حوارات ولقاءات

المحلل السياسي بروفيسور الطيب زين العابدين : جريمة ارتداء الزي الفاضح مبتدعة وليست من الشريعة في شيء .. و قيادات النظام شاطرة في التكتيك، ولا تريد إصلاحاً حقيقياً تدفع ثمنه


المحلل السياسي بروفيسور الطيب زين العابدين:

* جريمة ارتداء الزي الفاضح مبتدعة وليست من الشريعة في شيء
* الوضع الحالي لن يستمر طويلاً لأن القصة “باظت” والوضع الاقتصادي صار صعباً

* قيادات النظام شاطرة في التكتيك، ولا تريد إصلاحاً حقيقياً تدفع ثمنه
* عندما يقتل طالب من المؤتمر الوطني يقبض المتهم بسرعة غير متوقعة

* الحكومة تحاول “التملص” من بعض مخرجات الحوار مثل الحريات وموضوع الحكم
* تطبيق الشريعة شعار تحاول الحكومة أن ترضي به بعض السذج من أتباعها

* أستغرب قبول أمبيكي التوقيع مع الحكومة دون المعارضة
* لا يمكن أن نتوقع من الوساطة الأفريقية نجاح كبير

* الأطراف السودانية تختلف في الأشياء الشكلية لأنها تخاف من الجوهرية
* الصحف نشرت وثائق تتهم وزير الصحة بالخرطوم بالفساد لكن لم يحقق معه

* نظام الإنقاذ عذب الناس وخوفهم من الإسلام وقدم نموذجاً سيئاً
* إبعاد علي عثمان ونافع والجاز من قيادة الحزب كان سلوكاً غريباً

وصف الأستاذ بمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم بروفيسور الطيب زين العابدين الحكومة والمعارضة بأنهما في حالة توازن الضعف، واستنكر الحديث عن تطبيق الشريعة بالشعارات وبصورة تخالف مقاصد الشريعة نفسها، وقال: “الشريعة لا يوجد فيها تعريف لجريمة الزي الفاضح المبتدعة، وهي ليست من الشريعة في شيء”.
وأوضح في حوار أجرته معه “الجريدة” أن رئيس الآلية الأفريقية تامبو أمبيكي لن يتوقع منه أي نجاح، لأنه لم يتقدم خطوة واحدة منذ العام 2008، ودعا إلى فرض فريق خبراء سوداني مستقل يطرح عليه الحلول. ووصف نظام الإنقاذ إنه قدم نموذحاً سيئاً للحكم الإسلامي لأنه عذب الناس وخوفهم من الإسلام.

* ممكن تحدثنا الوضع السياسي الراهن؟
الحالة السياسية الآن فيها حالة من الجمود، من جانب الحكومة، لأنها اشتغلت بالحوار الوطني الذي كانت شاركت فيه أحزاب محدودة، ورئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى وصف المشاركة فيه بغير الكافية، فما بلك بنا نحن “الواطين الجمرة”، والحكومة استمرت في الحوار إلى نهايته، وفتحت الحوار للممانعين فرصة المشاركة خلال شهر للإضافة، وهذه حالة جيدة، لكنها وضعت شروطاً للمشاركة بعقبات تكتيكية، مثل الوجود داخل السودان، مثلما كانت تتعامل مع المعارضين بالتشدد، ولازم أي زول يأتي يعترف بخطواتها، وآخر شيء أنها وقعت خارطة طريق منفردة مع أمبيكي ولا توجد خارطة بطرف واحد، وأستغرب قبول أمبيكي لهذه القصة، وكما أنها نصت على أن توقع كما هي، رغم أن بعض الناس يعتبرون أن الخريطة “ما بطالة”، لكن الإضافة فيها لا تفرق إذا أرادوا التوصل إلى سلام، والحكومة فتحت الفرصة لمدة شهر وانتهى أكثر من نصفه ولم نسمع بأن أحداً تقدم للمشاركة أو أن مخرجاته سلمت الى جهة ما، ولم تشارك فيه قوى سياسية لها وزن.

* هل تفتكر أن أمبيكي كتب نهاية الوساطة بتوقيعه على خارطة الطريق؟
الوساطة لا نستطيع أن نقول إنها ستنتهي لأن أمبيكي “مبارينا” منذ 2008 بدأ بدارفور ومن ثم العلاقة بين الشمال والجنوب، وأخيراً الحوار الوطني، لأن الجهة التي تكلفه وهي مجلس السلم والأمن الأفريقي، بالرغم من أنه لم يبرهن على نجاح في كل المهمات التي أوكلت له.

* هل أنت من أنصار إنهاء مهمة أمبيكي؟
لا نستطيع حل مشاكلنا لوحدنا، وأفضل لنا الاتحاد الأفريقي من تأتينا “مصيبة تانية”، وأرى أن يفرضوا عليه فريق خبراء سوداني مستقل يساعده في الحلول، لأنه ليست كل السودانيين في صف الحكومة أو المعارضة، ومعرفتهم الشخصية بالسودان أعمق من أمبيكي، لأن المعرفة الشخصية في غاية الأهمية في قضايا السودان، وإذا كان أمبيكي لم يحقق أي نجاح منذ 2008 في الملفات التي أدارها، لا يمكن أن نتوقع منه نجاحاً كبيراً.

* زعيم حزب الأمة الصادق المهدي يقول إن الخلاف حول خارطة الطريق ليس كبيراً؟
الصادق مثل قوى نداء السودان، وهناك متشددون من تحالف الإجماع الوطني ذو القوة المحدودة، وهناك حديث عن نزع السلاح وترتيب الأجندة وإدخال القضايا القومية، وفي مقترحات بخصوص اتفاقية الدوحة التي لم يطبق منها سوى 10%، المهم أن ملاحظات قوى نداء السودان التي صارت مكوناتها بعد الاجتماع الأخير مستقلة، والعلاقة بينها أقرب للتنسيق، وبالتالي ليس هناك شخص يتحدث نيابة عن هذه القوى.

* هل يمكن تجاوز الخلاف حول خارطة الطريق؟
الخلاف حول خارطة الطريق غير محدود إذا نظرت الى الكتل المكونة للمعارضة، وهناك خلافات شكلية مثل بعض القوى التي لم تذكر في الخارطة، مثل قوى المستقبل للتغيير التي رفضت التوقيع لأن اسمها غير مذكور، والحوار الوطني الذي جرى ليس هو الحوار المقصود، لأنه لم يضم حاملي السلاح، وهذه نقاط شكلية، لكن هناك نقاط جوهرية، ويختلفون في الأشياء الشكلية لأنهم يخافون من الوصول الى الأشياء الجوهرية، الحكومة اعترضت على توصيات الحريات لأنها لا تريدها ولا تريد كلمة حكومة انتقالية، أنها تريد كل شخص يأتي ليصبح تابعاً أو يمنح مالاً كثيراً ليسكت، المشكلة هي الانتقال من الوضع الحالي إلى تحول ديمقراطي رغم أن الحكومة لا تريد المشاركة لأن قيادة المؤتمر لا تريد الذهاب عن السلطة، ويريدون إدارة البلد عن طريق جهاز الأمن، وبالتالي غير مستعدين أن تصبح سلطاته فقط جمع المعلومات، كما جاءت في الدستور الانتقالي في 2005.

* هل سيستمر الوضع الحالي طويلاً؟
لن يستمر لأن القصة “باظت” الوضع الاقتصادي في حالة صعبة جداً، والأسعار كل يوم في زيادة. والوضع صار صعباً على كثير من الناس، خاصة الأستاذ الجامعي، ومدير الجامعة من المستحيل أن يعيشه مرتبه الى يوم 20 في الشهر. وهذا ينطبق على الكثيرين. في التعامل مع المال العام صار عجيباً باعتبار أن الحافز صار ثقافة لأي عمل يقوم به الموظف، وهذه هي قروش الدولة، ولم أسمع في الماضي اجتماع يصرفوا عليه قروش، لكن الآن اجتماع الأقسام له مقابل، مرتبي وأنا بروفيسور منذ عام 1997، عندما أقارنه بمرتبي عندما تعينت في الجامعة في عام 1969، أجد قوته الشرائية أكبر من مرتب البروفيسير، ويعني ماهيتي أقل من ماهية مساعد التدريس.

* الحكومة أعلنت عن إصلاح للدولة والحزب، هل نفذتها؟
الحكومة عملت خطط لإصلاح الدولة والحزب، وأجازتها، واطلعت على هذه المقترحات، لم ينفذ منها شيء حقيقي، وإذا كان عندهم ميزة واحدة، إنهم شاطرين في التكتيك، لكنهم لا يريدون إصلاحاً حقيقياً يدفعون ثمنه، ومرة سمعت النائب الأول صرح بأنهم قطعوا شوطاً كبيراً في الإصلاحات، لكن الناس لا يشعرون بهذا الإصلاح، ما هو الإصلاح “الداسنو دا شنو”، وهو أشبه بحاجة سرية بين المسؤولين ودواوين الحكومة، ممكن تقول لنا ماذا أصلحت، والأداء كما كان، ولعله متدهور أكثر.

* الرئيس البشير أرجع قانون مكافحة الفساد لتضاربه مع قانون الحصانات، كيف ترى ذلك؟
ملاحظة الرئيس البشير كانت حول الحصانات لكل العاملين بالقوات النظامية وعدد ضخم من الدستوريين، مرة اشتكى وزير العدل السابق من أن 25% من العاملين بالدولة يحملون حصانات، حتى من التحقيق، إلا بإذن من الجهة التي يتبع لها الشخص لرفع الحصانة، وهذه لا تحدث في القوات النظامية “القوات المسلحة والشرطة وجهاز الأمن”، خاصة في حالة انتهاكات حقوق الإنسان، حتى إذا فتحت بلاغاً وذهبت بقضيتك الى المحكمة الدستورية، ومثال حي حدث في إغلاق جريدة التيار.

* هل سيؤثر إرجاع القانون على مكافحة الفساد؟
الحكومة قالت إنها تريد مكافحة الفساد، ووقعت على ميثاق الأمم المتحدة مكافحة الفساد، وأي مفوض يحقق مع وزير بطريقة محترمة ومهذبة، سواء كان في المكتب أو بيته، النيابة لا تحقق قبل أن تحصل على حقائق، صحيفة اليوم التالي نشرت وثائق فساد متهم فيه وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفيسور مأمون حميدة، فلماذا لم يحقق معه في قضايا فساد؟، الحصانات مهمة في بعض الوظائف، لكن ليس لهذا الكم الهائل، وفي كل شيء وفي كل الدرجات.

* يقولون إن الحصانات أعاقت التحقيق في قضايا جنائية كثيرة؟
نعم وحدث هذا كثيراً، مثل قتل طلاب الجامعات وأحداث سبتمبر وأحداث نيالا، وأحداث كجبار كلها مسؤولة عنها قوات نظامية، ولم يتم فيها تحقيق حقيقي. لكن الغريب في الأمر عندما يقتل طالب من المؤتمر الوطني يقبض المتهم بسرعة غير متوقعة، “ما عارف الشطارة دي بتجيهم من وين؟” يقولون نحن دولة إسلامية والفساد له اسم هو “الغلول” وهو الأخذ من الغنيمة دون وجه حق، ويأتي به حامله يوم القيامة ويعذب به، وهو يعني الاعتداء على المال العام، والتجنيب من بعض الوزارات هو اعتداء على المال العام، وبعض المسؤولين على مستوى عالٍ شكروا التجنيب. و”الناس صاروا مفلسين وجحمانين”، والناس الكانوا يعملون في مكتب الوالي السابق عبد الرحمن الخضر لم يتم القبض عليهم إلا بعد ظهور الثراء الفاحش عليهم.

* يتحدثون عن تطبيق الشريعة بعد 26 سنة من الحكم؟
تطبيق الشريعة صار شعاراً مستهلكاً، والحكومة تحاول ترضي به بعض السذج من أتباعها من الطرق الصوفية وأعضاء الحركة الإسلامية، وكلهم عارفين الحاصل في البلد. وطبقت بأشياء شكلية، ومقاصد الشريعة هي حفظ الدين والحياة التي تعني الأكل والشراب والخدمات، وحفظ العرض، وحفظ المال والعقل، وهي يحرص عليها أي شخص، ولم يقولوا مقاصد الشريعة هي أن تقبض على بنت مسكينة بتهمة مبتدعة وهي ارتداء زي فاضح، ويمكن أن يكون مستوى من الزي فاضح لكن الشريعة لم تحدد الزي الفاضح، أو مثل يبقى الى حين السداد، والنظام صار رأسمالياً، والخدمات صارت خاصة، ودخل الحكومة من الجبايات، ولا أرى شريعة على الإطلاق، لغياب العدل. ومن الأفضل عدم الحديث عن الشريعة لكنهم بدأوا كحركة إسلامية وما زالوا متمسكين بشعاراتها.

* هل ما يحدث بعيد عن أدبيات الحركة الإسلامية قبل الانقلاب؟
بعيد جداً، أنا من المشاركين في دستور الحركة الإسلامية في عام 1982، وهو عماد النظام الأساسي للجبهة الإسلامية القومية، وتحدث عن العدل والحرية والديمقراطية وتشجيع الآداب والفنون والثقافة، والآن لا يعمل به إطلاقاً، كفاية إنها لم تطبق وثيقة الحقوق بالدستور الانتقالي.

* هل موقفك هذا يطابق مع نبوءة محمود محمد طه حول حكم الإسلاميين؟
لا أحب أن أستشهد بحديث محمود محمد طه، وقبل يومين وجدت كتاباً لأحد تلاميذ محمود محمد طه اسمه محمد محمود بعنوان “محمد .. النبوءة والصناعة”، يقول إن النبوءة ممكن تصنع وهي جهد بشري، إن شاء الله الدم ما يصل الركب، وعلى الناس أن يفعلوا شيئاً قبل أن يصلوا الى هذه المرحلة. الأداء كان بائساً للغاية، ونموذج الإنقاذ من أسوأ ما مرَّ على السودان من فترات، بالإضافة الى أنها طويلة، وبالتالي إنهم عذبوا الناس وخوفوهم من الإسلام وقدموا نموذجاً سيئاً للحكم الإسلامي، وما زلت أؤمن بالفكر الإسلامي، ودور الإسلام في إصلاح الحياة والحكم، لكن قطعاً لا أستطيع أن أدافع عن نموذج الإنقاذ يوماً واحداً.

* يتحدثون عن توازن الضعف في صفوف المعارضة والحكومة؟
الطرفان ضعيفان للغاية، الحكومة ضعيفة، وكفاية أن الرئيس يقول إن المؤتمر الوطني سيصبح مثل الاتحاد الاشتراكي، والحزب ليس هو الجهة الحاكمة، الجهة الحاكمة هي جهاز الأمن مع بعض المتنفذين من الحزب الحاكم، يتلقون أوامرهم من الجهة العليا، في كل مجالات الحياة، وهم أصحاب القرار فيها. وعندما ضبط فساد الأقطان الملف ذهب إلى الأمن الاقتصادي. يوم واحد لم نرَ قراراً صدر من مجلس شورى الحزب أو مكتبه القيادي.

* هل ضعف المؤتمر الوطني يعني أن نظام الإنقاذ وصل نهاياته؟
هذا تنبوء بالغيب، لكنه وصل مرحلة صار حتى أنه لا يدافع عن نفسه وسياساته، لكنه يعتقل، والصحف في كل يوم تنتقد السلطة، التي تملك الصحف وعندها بعض الكتاب، وصلت إلى درجة عدم الرغبة في الدفاع عن نفسها.

* هل إبعاد نافع علي نافع وعلي عثمان محمد طه وأحمد الجاز أخل بالتوازن داخل الحزب الحاكم؟
الغريبة أن حزب يقول لقيادته التي تربعت على قمته إنهم وصلوا مرحلة المعاش، ويسرحهم، كل حزب فيه ناس كبار، وطالما أن الشخص له مقدرة على العطاء، وكان هذا سلوك غريب لفتح المجال لقوى التجديد، وهل هذا الأمر يقف عليهم؟.

* حوار القاعة هل يمكن أن يطلق عليه بداية لحوار شامل؟
كلمة بداية لا تنطلق عليه لأنه انتهى، بعد أن سلمت لجانه الست توصياتها، وهذا لا يمكن ترقيعه، لكن من الممكن إيجاد معادلة لمشاركة الآخرين الرافضين لحوار القاعة، والممانعين أهم من الذين شاركوا في الحوار، والآن الحكومة لا تعجبها كل المخرجات وتحاول “التملص” من بعض هذه المخرجات مثل الحريات وموضوع الحكم، لأنها صعبة على الحكومة تطبيقها، لكن الرئيس صار لا يتحدث كثيراً عن مخرجات الحوار. وعدم الحديث عن الحوار رسالة.
الحكومة أعلنت أن استفتاء دارفور، نهاية للسلطة الانتقالية، كيف ترى ذلك؟
استفتاء دارفور إنجاز جاء في التوقيت الخطأ، لكن استمرار المعارك بين الحكومة والحركات المسلحة وموجات النزوح وعدم الاستقرار قلل من قيمته.

* كيف ترى النتيجة التي أحرزها خيار الولايات بنسبة فاقت الـ90%؟
الأنظمة الاستبدادية، التي منها نظام الإنقاذ، أي عملية انتخابات تجريها حولها علامة استفهام لأنها تشارك فيها القوات النظامية، وتأتي نتائجها بحوالي 90%، وهي مشكوك فيها، لكن لم أرَ بعيني، والتجارب أخبرتنا إنهم لم يكونوا محل ثقة.

حاوره / أحمد الشيخ
صحيفة الجريدة


‫2 تعليقات

  1. (المحلل السياسي بروفيسور الطيب زين العابدين : جريمة ارتداء الزي الفاضح مبتدعة وليست من الشريعة في شيء .) فلنفرض أنها ليس من الشريعة في شئ فهل ترضى لمحارمك لبس الضيّق والمحزق المبين لتفاصيل الجسد والمشي به وسط الشارع ؟

  2. هذا البروف انسان تافه و الانقاذ تمشى و او تقعد هذا امر لا تحدده انت بل الله هو الوحيد العالم بهذا الشى