مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي : عودة “أبو المنصورة”


رشحت أنباء بقرب عودة زعيم حزب الأمة القومي، الصادق، وجاء في الأخبار أن الرجل طلب من حزبه أن يتخذ قرار عودته، وأنه لم يعد هناك سبب لبقائه خارج بلاده…
قد يتساءل الكثيرون عن بواعث العودة في هذا التوقيت بالذات، وظروفها المحيطة ودوافعها الظاهرة والمستترة، وقد يتعمد بعض المعارضين الذين هيأوا أنفسهم لملء الفراغ السياسي الحالي، النظر إلى عودة المهدي في هذا التوقيت على أنها “تدبير” من النظام لـ”تنفيس” الحراك الذي تشهده الساحة حالياً، وقد يروجون لهذه النظرة على نطاق واسع.. وقد ينظر آخرون إلى عودة المهدي المرتقبة على أنها محاولة انتهازية منه لاختطاف وسرقة “الانتفاضة” التي تتراءى في الأفق السياسي، وقد ينظر إليها النظام بحساسية مفرطة نظراً لإحساسه الداخلي، لكن تظل الحقيقة التي لا كثير خلاف حولها أن عودة المهدي مطلوبة الآن لكونه يمثل التيار الوطني العقلاني، فهو من قادة الوسطية السياسية والدينية في البلاد على الأقل في الوقت الحالي، وهذه “العقلانية” هو ما تطلبه الساحة السياسية اليوم قبل الغد، نقول ذلك وبملء الفم أن البلاد بحاجة اليوم للعقلاء الوطنيين ورجال المسؤوليات التأريخية وليست بحاجة إلى المتهورين والمتنطعين والانتهازيين ولا المتطرفين ولا أصحاب النظرات التي لا تتجاوز أرنبة الأنف…
فعودة المهدي في هذا التوقيت مطلوبة على الصعيد الوطني ليضع يده مع زملائه من عقلاء المعارضة، وهناك كثير من المبررات التي تجعل عودة المهدي صمام أمان من الانفلات الذي يخشاه أي حادب على سلامة الوطن وحريص على استقراره ويقرأ بنظرة فاحصة ما يمكن أن يحدث في غياب العقلاء والحكماء.. والسؤال الذي يمكن أن نطرحه الآن: لماذا عودة الصادق المهدي مطلوبة الآن أكثر من أي وقت آخر؟؟..حسنا سأحاول الإجابة في الأسطر التالية:
أولاً: الصادق المهدي يمثل تيار القوى الوطنية العقلاني الذي يوازن بين المصلحة العامة والمصلحة الحزبية ووجوده في قلب المسرح السياسي المضطرب حالياً من شأنه أن يحدث التوازن المطلوب، بين المتشددين من قوى المعارضة الذين تدفعهم أحلامهم وتحركهم مراراتهم الشخصية، والمتطرفين من عناصر النظام الذين يدفعهم الغرور السلطوي، وتحركهم مخاوفهم من الانتقام والمحاسبة…
ثانياً: وجود المهدي في ساحة الحراك السياسي الحالي سيضفي إليه وزناً معتبراً، ورزانة سياسية وشيئاً من العقلانية المطلوبة التي تتجاوز بالساحة السياسية حالة “الصراخ” و”الولولة” التي يمارسها بعض قادة أحزاب المعارضة الباحثين عن الأضواء وركوب “الموجة”.
ثالثاً: عودة المهدي من شأنها أن تملأ الفراغ الكبير الذي يحاول الآن قادة مغمورون وغير مؤهلين لا سياسياً ولا أخلاقياً ملئه بالحرب الكلامية والمساجلات الإعلامية التي تزيد من حدة التوتر.
رابعاً: هناك مخاوف كبيرة في الشارع السوداني من أن يكون البديل هو بعض الحركات المسلحة ذات النزعة العنصرية إذ لا تزال الذاكرة الجمعية تحتفظ بوحشية ما حدث بأبي كرشولا من تقتيل وسحل لمواطنين أبرياء، هذه المخاوف ستزداد يوماً بعد يوم في ظل غياب قادة حكماء وعقلانيين أمثال المهدي.
خامساً: وجود الصادق المهدي مع عقلاء آخرين بالمعارضة في مثل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر من شأنه أن يقلل من حجم الخسائر التي قد تحدث بسبب التهور من هنا وهناك، بما يصدر منهم من خطاب عقلاني يعمل على تهدئة التوتر ويدعو إلى ضبط النفس، ويحقق الأهداف “المرجوة” بأقل الخسائر.
سادساً: تحركات المهدي الداخلية مع نظرائه العقلاء في المعارضة ستفتح شهية التيار العقلاني داخل النظام للتواصل معهم وبالتالي الوصول إلى منطقة وسطى تحفظ للبلاد أمنها واستقرارها دون إراقة دماء..