عمر الشريف

ما زلت فى ضلالك القديم


هذا العنوان الى كل من فى الحكومة وخارجها أو فى منصب للأكثر من ثلاثون عام ومن ظل ينتظر أن يحكم السودان بعد السبعون والثمانون من عمره . ماذا عملتم طوال تلك السنين ؟ وماذا قدمتم ؟ وما ينتظر منكم لتقدمونه ؟؟ . ألا تذكرون كيف كان حال السودان قبل الثلاثون عاما الماضية وحاله الآن ؟ وأنتم تحكمون وتنظرون وتنتظرون وتؤيدون وتقاطعون وتهاجرون وتعودون ؟؟ لقد ماتت الأرض وجفت الأنهار حتى كاد أن يختفى الليل والنهار وهاجر الكبار والصغار ومات الأحرار والاطفال وتفشت الأمية فى المجتمع ليس جهلا ولا عدم توفر دور التعليم ولكن بأهمالها وعدم أداء رسالتها وتشريد قدوتها . لقد إنهكت الأجساد وتغيرت الأنفس وأصبح الكل يبحث عن طبيب نفسى ليبعد عنه شبح السودان الذى أصبح يطارده بالخيال وواقع الحال .

الى من تتحدثون من داخل القصر ومن قاهرة السيسى وبرج إيفل وبلاد العم سام وتلابيب اللائام ومن هضبة الحبشة وتوعدونا بسودان للجميع ، كيف يصبح السودان للجميع وإختلف بعضنا البعض وإنقسم أهلنا ولايات وحاضرات وقبائل وفرق وأحزاب يحرم البعض ويحاكم البعض وترفع الحصانة عن البعض . هل هذا السودان الذى نحلم به ؟ لقد أصبح يتحدث عننا من هم أصغر منا سنا وأجهل من أعدائنا بالتاريخ ليصرحوا بأننا تبعيين ليس من العدنانين ولا من الفرعونين ولا يحق لنا وطن .

الى من يستنفرون الجامعات ليموت فلذات أكبادنا من أجل أن يصلوا الى الكرسى وهم قادمون من الخارج فى الدرجة الأولى ليعيدوا لنا التاريخ والماضى الجريح . الى من يستنفرون قواتهم لتوجيه الرصاص وغاز الدموع ناحية أجيال المستقبل والشعب يفقد غاز الوقود وينسون هم الذين أدخلوهم فى السياسة ليشغلوهم عن العلم والمعرفة والإبداع . الى من يطلبون مناصب عليا للجلوس فى طاولة المحادثات لحل الخلافات ومشاكل الوطن . عن أى وطن تتحدثون وعن أى سودان تنتظرون . فكروا وأرجعوا وتوبوا الى بارئكم ، ألا تعلمون أنكم فى القرن الواحد والعشرون . أخشى عليكم أن يغلق باب التوبة وأنتم فى ضلالكم وتفكيركم وأخشى عليكم أن تنقضى أعماركم وأنتم فى ضلالكم أنظروا الى مخطط مشروعكم الحضارى أين هو الآن ؟.

أتريدون أن تجعلوا سوداننا عِراقا جديدا أم تجعلوه شاما وتقفوا على الأطلال وتقولوا كانت هنا حياة . أما تجعلونه دولة للإستهزاء بعد أن كان يضرب بها المثل فى الشجاعة والكرم والأمانة والأخوة . لقد كانت أمريكا يهددها عبود وتخشى الأزهرى وتحترم نميرى واليوم وجدت الهوان والضعف لتنتقم من السودان بحجة دعم الإرهاب والإبادة الجماعية وللأسف بدعم من بعض أبناء الوطن . أين تاريخ السودان وأين الإعلام ليعيد لنا هيبتا وكرامتنا وأين رجال كررى وأين ساحات الفداء التى كانت تهيب العالم وتعيد لنا الكبرياء وأرضنا المغتصبة . لقد تلطخت الأيادى بالدماء ونمت الأجساد بمال الفساد وماتت القلوب بكثرة الحساد والحصانات وهجر السودان الشرفاء ليجدوا لهم متنفسا وملاذا ليعيدوا أمانة الكرماء .

مازلت فى ضلالك القديم .. أين الترابى قاتل الشهداء هل رفع رآية السودان هل ثبت دعائم المشروع الحضارى الاسلامى وأين تلاميذه من الزهد والورع أليس هم من رفع شعار ( هى لله هى لله ) لكنها اصبحت ( هى للدنيا هى للدنيا ) تشهد عليهم الأبراج العالية والمناصب الكبيرة والعربات الفارهة والإمتيازات المتعددة والحصانة الخاصة لا يعلى عليهم القانون ولا يطولهم البشر . أتركوها لله ورحمة بالعباد وتخفيف من الحساب لتكون ثورة شبابية وعدالة وطنية يقودها الطلاب والاحرار ولا مكان لحزب ولا حركة خائن ولا فاسد فيها . وطنية وطنية ، شعبية شعبية ، عدلية عدلية .