حوارات ولقاءات

الشيخ “حسن “الترابي” في (شاهد على العصر) بقناة الجزيرة (الحلقة الثانية – الجزء الأخير)


كان لي الدور الرئيسي في ثورة أكتوبر والشيوعيون والإسلاميون جعلوني على رأس قائمة الخريجين لأعالجها بعد يوم واحد، وآتي وأنا لابس هكذا (أشار بيده إلى ارتدائه ملابسه كاملة)،
ولكنهم يقولون لي: لا، لا، عفواً عفواً، وأدخل معهم المطبخ وأدخل معهم في قضاياهم مع أولادهم ومع بناتهم، يعني شعب منفتح وكريم قابل للتطور من حيث ما كان
رصد – طلال إسماعيل
{” أحمد منصور”: من يشعل الحريق.
– الشيخ “الترابي”: وبعد ذلك الالتهاب كله يلتهب، وفعلاً حصل.
{” أحمد منصور”: مهما كان الشعوب مستكينة؟
– الشيخ “الترابي”: في تلك الندوة العامة صلينا صلاة الجنازة وأخذنا المياكرفونات وبدأنا الحديث بعد ذلك أصبح ثورياً وبدأ الناس يقلبون السيارات وما اشتعلت النيران في سيارات الشرطة إلا وأدركت عندئذً أني الآن بين يدي ثورة، ليست هي بنصيحة واحتجاج ومظاهرة وهكذا.

{” أحمد منصور”: دون تخطيط.
– الشيخ “الترابي”: دون تخطيط، ولذلك طفت ذلك الليل وسميت نفسي دون الاسم الأخير، وهم كانوا يعرفونني منذ الندوة من هذا الجديد الذي دخل السودان هل هو شيوعي؟

{” أحمد منصور”: لاسيما وأن المد اليساري كان طاغياً في ذلك الوقت.
– الشيخ “الترابي”: نعم، حسبوني شيوعياً أو شيئاً من هذا القبيل، قريباً لي سألوه ما هذا؟ أرادوا أن يقبضوني ولكنهم ترددوا هم متحفظون كما حدثتك عن الحكم، كان معتدلاً، طفت على كل الساسة أن يحضروا معنا الجنازة ثم بعد ذلك المظاهرات وبدأت الضغوط وبدأت التداعيات، الجماهير تخرج.

{” أحمد منصور”: ما فيش حرية من دون دماء، في واحد استشهد.
– الشيخ “الترابي”: نعم.

{” أحمد منصور”: والشعوب عندما يكون لها الاستعداد أن تضحي تحصل على حريتها.
– الشيخ “الترابي”: وبدأت الجموع تذهب إلى القصر وبدأ القضاء بعد ذلك القضاة كلهم تحت تمردوا وكل الخدمة العامة تمردت، ولذلك “عبود” قال خذوها خذوها، أنا ما انتزعتها منكم، أودعت لي كرهاً من نفسي عندما قامت ثورة أكتوبر.

{” أحمد منصور”: خلال قراءتي لثورة أكتوبر من عدة مصادر وجدتها تعطي نموذجاً لكيفية إسقاط حكم عسكري مستبد.
– الشيخ “الترابي”: نعم.

{” أحمد منصور”: ولكن يجب أن يكون الشعب لديه الاستعداد للتضحية وأن يتحرك ليسترد بلده من هذا الطاغية.
– الشيخ “الترابي”:نعم، نعم والثورات الشعبية هي التي تورث انقلاباً عسكرياً قد يعقب خليفة عسكرياً إلى الثاني، ولكن الثورة هي التي تحدث الحرية لأن الشعب هو الذي ثار.
{” أحمد منصور”: الحرية تنتزع.
– الشيخ “الترابي”: نعم.

{” أحمد منصور”: لا تطلب.
– الشيخ “الترابي”: نعم، والشعب هو الذي يثور وعندئذً تبسط الحرية.

{” أحمد منصور”: النقابات المهنية والطلاب وضباط الجيش الشرفاء أيضاً تحركوا.
– الشيخ “الترابي”: أخيراً الأمن قالوا لن نقتل أهلنا لأننا ندافع عن الوطن وجاءوا إلى “عبود” وقالوا له اذهب اذهب سالماً.

{” أحمد منصور”: في بعض الدول العربية عدد الذين يقتلون على يد الأمن أكثر من الذين قتلهم الاستعمار والاحتلال.
– الشيخ “الترابي”: يأسف المرء أن يقول هذا.
{” أحمد منصور”: ولكن لابد من الضباط الشرفاء أيضاً أن يكون لهم موقف.
– الشيخ “الترابي”: نعم، نعم.

{” أحمد منصور”: دائماً العسكر المفسدين يخشون من المحاسبة لذلك من حول “عبود” منحوا وعداً بعدم المحاسبة.
– الشيخ “الترابي”: نعم كتبت في الدستور لهم لأنهم قالوا أمرنا بذلك أرجوا أن لا تحاسبوننا على طاعتنا لأمر حكومة منتخبة.

{” أحمد منصور”: يعني الشعوب العربية تتعهد لهؤلاء الطغاة أن يعطوهم عهداً أن لا يحاسبوهم.
– الشيخ “الترابي”: السودانيون، والمسلمون عندهم العفو دائماً وأحياناً عند جريمة القتل.

{” أحمد منصور”: لكن مسلسل الانقلابات الدموية زي العراق وزي بقية الدول الأخرى دائماً بيكون مخيفاً.
– الشيخ “الترابي”: لا حول ولا قوة إلا بالله، في شعوب دموية أصلاً، لكن نحن السودان ما دموي جداً والعنف ليس فيه حتى حركته الإسلامية ما فيها مدود جهادية طلعت غير نظامية بل فقط تريد أن تستهدف وتقتل وتخرب وتدمر ما عندنا.

{” أحمد منصور”:هل من السهل التخلي عن السلطة.
– الشيخ “الترابي”:لا عسير جداً.

{” أحمد منصور”: يعني “عبود” ما كان يتخلى لولا وجد هذه الحشود.
– الشيخ “الترابي”: هذا السؤال أجيبك عنه.

{” أحمد منصور”: لكن أنا هنا عشان “عبود”.
– الشيخ “الترابي”:لا، عبود هذا أولا رجل طيب كان مهندساً والسودان كثيراً لم يعهد الحكم العسكري في تاريخه لم نعرف فرعوناً نحن في السودان بلد متسع ومنتشر والحكم الإسلامي كان منبهلاً كده.

{” أحمد منصور”: ليس هنالك قبضة.
– الشيخ “الترابي”: القبضة لم نعهدها من قبل والبلد واسع أساساً من العسير أن تقبضه.

{” أحمد منصور”: هي أكبر دولة أفريقية.
– الشيخ “الترابي”: قبل أن يتقدم بعد ذلك الإعلام الحديث وتسيطر على رزق الناس وعلى معلوماتهم وعلى أخبارهم وعلى اتصالهم وكانت تجربة طيبة.

{” أحمد منصور”: تقدر تقول لي أهي هي العوامل التي أدت إلى نجاح ثورة أكتوبر 1964؟
– الشيخ “الترابي”: أولاً انفعال عدد من الصفوة كده عموماً بروح الحرية وبسط السلطة وانبساط الرأي العام، هذه مسألة مهمة جداً، وثانياً الذين في السلطة أنفسهم كان لهم حد في أنفسهم ما فسدوا والمال في يدهم وما قسوا بالاعتقالات والناس كانوا يتحدثون والسودانيون لسانهم طلق والبلد واسع جداً من العسير حتى على نظام عسكري أن يحتويه كله، وهو يعلم أن الجنوب لا يمكن أن يحتوى بالقوة ويعلمون أنه لو ثار الغرب أو ثار الشرق من العسير أن تحتويه، البلد أوسع من قبضة المستبد فيه والشعب أكثر نزعة للحرية بطبيعتهم البدو يرون الأفق فقط حدهم وحياتهم دوماً حرة ما تعودوا على النظام والضبط والربط.
{” أحمد منصور”: هل طبيعة الشعب السوداني طبيعة متمردة.
– الشيخ “الترابي”: لأنهم أصلاً لم يتعودوا على الانضباط والضبط والربط ما عاشوا في منطقة ضيقة جداً يحكمهم حاكم يحيط بهم وجنده، ما مثل الشعب المصري على النيل فقط و”فرعون” وجنوده يمكن أن يحرمك الماء.

{” أحمد منصور”: نعم.
– الشيخ “الترابي”: الحياة، الضرورات تضطرك حيناً ما أن يستخفك.

{” أحمد منصور”: هل تعتبر العام 1964 والمحاضرة التي كانت لك في جامعة الخرطوم كانت بداية ولادتك السياسية في السودان؟
– الشيخ “الترابي”: نعم، نعم.
{” أحمد منصور”: وهل تعتبر أن لك دور رئيسي في ثورة أكتوبر؟
– الشيخ “الترابي”: نعم، ما في ذلك شك ولذلك عندما جاءت انتخابات الخريجين صوت لي كل الخريجين الشيوعي منهم والإسلامي وكنت على رأس القائمة بفارق هائل جداً غالب الذين فازوا من اليساريين.

{” أحمد منصور”: هل خططت لهذه اللحظة أم أن الظروف ساعدتك لتولد زعامتك السياسية؟
– الشيخ “الترابي”: ما خططت بالعكس كنت أخطط لسيرتي العلمية وأقدر والتخطيط كان في ذهني دائماً للأمام، إذا كنت أؤمن بالآخرة المسلمون يؤمنون بالآخرة ولكن لا يخططون للغد، ينسى يوم الآخرة هذا كلام بألسنتهم فقط ليس بأنفسهم ولكن مجرد قامت ثورة علمت أن هذا المسلك ليس مسلكي أخرج للشارع.
{” أحمد منصور”: تقصد أن الجامعة ليست مسلكك.
– الشيخ “الترابي”: نعم.
{” أحمد منصور”: لذلك استقلت وتفرغت.
– الشيخ “الترابي”: كان الفرنسيون يطلبون مني أن أطبع الرسالة ولكن نسيت كل هذا وتركت القانون، وما اشتغلت محامياً وتفرغت للشعب وللناس.

المجهر


تعليق واحد

  1. بصراحة العسكر فسادهم من الساسة الساسة هم من يقلبون ويتحكمون بدون معرفة وبدون نعم لديهم مسؤولية لكن من الظلم كل المسؤولية نحملها للعسكر استبداد ليس للعسكر وحدهم الجيش ليس كما يقال عنه ظلم ظلم شماعة الساسة مثال اليوم انظر لمن يحكم ومن يقرر