جمال علي حسن

بل أمريكا ملزمة ونحن غير ملزمين


خطوات صائبة اتخذتها الخارجية السودانية وهي تطبق قاعدة التعامل بالمثل مع الولايات المتحدة وتمتنع عن منح بعض المسؤولين الأمريكيين تأشيرات دخول للسودان بعد أن ظلت أمريكا تمارس هذه العادة القبيحة بالامتناع عن منح تأشيرات دخول للكثير من المسؤولين السودانيين الذين لم يكن معظمهم يقصد السياحة أو النزهة في أمريكا أو التمرغ في التراب الذي يمشي فيه أوباما، بل هي زيارات بغرض المشاركة في اجتماعات ومؤتمرات في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وكنا في مقال سابق قد حرضنا وطالبنا الحكومة السودانية بتطبيق هذه القاعدة، قاعدة التعامل بالمثل، وهي قاعدة سودانية خالصة فالسوداني معروف بعزة نفسه ولا يقبل الإذلال أو البكاء واللهث خلف من ينصرف عنه فيكون الرد عليه بعبارتنا العامية – غير الدبلوماسية – الرائجة (في ستين) ويتغنى شعراؤنا (الياباك خلو عندو شن داير)..
لكن برغم ذلك فإنه في حالة سفر المسؤولين لأمريكا تحديداً فإن تطبيق هذه القاعدة لا يعني الامتناع عن طلب تأشيرات لمشاركة مسؤولين سودانيين في اجتماعات الأمم المتحدة أو المنظمات التابعة لها والتي تقام في نيويورك.. فمشاركة السودان في هذه الفعاليات حق أصيل للسودان كدولة عضو في الأمم المتحدة ومن حقه المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وكل الفعاليات الأممية التي تقام في دولة المقر ومن واجب الولايات المتحدة أن تفي بواجبها كدولة مقر بإصدار تأشيرات الدخول اللازمة لممثلي السودان بأسرع ما يمكن .
هذا حق.. وليس منحة من أمريكا فالأمم المتحدة موقعة على اتفاق مع أمريكا كـ(بلد مضيف) وهذا الاتفاق يحدد شروط عمل الأمم المتحدة في نيويورك وكذلك الحصانة للمسؤولين وممثلي أعضاء الأمم المتحدة وينص على ان السلطات الأمريكية يجب ألا تفرض أية عراقيل أمام الانتقال من وإلى مقر الأمم المتحدة من قبل ممثلي الدول الأعضاء.
هذه مواثيق دولية لا علاقة لها إطلاقاً بحالة العلاقات الثنائية بين أمريكا والسودان.. ولذلك نريد من الخارجية السودانية أن تتمسك بموقفها في إجراءات منح تأشيرات الدخول للأمريكان وفق تقديراتها وحسب الفائدة التي تتوقعها من زيارة أي منهم الى السودان.. وفي نفس الوقت تستمر الحكومة في تقديم طلبات التأشيرة الأمريكية للمسؤولين الذين يمثلون السودان في الاجتماعات الدولية فهذا أمر مختلف تماماً، فأمريكا ملزمة بنا في هذه الحالة ونحن غير ملزمين بها على الإطلاق.. فالسودان ليس مقراً لمنظمة دولية حتى يضطر لمنح تأشيرات دخول لأمريكان دون رغبة منه لكن العكس صحيح .
وبذلك نطالب بأن تكون قاعدة التعامل بالمثل خارج دائرة المشاركات الأممية.. هذا هو الموقف الأصح .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.