حوارات ولقاءات

رئيس تحرير صحيفة التيار في حوار صريح: قلت لشركائي.. لو كنتم تريدون صحيفة التيار خذوها دون محاكم


أول مالفت انتباهي وأنا أدلف إلى مكتب رئيس تحرير صحيفة التيار المهندس عثمان ميرغني شاشة ضخمة مزودة بكاميرا مراقبة، يبدو أنها نصبت بعناية فائقة في أعقاب الهجوم الذي تعرض له الرجل في وضح النهار داخل مقر صحيفته موخراً، الشاشة المزودة بالكاميرا ربما دليل واضح على أن صاحب «حديث المدينة « أصبح يتحسب لكل شاردة وواردة بعد الهجوم على صحيفته.

* صحيفة التيار كانت واحدة من المحطات التي زارها الخبير المستقل لحقوق الانسان ماهي الكيفية التي تمت بها هذه الزيارة ؟
الخبير المستقل كان قد التقي بالاتحاد العام للصحفيين السودانيين الأسبوع الماضي، ويبدو أنه إطلع على بعض المعلومات من الاتحاد،ثم بعد ذلك التقى ببعض منظمات المجتمع المدني، وأشاروا إليه لقضية التيار كواحدة من قضايا حقوق الإنسان، فقام الخبير بالاتصال بنا وطلب تحديد موعد لزيارة مقر الصحيفة لينظر ويقارن هذه المعلومات التي حصل عليها، وفعلاً جاء إلى مقر الصحيفة، وطرح علينا عدة أسئلة حول ماجرى للصحيفة خلال عدة سنوات، الايقاف الاول والثاني والمصادرات التي تعرضت لها، واستفسر عن الكيفية التي تتم بها هذه الإجراءات وكيفية التعامل معنا، والأسباب التي تتم بموجبها هذه الإجراءات، وبدورنا أجبنا علي كل هذه الاستفسارات

ماهو تقييمكم لهذه الزيارة ؟
أنا كنت صريحاً جدا مع الخبير، وقلت له إن قضايا الحريات تدافع عنها الشعوب ولا تستطيع أي جهة خارجية من المجتمع الدولي أن تساهم أو تدفع في قضية الحريات باعتبارها قضية داخلية، ولكن الذي نتوقعة أن التناول الاعلامي لمثل هذه القضايا ربما يساعد في توسيع المشاركة علي الأقل الوجدانية في مثل هذه القضايا، والخبير ذكر أن كل مايفعله سيكتب في تقرير قفط

ألا تتفق معي أن تقرير الخبير المستقل عن ايقاف صحيفة التيار سينعكس سلباً علي التقرير العام عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان الذي سيعرضه أمام المجلس بجينيف سبتمبر القادم ؟
من الصعب أن أجزم أن التقرير سيؤثر، و الخبير جمع معلومات عن القضية من اتحاد الصحفيين ومنظمات مجتمع مدني، وجاءت أسئلته علي ضوئها، ومن خلال الأسئلة التي طرحها علينا يبدو أنه كان متوقعاً أن حجم التعسف والمواجهة مع السلطات كانت أكبر مما يتخيل بكثير، فعلى سبيل المثال من ضمن أسئلته هل زيارتي للصحيفه ستؤثر عليكم وتتسبب لكم في مخاطر، فقلت له إن الزيارة معلنة وقبل وصولك إلينا قمنا بالإعلان عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وليس هنالك أي مخاطر، والموضوع ليس بالخطورة التي تتوقعها، والخبير كان يفهم أن الصحيفة ستغلق تماماً وتعيين حراسة عليها، وأوضحنا له أن عملية الإغلاق مجرد إخطار عبر الهاتف، فليس هنالك إجراءات تتم علي الارض، وذكرت له أننا نمارس مهامنا من اجتماعات وغيرها من داخل مقر الصحيفة، وأننا نفذنا وقفة احتجاجية ودخلنا في إضراب عن الطعام، وقمنا بجمع توقيعات، وأتوقع أن الإفادات التي أعطيناها له خففت إحساسه بالموضوع، فهو كان يعتقد أن الموضوع أكبر مما يتخيل

المحكمة العليا أصدرت قراراً مؤخراً أعادت بموجبه بعض أسهم التيار لملاك من بينهم عادل أحمد الحسن وآخرين كيف تنظر لهذا القرار؟
طبعاً هذا القرار كان مفاجئاً بالنسبة لنا، ولم يكن لنا علم مطلقاً بأن هنالك قضية في المحكمة العليا بهذا الصدد، والقضية كانت في محكمة الموضوع ومحكمة الاستئناف وصدر قرار لصالحنا لمرتين علي التوالي، ولكن أنا دائما أميل لدولة القانون، بمعني ألاتحاول أن تثير أي شبهات حول الأحكام القضائية لأن هنالك سبل للتعامل معها ،

هل ستتقدم بطعن ضد هذا القرار ؟
هذا الأمر يحدده المحامي وهو نفسه فوجيء عندما أخطرته بالقرار، ونحن كما قلت لك لانميل لخلط المسارات مع بعضها ،
يعني لست منزعجا من هذه القضية ؟
إطلاقا، بالعكس أنا أرى أنها مجرد قضية قانونية عادية جداً،

طيب إذا استئانفت قرار المحكمة العليا وصدر قرار آخر لصالح الطرف الآخر هل ستسلمهم هذه الأسهم ؟
طبعاً، وأكشف لك سراً عندما ذهبنا لمحكمة الموضوع قلت لمولانا لو تبقت دقيقة واحدة لإصدار الحكم، ولو كان سيصدر لصالحي بنسبة 100% أنا لا أريد حكماً، إنما أبحث عن تسوية للمحافظة على علاقتي بالطرف الآخر فهم أصدقاء لي، وقلت لهم بالحرف الواحد لو كنتم تريدون صحيفة التيار خذوها دون محاكم، وإن كنتم غير راغبين فيها سأدفع لكم قروشكم وأنتم تتروكها، والعلة كلها أنهم يصرون علي استمرار الشراكة لايريدون خروجي منها ولا إرجاع أموالهم لهم

أتريد القول إن القضية كلها تتمحور في فض الشراكة فقط ؟
ليس فض الشراكة، القضية معقدة جداً، فقضيتهم ليست ضد شخصي فقط، فهنالك آخرون أمثال الأستاذ طه النعمان فهو شريك ومؤسس للتيار، وهؤلاء كما ذكرت أصدقائي وأنا الذي جئت بهم، وطلبت منهم المشاركة، ولكن فوجئت برفض المجموعة التي كانت معي لوجودهم كشركاء في الصحيفة وبذلت جهوداً كبيرة لاقناع هذه المجموعة بإدخالهم كشركاء، وكدت أن أنجح في ذلك، لولا حدوث مشكلة بسبب أحد أعضاء الطرف الآخر، فعندما ذهب للمسجل التجاري قام بتغيير تسجيل الصحيفة، مما أحدث مشكلة كبيرة، وأذكر أنه في ذلك الوقت راج حديث عن تزوير في الأوراق الخاصة بالصحيفة، فهم الذين قاموا به، وإبلاغنا المحامي آنذاك أن هذا الفعل لو تم كشفه سيطيح بالجريدة، وسيدخلكم السجن، وذهبت للمسجل التجاري لمعالجة الأمر، فأخبرني بأن هذه الأوراق دخلت ولن يتم تعديلها إلا بواسطة المحكمة، وبالفعل ذهبنا للمحكمة والتي بعد مرور عام أمرت بإزالة هذه الأوراق وإعادة الأمر إلى ماكان عليه، للاسف الشديد القضية حملت أكثر مما يجب، وأنا كنت حتى آخر لحظة مع إجراء تسوية وبحث عنها بكل السبل، واذكر محامي الطرف الآخر بعد الفراغ من إحدى جلسات المحاكمة، قال لي أمام القاضي أشهد الله انت رجل منصف، وذلك لما لمسه من المساعي التي قدتها من أجل التسوية

عثمان ميرغني متهم بانك رجل لاتتضامن مع الصحفيين في القضايا التي تهمهم، بالرغم من الالتفاف الكبير للصحفيين الذي وجدته عندما تم ايقاف صحيفتكم ؟
هذا اتهام أنا أقدر الشخص الذي أطلقه، لكن لا أذكر أنني لم أقف مع قضايا الصحفيين، فكل الوقفات الاحتجاجية التي يطلب أن نشارك فيها شاركنا، صحيح الوفقة الاحتجاجية هي تعبير رمزي ضعيف، لكن كنا نقوم بها، ولكن الملام كان يأتينا أننا لم نسخر زاويتنا للدفاع عن صحف أوقفت، وبالفعل كتبنا دفاعاً عن كل الصحف التي تم ايقافها عدا واحدة، لأن لدينا موقف مبدئي تجاهها ولم ندافع عنها

كذلك هنالك من يتهمك بالالتفاف حول حقوق العاملين معك وأنك أجبرت بعضهم على تقديم استقالات بعد أن أوقفت رواتبهم ؟
هذا الحديث غير صحيح ومعلوم أن هذه الصحيفة أوقفت مرتين ولم يتقدم أي صحفي بشكوي ضدنا، صحيح بعض الصحفيين المقربين أرجأوا صرف مرتباتهم لحين صدور الجريدة، وبعد عودة الصحيفة سددنا لهم كل التزاماتهم المالية،عندما أوقفت الصحيفة في 2012 نصحتنا جهات ذات تجربة سابقه في المجال بالذهاب لمكتب العمل ولم نفعل، وانتظرنا 4 أشهر على أمل ان تعود الجريدة، وعندما لم يحدث ذلك ذهبنا لمكتب العمل وأعطانا خطاباً بتسريح العاملين وفق المادة 50 مع منحهم مرتب شهر، اما في هذه المرة نحن لاندري موعداً لعودة الصحيفة، وبالرغم من ذلك صرفنا للعاملين مرتب الشهر الأول، ولكن طالبوا بالتأمين، وعندما ذهبوا للتأمينات فوجئوا ان الخطوة لاتتم إلا بتقديم استقالاتهم، وجاؤا وقدموا استقالاتهم، وأنا قلت لهم بالحرف الواحد هذه الاستقالات بغرض الحصول على التأمين قدموها بإطمئنان ومتى ماعادت الصحيفة ستواصلون في عملكم معنا، والصحفيون لو حسوا بغبن تجاهنا لما نفذوا الإضراب عن الطعام لإطلاق سراح الصحيفة

الإضراب عن الطعام إلى أي مدى حقق نتائج ايجابية ؟
حقق نتائج ايجابية كبيرة جداً، لدرجة أنني كنت سعيداً جداً عندما أشار أحد السياسيين في إحدى الندوات لتجربة التيار، وقال إنها قدمت تجربة جديدة للاحتجاج السلمي، ونعتقد أن هذه رسالة للشعب عندما تكون محتجاً على أمر لاتغلق شارع ولاتحرق إطارات ولاتقذف بالحجارة، لا بد من استخدام اسلوب راقي للتعبير، وأنا أذكر عندما تم إغلاق الصحيفة قبل عامين، وعدنا بقرار من المحكمة الدستورية أقيم موتمر دولي عن المحاكم الدستورية باحدى الدول، والحكومة السودانية شاركت في المؤتمر بقضية التيار، وضعتها أمام المجتمع الدولي، وقالت لهم أنظروا لهذه التجربة، صحيفة أغلقت بواسطة السلطات احتجت للمحكمة الدستورية، والمحكمة قررت عودتها والآن هي تعمل، والحكومة حملت قضية التيار وعرضتها للمجتمع الدولي كنموذج للاحتكام للقانون في السودان، وافتكر أن من الأشياء التي عملتها التيار تعليم الناس كيفية الاحتكام للقانون

هل من بشريات بعودة التيار قريبا ؟
إن شاء الله حسب ماعلمنا من المحكمة الدستورية أن إجراءات المحكمة انتهت، وأصبحت في مرحلة إعلان القرار، ونحن نتوقع أن يتم ذلك قريباً.

البعض يرى أنك مستهدف وهنالك من يقول أنك محسود ؟
أنا لا أعتقد أنني مستهدف أو محسود، ولكن كل مايحدث سوء فهم وسوء تقدير من بعض الجهات، تنتج عنها قرارات تضررنا منها ضرراً بليغاً، على سبيل المثال الهجوم الذي تعرضت له الصحيفة في وضح النهار بواسطة 20 شخصاً مسلحين، وجراء ذلك تعرضت لإصابة كبيرة في عيني جعلتني بعد كل فترة أذهب للخارج لتلقي العلاج

تعني انك تعاني من سوء فهم من قبل الاخرين ؟
نعم أعاني من سوء فهم وسوء تقدير

أين وصلت الإجراءات في هذه القضية ؟
لم تصل إلى أي شئ تم القبض على المعتدين، وتم إطلاق سراحهم

هل أغلق ملف القضية ؟
لم يغلق، وأعتقد أن القضية لم تنته بعد

حوار : عمار محجوب / تصوير سفيان البشري
اخر لحظة