مقالات متنوعة

هنادي الصديق : توقفوا عن سحل الطلاب


* ويستمر مسلسل استهداف طلاب المؤتمر الوطني لزملائهم من الطلاب الأبرياء، طلاب الحق والحرية والحياة الكريمة.
* وقبل أن تجف دماء الشهيد أبوبكر طالب جامعة كردفان قبل أسبوع، ها هي عناصر الإسلاميين تنحر روحاً جديداً، وتزهق روحاً نهى الله عن قتلها، روح شابة يعول عليها الوطن لترضي نزعة دموية جبلت عليها وعرفت بها منذ عشرات السنين.
* غدرت رصاصات طلاب المؤتمر الوطني يوم أمس بالطالب محمد الصادق ويو لتستقر إحداها في صدره النحيل وترديه جثة هامدة ليزفه والداه وزملاؤه وكل الشعب السوداني شهيداً ليضاف لقائمة شهداء الوطن الذين راحو ضحية العنف السياسي الإسلامي الذي لا يقبل إلا رأياً واحداً، ولا يسمع صوتاً إلا صوت الرصاص والكلاشنكوف.
* منذ سنوات مضت شهدت الجامعات السودانية أحداثاً مشابهة، راح ضحيتها عشرات الطلاب، وكانت جامعة أمدرمان الأهلية هي الجامعة الوحيدة التي استعصت على الإسلاميين سياسياً، فلم يتمكنوا من السيطرة على اتحادها منذ أن تسلمها التجمع الوطني الديمقراطي بأحزابه المختلفة وإلى يومنا هذا، وظلت عصية عليهم رغم العنف الممنهج واستخدام كافة أساليب الترهيب من قتل وتعذيب وحرق، والاستعانة بطلاب من حركة حماس الفلسطينية من أصحاب التدريب العالي، والذين استعان بهم النظام وقتها ليشاركوا في ضرب وحرق طلاب الجامعة الأهلية في التسعينات، ورغم ذلك لم يضعف أو يهن عزم شباب الأهلية ولا لانت لهم عزيمة، فتمسكوا باتحادهم القوي والتف من حولهم الطلاب لتفرخ الجامعة أبرز السياسيين والاقتصاديون والأكادييمون المنتشرين داخل وخارج السودان، ولا زال الاتحاد مستعصياً عليهم حتى تم إيقاف النشاط السياسي في الجامعة الأهلية بقرار من رئاسة الجمهورية ليكون الأول من نوعه ولا زال القرار سارياً ورغم ذلك لم تهن عزيمة الطلاب التواقون للحرية والعيش الكريم.
* حزب المؤتمر الوطني للأسف لا يوجد بين صفوفه من يجيد التعامل بسلاح الحوار السلمي الذكي، والحزب رغم إمكاناته المادية واللوجستية المهولة يفتقد لأبسط مقومات الاستقطاب السياسي الجاذب، فيلجأ دائماً طلابه لاستخدام العنف حتى ولو أدى لإزهاق أرواح بريئة، فكان من الطبيعي أن ينفر منه الطلاب خاصة في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الطاحنة، ومن الطبيعي أن يخرج الطلاب متمردين ورافضين للوضع، شاهرين حناجرهم بالهتاف الداوي طلبا للحرية والخروج من عباءة النظام الفاشل.
* التعامل مع طلاب الجامعات يتطلب تعاملاً من نوع خاص، خاصة طلاب الجامعة الأهلية الذين يقفون (كشوكة الحوت) في حلق النظام ومليشياته منذ تأسيس الجامعة وحتي اليوم، وغداً سيخرج علينا من يقول إن الطالب الشهيد محمد الصادق منتسب إلى الحركة الإسلامية وإن المليشيات المسلحة هي التي قتلته، ولكن بالتأكيد لن يجد هذا الحديث تأييداً إلا من أهل الوطني وزمرته.
* الحركة الطلابية السودانية عرفت تاريخياً بأنها مفجرة الثورات، ومعلمة الشعوب معنى أن تعيش وتنتصر للحق وللحرية، وفشل نظام المؤتمر الوطني في السيطرة على الطلاب سلمياً مؤكد سيؤدي لنزف المزيد من الدماء، ولن تتوقف الأوضاع عند مقتل طالب وانتهاء مراسم العزاء بانتهاء مراسم الدفن، بل سيمتد المدُّ الرافض للوضع ليصل الأحياء والأزقة، وعندها فقط سيعي أهل الوطني أي منقلب ينقلبون.
* شهيد تلو شهيد، والرصاص لن يخيف أصحاب القضية، وما لم يغير الوطني من سياسته غير الرشيدة خاصة مع الطلاب فلن يتوقف سيل الدماء، وبالتأكيد سيكون الحساب قبل يوم الحساب حاضراً.