في تقديري ..إن شركات التأمين جنت أرباحاً طائلة في الفترة السابقة، مستفيدة من عدم دقة تقديرات الدية..لسنوات طويلة ظلت قيمة التأمين الإجباري نحو عشرة دولارات في العام، وليس في الشهر.. فيما مثلاً في الولايات المتحدة متوسط ذات الصنف من التأمين الإجباري نحو سبعمائة دولاراً في العام ..التأمين الإجباري كما لا يفوت على فطنة القاريء يغطي أضراراً للطرف الثاني فقط، فيما الشامل يغطي أضرار كافة الاطراف ..التأمين الشامل في السودان كان يزيد بوتيرة ثابتة ويقدرعلى حسب قيمة وموديل السيارة
* بصراحة.. قرار إعادة تقدير الدية قرار صائب .. بل يتطلب المراجعة كل عام مادام جنيهنا ينهار مع كل صباح.