محمد عبد الماجد

(إبل) عبدالله بن عمر و(سيارات) نواب البرلمان الفارهة


(1) > في البدء كنا نقول إن نواب البرلمان السوداني انتخبوا وفوضوا لتمثيل مناطقهم، وشعبهم من أجل أن يحلوا مشاكل المواطنين الذين انتخبوهم، لنجدهم بعد الدخول لقبة البرلمان انصرافوا تماماً نحو حل مشاكلهم الشخصية وقضاياهم الخاصة. فهم مهمومين بتحسين أجورهم (هم).. وتبديل سياراتهم (هم) .. وإعلاء بيوتهم (هم). > ولا عزاء للشعب الذي يمثلونه.. فهو لا نصيب له لا في أجورهم ولا في مساكنهم ولا في مكاتبهم ولا في سياراتهم. > بل إن الشعب يصرف عليهم من ضرائبه وجماركه وجباياته ورسوم عبوره ورسوم مغادرته. > النائب في البرلمان لا يمثل نفسه وإنما يمثل شعبه لذلك سميّ (نائباً) فهم (نواب) لم ينسبوا لشخوصهم ولا لأسمائهم. (2) > نواب البرلمان في الفترة الأخيرة اتجهوا نحو الحصول على الامتيازات والتسهيلات التي تمنح لهم فقد كرَّسوا جهدهم كله للحصول على امتيازات لاستيراد سيارات خاصة بهم بأقساط مريحة ومخفضة لهم. > الأمر لم ينتهِ عند تلك (السيارات) التي اشترطوا أن تكون فارهة. > ليتها توقفت عند (السيارات)، فقد طالب نواب بالمجلس الوطني بزيادة أجورهم وتحسين السكن. > وذلك يعني انصراف نواب بالمجلس نحو تحسين مرتباتهم ومساكنهم وسياراتهم. > علماً بأن مرتب النائب يصل 4900 جنيه.. والمؤسف أن النائب برطم بعد ثوراته تلك وبيته الأبيض، قال إن مرتب النائب (300) دولار. > إن أردتم أن تحسنوا من دخلكم هذا أعيدوا للجنيه سيرته الأولى. (3) > نواب البرلمان ذهبوا أبعد من ذلك، وبعد مطالبتهم بتحسين مساكنهم، طالب بعضهم بإنشاء مبنى جديد للبرلمان يسمح بتخصيص مكتب لكل نائب بسكرتاريته. > ذلك يعني أنهم يريدون أن يحولون البرلمان الى (شركات) عبره يحسنوا أجورهم وبيوتهم وسياراتهم الفارهة ومكاتبهم بسكرتارية لكل نائب. > وهذا يجعلهم يغدقون على أنفسهم من كل فضل وينسوا هموم الشعب وقضاياه، وليس لارتفاع أسعار الغاز والخبز من مكانة بين تحسين المساكن والمرتبات والسيارات!. (4) > عندما يصبح النائب يفكر في امتيازاته يبقى من الطبيعي أن ينسى مشاكل شعبه وقضاياه، وليس ذلك بغريب على نواب البرلمان والنائب البرلماني حسن محمد صباحي يقول في تصريحات صحافية إن نواب المجلس يحتاجون لزيادة (قروش) وقال إن حالتهم (بطالة) ولابد من زيادة مرتباتهم حتى تتحسن أوضاعهم، مشيراً الى أن بعضهم (يسهوا) في الصلاة حسب وضعهم المادي. > جابت ليها (سهو)!!. > وكمان في (الصلاة). > إن كان بعضهم يسهوا في (الصلاة) وهو يقف أمام الله عابداً، فكيف سيكون (سهوه) عن شعبه؟. > يسهو في (الصلاة) كيف سوف يكون سهوهم في (البرلمان)؟. > لقد كنا نلومهم في (سهوهم) عن الشعب الآن يمكننا أن نقول إننا رفعنا عنهم حرج (السهو) هذا..اذا كانوا (يسهون) وهم في حضرة المولى عزَّ وجلَّ وفي أعظم العبادات وأحكمها خشوعاً وخنوعاً وتقوى، ماذا تنتظرون منهم بعد ذلك؟. (5) > ترى كيف هو حال (الشعب) السوداني اذا كان نواب البرلمان السوداني بعضهم يقول إن حالتهم (بطالة) وهم بكل هذه الامتيازات والحصانات؟. > كيف حال المواطن الكريم وبعض نوابنا الكرام (يسهون) في صلاتهم نتيجة وضعهم المادي. > في مقدمة العمود قلت لكم إن النواب اذا انصرفوا لقضاء حوائجهم سوف (يسهون) عن حوائج الشعب.. دعونا نقول كيف حال من (يسهو) بسبب مشاغل الدنيا ومادياتها في (صلاته). > لن نلوهم من بعد إن (سهوا) عن ارتفاع الغاز والكهرباء والمياه والدولار والخبز والسكر وهم (يسهون) في صلاتهم. (5) > المؤسف إنه بعد كل هذا الذي يخرج من النواب ويصرح به بعضهم، حرَّض نواب البرلمان أمس الأول المستشار القانوني للمجلس الوطني لمقاضاة الصحافيين ووسائل الإعلام ووضع حد للتصريحات التي قالوا إنها تسيء لقيادة المجلس ونوابه، الأمر الذي عدّوه مساساً بالسيادة التشريعية، وطالبوا باتخاذ ما سموها إجراءات قانونية تحفظ للمجلس وأعضاءه سمعتهم وكرامتهم. > بعد السيارات الفارهة وتحسين الأجور والسكن والتأمين الصحي ومكتب للنائب بسكرتاريته يبحثون عن قوانين تحفظ للمجلس وأعضائه سمتعهم وكرامتهم. > أي أنهم يبحثون أن يحسنوا أوضاعهم في الوقت الذي يبحثون فيه عن مقاضاة الصحافيين والتضييق عليهم. (6) > ليس عندي تعليق بعد هذا أكثر من: (دخل عمر بن الخطاب على ابنه عبدالله رضي الله عنهما، وإذا عندهم لحم، فقال: ما هذا اللحم؟ فقال: اشتهيته. قال: أو كلما اشتهيت شيئاً أكلته؟! كفى بالمرء سرفاً أن يأكل كلّ ما اشتهاه). > والفاروق عمر رضي الله عنه مرض يوماً، فوصفوا له العسل كدواء، وكان بيت المال به عسلاً، جاء من بعض البلاد المفتوحة، فلم يتداوَ عمر بالعسل كما نصحه الأطباء، حتى جمع الناس وصعد المنبر واستأذن الناس: إن أذنتم لي، وإلا فهو عليَّ حرام. فبكى الناس إشفاقاً عليه، وأذنوا له جميعاً، ومضى بعضهم يقول لبعض: لله درك يا عمر، لقد أتعبت الخلفاء بعدك. > ثم نقول أخيراً للنائب حسن محمد صباحي الذي قال إن بعض النواب يسهون في صلاتهم لوضعهم المالي (منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أهله من الاستفادة من المرافق العامة التي رصدتها الدولة لفئة من الناس، خوفاً من أن يحابى أهله بها، قال عبد الله بن عمر: اشتريت إبلاً أنجعتها الحمى فلما سمنت قدمت بها، قال: فدخل عمر السوق فرأى إبلاً سماناً فقال: لمن هذه الإبل؟ قيل: لعبد الله بن عمر، قال، فجعل يقول: يا عبد الله بن عمر بِخ… بِخ… ابن أمير المؤمنين، ما هذه الإبل؟ قال: قلت: إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى، أبتغي ما يبتغي المسلمون. قال: فقال: فيقولون: أرعوا إبل ابن أمير المؤمنين، أسقوا إبل ابن أمير المؤمنين. يا عبد الله بن عمر أعد إلى رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين). > المقارنة طبعاً معدومة بين (السيارات الفارهة) و(إبل) عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.