محمود الدنعو

أعبر دكار.. أعبر الأزمة


مع دخول طرق التدريس الحديثة في المدارس القرآنية، إلا أن الكثير من (خلاوى) ومدارس تحفيظ القرآن للصيبان في غرب أفريقيا لا تزال تتبع الأسلوب التقليدي في تجميع الأطفال من مناطق بعيدة، وإسكانهم في دور هي في الغالب لا تتوفر بها الخدمات الأساسية، هذا بالإضافة إلى إطلاق الأطفال بعد حصص التحفيظ الصباحية إما للعمل في الحقول لصالح المدرسة وشيخها أو التسكع في الأسواق والشوارع والأزقة لممارسة (التسول)، وجمع ما يتلطف به عليهم المارة من بقايا طعام أو نقود، وهي ممارسة فوق كونها امتهان لكرامة الأطفال الذين جاءوا لهدف نبيل هو حفظ القرآن الكريم، فهذه الممارسة تعرض حياتهم إلى الخطر، فالكثير منهم دهستهم سيارات المارة وبعضهم استهوتهم بعض الممارسات في الأسواق والشوارع، فانحرف بهم المسار.
ظاهرة تسول الأطفال في الشوارع من مدارس تحفيظ القرآن منتشرة جدا في غرب أفريقيا عموماً بلا استثناء، ولكن في السنغال تبدو هي الأسوأ، وقد صدر بشأنها عدد كبير من التقارير الحكومية والمدنية، اتهمت المدارس القرآنية بمساهمتها في تفاقم وضع ما لا يقل عن 30 ألف طالب، أجبروا على التسوّل بشكل يومي، وفقاً لدراسة أجرتها الحكومة السنغالية في 2014.
وتعمل الحكومة السنغالية على تشييد مدارس قرآنية (عصرية)، لتعويض نظيرتها التقليدية، والتي ينحدر منها المتسوّلون الصغار، وهو مشروع طموح انطلق في العام 2014 يمتد حتى 2018، ويتجسد عبر تشييد 64 مدرسة قرآنية، بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية، وتقدر كلفة تحديث المدارس القرآنية بـ20 مليون دولار.
في شوارع العاصمة السنغالية دكار هناك نحو 50 من الأطفال يجوبون الشوارع شحاذين أغلبهم من طلاب المدارس القرآنية، حياة هؤلاء الأطفال في الشوارع حولها أوسينو خادم المهندس صاحب الـ 32 عاماً إلى لعبة عبر المحمول بعنوان: (كروس دكار سيتي) أو عبر مدينة دكار من أجل لفت الانتباه لهذه المشكلة اللعبة يتم تحميلها مجاناً، وفي أول يوم لطرحها تم تحميلها 50 ألف مرة وصمم أوسينو اللعبة في أوقات فراغه، حيث يعمل في شركة فرنسية للطاقة، ومن أبرز مقاطع اللعبة كيفية عبور الطريق من قبل الأطفال الشحاذين والمخاطر التي تواجههم في ساعات الازدحام المروري في العاصمة السنغالية دكار.
ويقول أوسينو خادم إن الهدف من تصميم هذه اللعبة جعل الحكومة ومنظمات المجمتع المدني الاهتمام بحماية هؤلاء الأطفال. وقال إنه بصدد تطوير اللعبة ليصدرها بتقنية ثلاثية الأبعاد.
إذن، الهدف ليس فقط عبور شوارع دكار بل عبور هذه الأزمة التي تهدد حياة الأطفال ليس في السنغال وحدها، بل في عموم غرب أفريقيا.