الهندي عز الدين

طقس الشائعات الساخن!


{ هذه أيام خصبة للشائعات في بلادنا، (الواتس آب) و(الفيس بوك) يفعلان بالناس والحكومة الأفاعيل. بالأمس انتشرت شائعة على شبكات التواصل الاجتماعي تقول بزيادة سعر تعرفة الكهرباء بنسبة (150%)، ونشر الخبر بصياغة توحي بأنه صحيح مائة بالمائة، وأن مجلس الوزراء عقد جلسة طارئة لم تتجاوز الساعة اعتمد فيها زيادة إيجار عداد الكهرباء فضلاً عن الزيادة الهائلة للسعر في القطاع السكني والتجاري مع إلزام القطاع الصناعي بعدم زيادة أسعار المنتجات، وهو ما لا يقبل.. لا عقلاً ولا منطقاً، أن تزيد الحكومة سعرها وتطلب من الجهات المتأثرة بالزيادات عدم الزيادة!!
{ إنه (صيف ساخن جداً) على الأصعدة كافة، درجة الحرارة نهاراً حوالي (43) درجة، شركة توزيع الكهرباء بدأت تنفيذ برمجة قطوعات قاسية، يوم بعد يوم تقريباً، من الصباح الباكر وإلى وقت العصر، لتوفير ما يمكن توفيره من طاقة التوليد الحراري والمائي الشحيح، وقصة (المائي) قصة، ولا نعرف على وجه التحديد ماذا فعل الأخوة (الإثيوبيون) بنيلنا الأزرق، فصار النهر العظيم مجرد (خور) خاصة قبالة أم درمان وكرري في “مدينة النيل” و”الواحة” تحديداً، فقد لاحظت وأنا أعبر صباحاً ومساء جواره أن الشباب أخذوا يعبرون إلى جزيرة في وسطه خائضين!! فلا حاجة لمركب ولا بنطون! وإذا جيء ببص نهري أو بنطون هنا (سيوحل) لا محالة من كثرة الرمال وقلة المياه!!
{ وزارة الموارد المائية والكهرباء ظلت تردد أن شح الأمطار أدى إلى هذه النتيجة الكارثية، غير أنني ما زلت غير مقتنع وكلنا نعلم أن الأمطار هطلت الخريف الماضي بغزارة في بعض المناطق في إثيوبيا والسودان، ولكنها متأخرة، فلماذا لم يفض النيل.. ولو متأخراً؟!!{ المهم أنه صيف ملتهب لا يحتمل أية زيادات أخرى، الحر.. والعطش.. و(الدولار) المرتفع، والأسعار الباهظة باستثناء (الطماطم)، وهي الأخرى سترتفع أسعارها ويزيد دلالها قريباً بنهاية الموسم!
{ هيئة مياه ولاية الخرطوم رفعت تعرفة المياه قبل نحو ثلاثة أشهر بنسبة (100%) مع وعد مغلظ بعدم حدوث قطوعات بعد الزيادة، لما يتوقع من عائدات مالية ضخمة يتم تحصيلها دون إبطاء عبر نوافذ بيع الكهرباء، وتم تنفيذ الزيادة منذ شهرين، ورغم ذلك زادت قطوعات المياه بصورة غير مسبوقة.
{ ولهذا فإن المبررات التي يسوقها بعض الوزراء والمديرين لزيادة أسعار الخدمات الأساسية بحجة أن رفع القيمة يحقق عائدات تساعد على استقرار الخدمة، أو ترشيد الصرف، هي في الغالب مبررات ضعيفة تعتمد على خطط غير مدروسة وأفكار بلا سيقان، ولا أدل على ذلك مما فعلته هيئة مياه الخرطوم، وما يعيشه المواطنون اليوم من أزمات قاسية في الحصول على الماء في بلد النيلين.. وأنهار المياه الجوفية!
{ إنه (صيف ساخن جداً)، والتوترات التي افتعلتها بعض الحركات المسلحة في الجامعات بهدف تحريك الشارع على جثث ضحايا أبرياء، تضاف إلى الضغط الاقتصادي الذي فشل المسؤولون في تخفيفه، كل هذا وذاك يفرض على الحكومة والحزب الحاكم تدبر الأمور جيداً وبدرجة عالية من الوعي السياسي والحنكة الاقتصادية، والبحث عن مخارج، والسعي لتنفيس هذا الاحتقان بإطلاق بشريات تتعلق بمعاش المواطن وحياته وخدماته، بشريات وحوافز حقيقية يلمسها بيديه، ويراها رأي العين، لا يسمعها في الخطب ويقرأها في الصحف.
{ هل الحكومة لديها أجهزة ومؤسسات تفكير وإدارة قادرة على تمرير هذا الصيف الساخن بسلام، دون استغراق في (الخطط الأمنية)، لأن نجاح هذه المؤسسات في التصدي لأدوارها بجدارة، يخفف الوطأة على الأجهزة الأمنية والشرطية، وبالتالي يوفر الكثير من المال، ويحفظ الأنفس والممتلكات.
{ حفظ الله البلاد والعباد.

 

 

المجهر السياسي