يوسف عبد المنان

المشهد في الضعين


قبل زيارة نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” (أمس)، لمدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، تعرضت المدينة لقصف بقذيفة ،أطلقت باتجاه منزل الوالي فأصابت امرأة وأردتها شهيدة في الحال، وكان القصف يستهدف اغتيال الوالي “أنس عمر”، فيما أصابت قذيفة أخرى مقر بعثات المدارس والجامعات المشاركين في مشروع العمل الصيفي، وألقت هذه الأحداث بظلالها على كل السودان الذي ظل يترقب ما هو آتٍ من جهة الغرب، حيث جرت الأحداث بما يشتهي كثر من المتربصين بدارفور في الداخل والخارج، ووضعت الأحداث زيارة النائب في المحك ،هل يتم تأجيل الزيارة حتى تستقر الأوضاع الأمنية أم تقوم الزيارة في موعدها ،وتتبدل الأولويات وتصبح زيارة ذات طبيعة أمنية وعسكرية.
وجرت محاولات هنا وهناك لإلغاء الزيارة في الوقت الراهن ريثما تستقر الأوضاع وتتم تهدئة الجبهة الأمنية وحتى لحظة وصول بعض أعضاء الوفد المرافق لنائب الرئيس صالة مغادرة مطار “الخرطوم”، كانت الهواتف تنهال على نائب رئيس الجمهورية من كل الجهات تطالبه بتأجيل الزيارة في الوقت الراهن.
ولكن النائب تمسك بالزيارة في موعدها ولم يبدل طبيعة الوفد ولا مكوناته المرافقة له التي طغى عليها التخصص، ولم يصطحب النائب مساعدين له من الجيش والأمن والشرطة، بل أبقى على وفده الذي يرافقه في رحلته
الذي يتكون من وزير الدولة بالتربية والرعاية ووكيل الاستثمار السفير “عاصم تاتاي” ووكيل المالية “عبدالله إبراهيم” ومدير عام شركة سوداني المهندس “طارق حمزة”، وكانت أولى المفاجآت في مطار الضعين أن القيادات في شرق دارفور شكلت حضوراً في الاستقبال وأن الوالي “أنس” لا يرتدي الطاقية الخضراء التي يقول إنها ترمز إلى أيام الجهاد في جنوب السودان وسعيه لنيل الشهادة بدلاً عن الحكم والسلطة، والوالي بات مستهدفاً من متفلتين من الضعين المدينة التي يقيم فيها وأخذت تستهدف وجوده
والدليل على ذلك القذائف التي تم تصويبها نحو منزله قبل الليلة، وسقطت في منزل عبدالله مسار القريب من منزل الوالي.
كيف يتصرف “حسبو محمد عبد الرحمن” نائب رئيس الجمهورية وهو أيضاً نائب لدائرة بحر العرب ،وينتمي للمنطقة وتجمعه وشائج قربى وصلات رحم مع اهلها والفاعلين في ساحاتها.
كان الموقف حرجاً والمناخ تخيم عليه الشائعات، ولكن نائب الرئيس أثبت أنه رجل دولة جدير بالاحترام، فأصدر قرارات وتوجيهات لحسم الفوضى في اجتماعات لجنة أمن الولاية، وفي اجتماع عاصف مع كل قيادات الرزيقات من عمد وأعيان، ضم إلى جانب “حسبو” الوالي “أنس عمر”. واستطاع النائب أن يضبط ساعة السياسة ومؤشر بوصلة الأحداث، انتقد بشدة سلوك المخربين الذين ينتسبون للرزيقات ، ووجه بالقبض على المتفلتين، وبحكمة وفطنة جعلت قيادة قبيلة الرزيقات تجدد ثقتها في الوالي “أنس عمر” وتتعاهد على دعمه، في الوقت الذي أقر الوالي بدور الإدارة الأهلية ،والتزم بإشراكها في كل شأن يتصل بالأمن العام في شرق دارفور.
غادر “حسبو” الضعين وقد استطاع نزع فتيل الاحتقانات التي خيمت عليها في الأيام الأخيرة، لتبدأ منها أولى خطوات فرض هيبة الدولة، واستقرار ولاية تملك كل مقومات النجاح ،ولكنها مسكونة بالمشكلات التي كثيراً ما تصنع بأيدٍ متربصة بها.