عبد الباقي الظافر

وسام الصبر الجميل..!


يوم الخميس الماضي كان يوماً كسائر الأيام عند الصحفي محمد عثمان بابكر..في حفل عام كان الوالي يأمر ضابط شرطة رفيع بإبعاد الصحفي من الولاية الشرقية..ولكن محمد عثمان لا ينتظر الإبعاد القسري من المدينة التي يعشقها..تحت شعور الخوف من حاكم لا يخاف الله غادر «أدروب» مدينته.. إن لم يفعل ربما وجد العنت الذي واجهه الصحفي إبراهيم بقال في صراعه المشهود مع والي شمال دارفور.
بعد ذاك الخميس عدد من الصحف تستغني من صحفيين من ذوي البراعة..وقبلها أيضا أخبار المدينة تتحدث عن تصنيف الصحف إلى ولي حميم وعدو أثيم ..من بين هذه وتلك أحاديث في الهواء تتحدث عن ضرورة دمج الصحف ..المنطق يحمل الخوف على مستقبل الصحافة، ولكن التفسير يؤكد ضيق الصدور من نقد الصحافة.
التوقيت السياسي أشد تعقيداً..عنف سياسي في الجامعات راح ضحيته طلاب أبرياء ..ساحة سياسية فيها اضطراب في الرؤى.. المعارضة تعتقد أن الربيع العربي أتى متاخراً للسودان..وأن ضيق المُعايش سيكون شرارة الانتفاضة الشعبية..الحكومة تحسب حساباً آخر.. خارطة طريق أمبيكي وضعت الحبل على عنق المعارضة..تطورات الأحداث في جنوب السودان، والتي أفضت إلى عودة رياك مشار المقرب من الخرطوم ستجعل شد الحبل سهلاً..وقبل ذلك توقع عودة انسياب النفط الجنوبي العابر لأراضي النوير..كل ذلك يجعل الحكومة تبتسم.
في هذا الوقت الحرج تصدر المحكمة الدستورية حكما بإعادة إصدار الزميلة التيار..الحكم أثلج الصدور وتحول إلى سابقة تستحق الاحترام.. في هذا التعقيد صدر القرار الشجاع الذي أنصف القضاء السوداني الذي مازال بخير ..هنالك وقائع كثيرة تعضد رأينا.. عدد من الملفات الحساسة إنتهت مؤخراً إلى منضدة العدل..من بينها ملف ضحايا احتجاجات سبتمبر الشعبية.. قبلها كان وزير العدل ينكر وجود ملف يحمل هذا الاسم.
في تقديري ..أدى القضاة الأفاضل في المحكمة الدستورية واجبهم على أكمل وجه..الكرة الآن في ملعب الحكومة ..عدم الالتفاف حول القانون يمنح مصداقية إضافية لدولة المؤسسات ..حبذا لو تمدد الانصاف لتعامل منصف مع جميع الصحف.. الصحافة واحدة من مؤسسات الحكم الراشد.. وجود اسم بلدنا في قائمة أسوأ ست دول على وجه البسيطة في التعامل مع الصحافة يمكن أن يتغير..مطلوب من الصحافة أن تتعامل برشد ومسؤولية ..ومطلوب من الحكومة أن يتسع صدرها جاعلة القانون فيصلاً بينها ومخالفيها في الراي.
بصراحة.. تستحق مؤسسة التيار وسام الصبر الجميل.. هؤلاء الشباب ظلوا عاكفين في دارهم شهور عدداً.. كانوا على يقين أن القانون سينصفهم وإن طال الصبر.