الطاهر ساتي

تفريخ..!!


:: عندما يسألونك عن أسباب العنف بالجامعات، فقل: هذا ليس عنفاً طلابياً، بل هو بعض عنف المناخ العام.. وذات يوم من أيام نيفاشا، سألت أتيم قرنق وكان نائب رئيس برلمان تلك الحكومة، لماذا يحرص زعماء الحركة الشعبية على تعليم أولادهم بالخارج رغم السلام بالجنوب والشمال؟، فأجاب بنصف الحقيقة قائلاً: (مافي زول عاقل بيدخل ولده في مدارس بتلزمو يلبس الكاكي، الكاكي ده للحرب مش للعلم، لمن يتشبع بروح الكاكي في سن المراهقة لمن يكبر بيعمل شنو؟، أنا عايز ولدي يتعلم في مناخ مافيهو مظاهر العنف)..!!
:: وذات مساء، كنا بصالة أفراح في ليلة زفاف شقيق زميل، وفجأة ضجت صالة الفرح بطلب غريب: (عايزين قنبلة، عايزين قنبلة، عايزين قنبلة)، وتفاجأت بالطلب والهتاف و(توجست).. ولكن تم شرح الطلب، فالشباب يطلبون من مطربهم (أغنية قنبلة)..واستجاب لطلبهم وغناها، بل غنوها، كلهم، ورقصوا على إيقاعها لحد الهوس..أغنية غريبة الكلمات، بحيث لم يجد شاعرها في محاسن الدنيا كلها ما يصف بها محاسن محبوبته غير (الأسلحة).. وصف يديها بالكلاشنكوف، وفمها بمسدس (ستة ملي).. و..هكذا.. فالمحبوبة في عين المحبوب عبارة عن (مصنع ذخيرة)..!!
:: وأبدى صديقي استياءه تجاه الشاعر والمطرب والجمع الراقص، واصفاً أذواقهم وأغنيتهم بالهابطة.. ولكن صديقي أيضاً قال نصف الحقيقة، ويجهل أو يتجاهل النصف الآخر..نعم الأغنية هابطة جداً، ولكنها تشير إلى انقلاب قد حدث حتى فى مشاعر العشاق والشعراء.. سابقاً، لم يكن للكلاش والمسدس والمدافع والصواريخ مكاناً في مخيلة العشاق ولا كانت من أدوات تعبير شعراء الغزل والرومانسيات.. ولكن جاء المناخ العام بكل تلك الأسلحة والمدافع بديلاً للقمر والزهر وعيون المها..و..فهل نكتفي بنقد الشاعر والمطرب وأغنيتهما الحربية الراقصة، أم نبسط مناخ السلام والوئام والحب والسلام في المجتمع ومشاعر الناس..؟؟
:: وفي الخاطر، إحدى مسابقات هيئة رعاية الإبداع العلمي..فالهيئة كانت تنشط في تحفيز الطلاب والشباب بطرح المسابقات.. وذات عام، فاز طالب ثانوي بجائزة تلك الهيئة..وكان من النيل الأبيض..اخترع مسدساً رائعاً لا يخطئ الهدف.. جميل أن يكون للطلاب والشباب المبدع فى بلادنا راعياً يرعى إبداعهم ويحفزهم حين يبدعون ويخترعون..ولكن، ما الذي يرغم طالب الثانوي على التفكير فى اختراع مسدس وليس ألة حاسبة أوحاسوب أو ألة زراعية (مثلاً)..؟..لا شيء غير المناخ الذي يستظل به..نعم، طبيعي أن يفكر في اختراع المسدس ليتوافق مع ملابس الحرب (الزي المدرسي).. أي، من اخترع المسدس في تلك المسابقة هو المناخ العام وليس الطالب..!!
:: وعليه، فالعنف ليس في الجامعات فقط، بل يحيط بكل فرد فينا كإحاطة (الحجل بالرجل)، ونتنفسه وننفثه في كل مناحي حياتنا..نقتل أرواح بعضنا، مشاعر بعضنا، آراء بعضنا، أفكار بعضنا، أحلام بعضنا، بكل أنواع العنف، الجسدي منه واللفظي، ولا نشعر ولا نبالي، لأن المناخ العام الذي يظلنا يصرف عقولنا ونفوسنا – عن التفكير والانتباه – بتمجيد نهج العنف..وبدلاً عن التباكي على الأعراض، يجب تعليم أفراد المجتمع أدب الاختلاف قبل قيمة الاتفاق، بحيث الرأي يحترم الرأي الآخر والفكر يقارع الفكر والبرنامج يحاور البرنامج..وبهذا النهج فقط – لا غيره – تقوى الأفكار والآراء والبرامج خارج و(داخل الجامعات)..!!


تعليق واحد

  1. لقد صدقت لقد اصباح الشباب في بلادي مسيرون والمصيبة قبل ايام احد كتاب الراكوبة يعول علي هؤلاء من اجل التغيير والاطاحة بالنظام الحاكم نعم لقد إمتلأت المدارس والجامعات ولكنها تتحصل علي اموالهم من اجل ان تبيعهم الوهم وتعليم واهي ولايفيد في ساعة العمل حيث يصطدم هؤلاء بأن دراستهم منذ الابتدائي الي الجامعة ماهي إلي مجرد تطليل .