صلاح حبيب

أيام في أديس (4)!!


لفت نظري خلال زيارتنا لأديس أبابا مؤخراً توحيد الخطاب لدى المسؤولين الإثيوبيين، ففي لقائنا بوزراء الطاقة والكهرباء والمياه والري، وحتى المدير التنفيذي لمشروع سد النهضة الخطاب كان واحداً، أن سد النهضة فيه فائدة للسودان وإثيوبيا ومصر ولم ينشأ للإضرار بأية دولة، بل للفائدة العامة.. وأحسست كأنما هناك لقاء يتم يومياً بين المسؤولين الإثيوبيين يجري من خلاله التنوير بما يجري في بلادهم، وما لفت نظري أيضاً لدى المسؤولين الإثيوبيين التواضع والثقة بالنفس والأعمار الصغيرة، فمشروع مثل سد النهضة وبما أثاره من توترات بين الدول الثلاث يقف على رأسه مهندس لم يصل الخمسين من عمره، وكذا الحال بالنسبة لمشروع القطار لا يتجاوز عمر المدير التنفيذي للمشروع الأربعين عاماً، وكذلك مشروع الإسكان الشعبي.. فالدول التي تريد أن تتقدم تؤهل أبناءها وهم في أعمار صغيرة، وإثيوبيا دولة تعرف ماذا تريد، تريد أن تبلغ حجم الدول الكبرى كماليزيا والصين وكوريا الجنوبية، وبالعزيمة يمكن أن يصل الإنسان إلى ما يصبو إليه.
ولفت نظري أيضاً في أديس هدوء الشارع، فالمواطن الإثيوبي ملتزم بالوقوف صفاً عند ركوب المواصلات فلا أحد يتعدى على حقوق الآخرين، رغم التباين في القوميات التي تصل إلى ثمانمائة قومية، وكل تلك القوميات ممثلة في أجهزة الحكم صغرت أم كبرت.
شعرت بالغبطة والسرور أن أحد أبناء هذا الوطن قد قام بعمل كبير في أديس ألا وهو المهندس “محمد أزهري” مدير شركة النيل للبترول، لقد استطاع أن يقيم مستودعاً لمنتجات البترول والغاز بصورة مذهلة، ساعدت في زيادة مبيعات البترول لإثيوبيا. المهندس “محمد أزهري” أقام حفل عشاء راقياً للوفد الإعلامي رغم عدم معرفته بعدد كبير من أعضائه.. حفل العشاء كان في أفخر الصالات وغنى الإثيوبيون أغاني سودانية بصورة رائعة وربما أفضل من أصحابها. فالفنان الإثيوبي يتمتع بذكاء وقوة ملاحظة، لذلك حرصوا على تقديم الأغاني السودانية التي يعشقها أهل السودان ولكبار الفنانين “سيد خليفة” و”وردي” وحتى الفنانين الشباب “أحمد الصادق” و”طه سليمان”.. والشعب الإثيوبي يعشق الفن السوداني بطريقة مدهشة، ففي الأسواق نسمع عدداً كبيراً من الفنانين السودانيين يتردد غناؤهم وكأنما نحن في السودان.
السفارة السودانية بأديس كانت حاضرة، وفي أول يوم وصلنا فيه استقبلنا السفير “الهادي صديق علي نميري” كما أقامت لنا السفارة حفل عشاء فاخراً بالمقر الملحق بالسفارة، وكان السفير “الزين إبراهيم” قد استقبل الوفد واعتذر عن عدم حضور السفير “عثمان نافع” لارتباطه بعمل مسبق، والسفير “الهادي صديق” لإصابته بوعكة طارئة، لكن العشاء كان فاخراً حتى الفول السوداني كان ضمن المائدة، والتقط نهاية العشاء الصور التذكارية مع أعضاء الوفد الإعلامي، وهذه ظاهرة جيدة لسفاراتنا بالخارج.