منوعات

قانونيون يطالبون بإلغاء حبس المواطنين المتعاطين للمخدرات


الب قانونيون بإجراء تعديلات في قانون الإجراءات الجزائية في ما يتعلق بوجوب حبس المتهمين المواطنين في قضايا تعاطي المخدرات إلى حين عرضهم على اللجنة الطبية، ومنح الأشخاص المضبوطين للمرة الأولى حق «التكفيل» إلى حين توفر أسرة أو أماكن لتلقي العلاج في ظل وجود قوائم انتظار تضم العديد من الأفراد لدخول المراكز المعنية بالعلاج.

وشددوا على ضرورة تخصيص مكان للمتهمين بالتعاطي داخل المؤسسات الإصلاحية، لمنع اكتسابهم خبرات إجرامية أخرى حال اختلاطهم بباقي النزلاء، مشيرين إلى أن إجراء الحبس يطال حرية المتعاطي الشخصية ويسبب له خسائر كبيرة تتضمن تشويه سمعته وفقدانه مصدر رزقه.

ووفقاً لإحصائيات محكمة جنايات واستئناف أبوظبي فإن متوسط عدد الطلبات التي تتلقاها المحكمة بدائرتيها الأولى والثانية يومياً، من المتهمين في قضايا تعاطٍ يبلغ نحو 3 طلبات بإيداعهم وحدات علاج باعتبار المدمن مريضاً يحتاج إلى العلاج والتقويم وذلك تطبيقا لنص المادة (42) من قانون مكافحة المواد المخدرة.

وقت المحكمة

وتفصيلاً، قال المحامي طارق السركال إن المشرع الإماراتي أكد في المادة 24 من قانون مكافحة المخدرات على رؤيته وقناعته من أن تعاطي المخدرات ظاهرة مرضية والمتعاطي مريض يستحق العلاج، وذلك من خلال إيداعه إحدى وحدات العلاج من الإدمان بعد عرضه على اللجنة المشرفة على العلاج وأخذ رأيها في الحالة.

وأضاف أنه تماشياً مع هذا الفكر الواقعي والإنساني الراقي وتلافياً للآثار السلبية والاجتماعية التي ستصيب عائلة ومكانة هذا المتعاطي لأول مرة ومن يعيله بأفدح الأضرار، والتي يتمثل أدناها في عزله من وظيفته وتوقف إعالته عائلته التي ليس لها ذنب فيما اقترفه المتعاطي، أقترح أن يتم إحالة من يثبت تعاطيه إلى العلاج مباشرة من إدارة مكافحة المخدرات إلى إحدى وحدات العلاج من الإدمان وبسرية تامة، دون حاجة لقيد الواقعة كقضية تشغل القضاء، وتؤدي إلى اضطراب في العلاقات الاجتماعية وتكون النتيجة واحدة، وهي إحالة للعلاج وتحميل الدولة عبئاً في إيجاد عمل له بعد أن ينهي فترة علاجه، علاوة على التفكك الأسري الذي عادة ما يصاحب مثل هذه القضايا وآثارها السلبية.

ولفت إلى أن سجن المتعاطي لأول مرة يؤدي إلى ظاهرة سلبية أخرى وهي أنه سيتعرف أثناء تواجده في السجن على شخصيات سلبية من المسجونين ما يمكن معه أن يتعلم السلوك السيئ أو الإجرامي من بعض نزلاء المؤسسة العقابية.

معاملة

ودعت المحامية فايزة موسى إلى تغيير معاملة النزيل المتعاطي لأول مرة منذ القبض عليه، وإعطائه فرصة جديدة لعدم التعاطي بإجراء الفحص الدوري لعلاجه عوضاً عن عقوبة الحبس إلى حين صدور حكم قضائي بإحالته للعلاج، مع عدم إغفال استمرارهم في وظائفهم.

وأكدت على ضرورة تحويل النزلاء المتعاطين للمواد المخدرة لأول مرة لمركز التدريب والتأهيل لعلاجهم والتعامل معهم على أنهم مرضى، دون الحاجة إلى وضعهم داخل السجن، وانتظار دورهم لحين توفر أسرة لعلاجهم، خاصة وأن معظم المراكز تعاني قلة الأسرة والمرافق العلاجية.

أضرار

أما المحامي محمد حامد العزعزي فقد أشار إلى أن العديد من النزلاء المتعاطين يصابون طول فترة وجودهم في المنشآت الإصلاحية باليأس والإحباط، بعد أن فقدوا وظائفهم، حيث كان معظمهم موظفين، إضافة إلى نظرتهم لأنفسهم على أنهم مرضى ولم يضروا أحداً بل ضروا أنفسهم.

وقال إن المشرع الإماراتي وضع أشد العقوبات بحق كل شخص يتورط في تعاطي المؤثرات والمواد المخدرة، غير أنه استهدف في الوقت ذاته منح المتعاطين الحق في العلاج وتشجيعهم عليه، عبر إعفائهم من المسؤولية القانونية.

وأضاف أن تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية آفة تهدد أي مجتمع، فوضع المشرع الإماراتي أشد العقوبات بحق كل شخص يتورط بها، غير أن المشرع استهدف في الوقت ذاته، تشجيع العلاج من إدمان تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، وقد أفرد لها القانون الاتحادي رقم (14) لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بالدولة نصاً مستقلاً في هذا الشأن، وذلك لتحفيز وتشجيع المتعاطي، بهذا الإعفاء من المسؤولية الجنائية، على التخلص من داء التعاطي.

ولفت إلى أن استمرار حبس المتعاطي، لقلة عدد المراكز المعنية بالعلاج، وافتقارها للأسرة التي تساعدها على القيام بمهامها، تمثل عوامل خطيرة تجعل نزلاء المؤسسة العقابية والمحكومين على ذمة قضايا التعاطي فاقدين الأمل ومحبطين وليس عندهم هدف في الحياة.

لجنة دائمة

وشدد المحامي أحمد الضالعي على ضرورة تكليف أقسام مكافحة المخدرات بتخصيص لجنه طبية دائمة بداخلها، للبت في مدى حاجة المتهمين المواطنين الذين يتم ضبطهم بتهم تعاطي المواد المخدرة، للإيداع في المصحات الطبية بدلاً من إيداعهم السجون إلى حين عرضهم على القضاء.

ولفت إلى أهمية منح هذه اللجنة كامل الصلاحيات القانونية لتحويل المتعاطي، وذلك في حال ضبطهم للمرة الأولى بهذه التهمة، إلى الأقسام المعنية بالعلاج.

وأكد الضالعي على ضرورة التوسع في إنشاء الوحدات المختصة بالعلاج من الإدمان وتخصيص مراكز في جميع المستشفيات الحكومية، وتوفير مراكز لإعادة التأهيل في أكثر من منطقة حتى يخف الضغط على المراكز الرئيسية المختصة، منوهاً بأهمية نشر التوعية القانونية والصحية لدى الناس بمخاطر تعاطي المخدرات، عبر استخدام كافة وسائل الإعلام وتنظيم الندوات والورش التوعوية.

تعديل قوانين

المحامي أحمد المعمري أشار إلى أن وجود المتعاطي داخل المؤسسة العقابية إلى حين إحالته لمركز العلاج، قد يتسبب في معاناته من ضغوط شخصية، تتمثل في انفصاله عن أسرته وفقدانه عمله، وقد يتعدى ذلك، خصوصاً في مجتمعاتنا، إذ يبقى المتعاطي مشتبهاً فيه في نظر المجتمع، حتى بعد إحالته إلى العلاج وتمكنه من التعافي وعودته إلى المجتمع.

ودعا إلى ضرورة تعديل بعض النصوص الخاصة بعلاج المدمنين بأن لا تقام الدعوى الجنائية على المدمن أو المتعاطي الذي طلب زوجه أو أحد أصوله أو أحد فروعه إلى اللجنة الطبية أو النيابة العامة علاجه أو تأهيله.

وأضاف أن التوقيف يقع قبل الحكم، وهو تدبير احتياطي، مؤقت، في حال أشارت اللجنة الطبية إلى ضرورة إدخاله أحد المراكز المعنية بتقديم العلاج للمتعاطين، ولا بد من إطلاق سراح المتعاطي إذا تبين للمحكمة أن المراكز المعنية لا تقدر على استيعابه نظراً لوجود قوائم انتظار مزدحمة.

دراسات

وقال المستشار فيصل السعدي إن الدراسات توضح أن المتعاطي هو الشخص الوحيد المجني عليه الذي لا يقوم بالتبليغ عن الجريمة.

وأضاف أن العلاج للمتعاطين ضروري، ولابد من توفير المأوى العلاجي لهؤلاء وفي أي مكان يفي بالغرض العلاجي، سواء كان مركزا للتأهيل أو قسما مختصا في المستشفي وخصوصاً الحكومية منها أو بداخل المؤسسات العقابية، بشرط أن يعزل المتعاطي عن مرتكبي الجرائم الأخرى.

المحامية هدية حماد قالت: في إحدى القضايا التي ترافعت فيها، اعترف موكلي أمام هيئة المحكمة، بتعاطي المواد المخدرة، طالباً إحالته إلى العلاج، مشيرة إلى أنه قضى نحو 45 يوماً داخل السجن لحين تمكن المركز المختص بالعلاج من توفير سرير له، وبعد خروجه من المصحة العلاجية، تم ضبطه مرة أخرى، لكن ليس بتهمة التعاطي، وإنما الاتجار بالمخدرات، حيث اعترف خلال التحقيقات، أنه تعرف خلال فترة انتظاره في السجن على عدد من التجار الذين أقنعوه بمزاولة النشاط الإجرامي.

وأوضحت أن هذه الفئة من المتعاطين لا يستطيعون أن يعولوا أسرهم، فيتوقف مصدر رزقها، ومن الممكن أن ينسحب ذلك على أبنائهم، فيتوقفوا عن دفع مصاريف رسومهم الدراسية وغير ذلك من الواجبات الموكلة إليهم.

وتابعت: يتوجب تكفيل المتعاطين الذين يتم ضبطهم للمرة الأولى على ذمة القضية، وألا يمدد الحبس لأكثر من 21 يوماً، إلا في حال تبين تورطهم في قضايا أخرى، والتي يشكل فيها المتهم خطورة على الآخرين، كالاتجار في المخدرات وغيرها.

أرقام

وأفاد الدكتور حمد الغافري، المدير العام للمركز الوطني للتأهيل بأن المركز سيعمل خلال الأشهر القليلة المقبلة، على توفير نحو 169 سريراً جديداً لعلاج الإدمان، منها 135 سريراً للرجال و34 سريراً للنساء، داخل مبنى المركز في مدينة شخبوط.

ولفت إلى أن المركز حقق خلال الفترة الماضية العديد من الإنجازات أبرزها تجاوز نسبة العلاج في المركز الـ42%، بينما تتراوح نسبة النجاح عالمياً ما بين 30 إلى 35%، مشيراً إلى أن المركز يقدم خدماته بدون مقابل رغم أن هناك تكلفة لتسيير المنشأة وتوظيف الموظفين القائمين على علاج المرضى، حيث يبلغ متوسط مدة الإقامة بالمنشأة 3 أشهر، وتكلفة علاج المريض الواحد تصل إلى 156 ألفا و621 درهماً. ولفت إلى قيام المركز برفع العديد من التوصيات إلى الجهات المعنية لإقرارها ومنها مجموع من العقوبات ذات الطبيعة المجتمعية، وذلك لإدخالها على قانون المواد المخدرة.

سعيد السويدي: تعديلات تشريعية تعزز فرص العلاج

أكد العقيد سعيد السويدي، مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الاتحادية في وزارة الداخلية أن الهدف الرئيسي بالنسبة لوزارة الداخلية والجهات المعنية بمكافحة المخدرات المسؤولة عن تطبيق القانون هو الإصلاح، فالقانون يقول إن متعاطي المخدرات يُطبّق عليه قانون تجريم التعاطي وإحالته للنيابة.

وقال إن التعاطي مسألة مجرّمة وغير مسموح بها وإدارات وأقسام المكافحة في الدولة تعمل على تحليل وتقييم حالات تعاطي المخدرات واضعة بعين الاعتبار الأسبقيات الجنائية والفئة العمرية والدوافع والأسباب التي أدت للتعاطي.

وأضاف: تعاطي المخدرات مجرّم وفق القانون، إلا أننا نعي بأن هناك جانباً مرضياً وظروفا اجتماعية قد تكون سببا لوقوعه ضحية لآفة المخدرات، لذلك يتم اتخاذ إجراءات لتقييم حالة المتعاطي وفق ضوابط عديدة منها أسبقياته الجنائية، وعمره، وعلاقته مع أسرته، ومدى تعاونه واستعداده على تقبل العلاج والعودة إلى الطريق السليم، والسلوك القويم ويتم من خلالها تقييم إخضاعه للعلاج والرقابة الدورية اللاحقة.

وتابع: نحن نرحب بأي شخص يتقدم للعلاج وطلب المساعدة، وعلى استعداد لأي مشاكل يمكن تذليلها، وهنالك العديد من الحالات التي لجأت إلى مختلف وحدات مكافحة المخدرات في الدولة، وتم التعامل معها بسرية تامة وحصلت على خدمة العلاج والـتأهيل بالتنسيق مع المراكز المختصة، فإصلاح المدمن وإقلاعه عن تعاطي المخدرات تعد من أهم أولوياتنا.

ولفت إلى أن الإمارات تبنت العديد من البرامج الوطنية للوقاية من المخدرات ما أسهم في خفض معدل المتعاطين لأول مرة بنسبة 7% في 2014 وبنسبة 8% في عام 2015.

ولفت إلى حاجة قانون مكافحة المخدرات الذي صدر في عام 1995 إلى تعديل يتوافق مع التغيرات خلال الفترة الحالية، مشيراً إلى أن التحديات التي يمكن أن نواجهها اليوم على الصعيد الميداني قد تكون مرتبطة معالجتها بتحديث القانون ومعالجته؛ ووضع نصوص قانونية جديدة.

وأوضح السويدي أنه تم الانتهاء وبالتنسيق مع وزارة العدل من اقتراح بعض التعديلات على القانون الحالي، منوها أن التعديلات التي اقترحتها الداخلية تصب في شتى المحاور سواء كانت في مجال الضبط أو تعزيز فرص العلاج، والتشجع بشكل أكبر على التقدم للعلاج؛ بالإضافة إلى إيجاد آليات وضوابط للمتابعة اللاحقة لمدمني المخدرات للتأكد من عدم عودتهم، وتقليل نسب الانتكاس.

أنواع

حسب تصنيف وزارة الداخلية فإن المخدرات تنقسم إلى 12 نوعا هي الحشيش، نبات الخشخاش، بذور الخشخاش، بذور القنب، نبات القنب، قات، كوكايين، هيروين، أفيون، الاسبايس، مارجوانا، الشبو.

ويبلغ إجمالي عدد المؤثرات العقلية نحو 23 قرصا مخدرا هي ترامادول، ميثادول، كبتاجون، ارتن، لورازيبام، ريفوتريل، لاريكا، ويلكم، لازيكس، اولانزابين، نيترازيبام، برازولام، فاليوم، لجافليكس، كمدرين، اكزانكس، تريفن، روج، كلونازيبام، بروبكسفين، بنزوديازبين، زنكس، بنزهيكسول.
طباعة

البيان