زهير السراج

لا يزال الملف مفتوحا !!


* زار البلاد فى الفترة من 14 – 28 أبريل الماضى الخبير المستقل لحقوق الانسان الخاص بالسودان، أريستيد نونونسى وهو من دولة (بنين)، وذلك فى اطار المهمة الخاصة المكلف بها من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بتقييم أوضاع حقوق الإنسان فى السودان، ومدى تنفيذ الحكومة لتعهداتها بتحسين اوضاع حقوق الانسان فى البلاد، وهى المرة الثانية التى يزور فيها نونونسى البلاد منذ تسميته لاداء هذه المهمة!!
* فى مؤتمر صحفى عقده بالخرطوم فى ختام زيارته، تحدث الخبير عن عدة موضوعات وطالب حكومة السودان بالقيام بخطوات ضرورية من اجل تحسين اوضاع حقوق الانسان فى السودان، من بينها إتاحة حرية التعبير والعمل الصحفى والتجمع، وهى حريات يتضمنها الدستور السودانى وينص عليها بوضوح، ولم تكن تحتاج الى وجود خبير دولى مستقل لينبه حكومة السودان للإلتزام بها واحترامها، ولكن وكما تعودنا من الحكومة، فهى لا تعير اهتماما للدستور، ولا تستمع لناقد أو لناصح، بل وتتهم فى كثير من الاحيان الناصحين والناقدين بالخيانة والعمالة!!
* ولم تكن الحكومة فى حاجة أبدا لكى ينبهها الخبير المستقل الى ضرورة القيام بتحريات محايدة تجاه ضحايا احداث سبتمبر 2013 ، ومعاقبة الجناة، وليس فقط الإكتفاء بالتعويضات، وهو أمر لطالما ظل الناس يطالبون به، بينما الحكومة تصم آذانها عنه، وهاهى القضية تنتقل من المنبر الوطنى الى المحافل الدولية، وتصبح جزءا أساسيا من مطلوبات مجلس حقوق الانسان للاعتراف بحدوث تحسن فى ملف حقوق الانسان فى السودان، فماذا ستفعل الحكومة لتقنع المجتمع الدولى ومؤسساته بحدوث تقدم فى هذا الملف بدون تنفيذ توجيهات الخبير المستقل؟!
* تحدث الخبير المستقل عن الحصانات القانونية الممنوحة لبعض منسوبى الدولة، واعتبرها معيقة لتطبيق العدالة، ورسالة خاطئة لمرتكبى الانتهاكات لمواصلة انتهاكاتهم وهم فى مأمن من العقاب، وهو ما لم تكن الحكومة فى حاجة لأن تسمعه من خبير أو موفد دولى، واعتباره نقطة سوداء أخرى فى ملف حقوق الإنسان فى السودان، فلقد ظل الكثيرون فى بلادنا أفرادا وجماعات يتحدثون عنه، وينتقدونه ويطالبون الحكومة بتعديل قوانين الحصانات الواسعة المنوحة للبعض التى أعاقت كثيرا سير العدالة وأغرت بعض حاملى الحصانات بالاستهانة بالقانون وانتهاك حقوق المواطنين بدون خشية من أحد!!
* انتقد الكثير من الصحفيين والسياسيين والناشطين، ولا يزالون، الكثير من القوانين، مثل قانون الأمن الوطنى الذى يعطى سلطات واسعة للاعتقال والاحتجاز، بالإضافة الى إضفاء حصانة على من يرتكبون أفعالا تقع تحت طائلة المسؤولية الجنائية، ونصحوا بادخال تعديلات لمعالجة هذا الخلل، ولكن لم يهن على الحكومة حتى ولو من باب (شاوروهن وخالفوهن)، الاستماع لأصوات النصيحة والنقد، حتى جاء الخبير المستقل ووجه نفس الانتقادات والنصائح، التى لم تكن الحكومة فى حاجة الى سماعها من خبير دولى لو استمعت لمواطنيها، فماذا ستفعل الآن بعد أن اصبح هذا الموضوع جزءا من ملف حقوق الانسان المفتوح لدى المؤسسات الدولية والذى يعتبر العائق الأول لرفع العقوبات الدولية عن السودان وتحسين علاقاته مع العالم!!
* الكثير من الموضوعات تناولها الخبير بالنقد، كانت محل نقد متصل من الجميع فى السودان، مثل حظر السفر وتعليق صدور الصحف وتقييد العمل الصحفى ..إلخ، بدون أن تستمع الحكومة الى رأى أحد، وهاهو الخبير الدولى يأتى ليقرص أذنها ويقل لها “أخطات”، ويطالبها بتغيير سياساتها واحترام حقوق الانسان السودانى، ويجعل ذلك شرطا لاقناع العالم باغلاق ملف حقوق الانسان فى السودان وتحسين علاقاته بالسودان، فهل كانت الحكومة فى حاجة الى من يأتى من الخارج لتفهم ذلك ؟!
* لماذا لا تفهم الحكومة أن الطريق الى قلب العالم، لا يمر بالعلاقات الثنائية، والمجاملات الدبلوماسية، والأحلاف، وإنما باحترام حقوق الانسان السودانى؟!