رأي ومقالات

الموت حَرَّاً في رمضان أفضل..


حديثي اليوم حول القطوعات التي بدأت تتكرر في التيار الكهربي لمواقع عديدة في ولاية الخرطوم «العاصمة» والساعات الطوال التي صار يقضيها المواطنون في لهيب السخانة والمياه المقطوعة.. والشيوخ الرُكعَّ والأطفال الرُضّع.. والبهائم الرُتّع.. وليس بيد أحدهم شيء إلا سداد فاتورة «الدفع المقدم» للكهرباء والمياه مقدماً.. مع عدم وجودها عند الطلب.. الدائم.. وغير الدائم.. حسبنا الله ونعم الوكيل.. ويجيء العذر الأقبح من الذنب وبالخطوط العريضة والصفحات الأولى للصحف السيارة ويا ليتهم «كضموا» إلى يوم يبعثون.. إذ «يكشف» مركز التحكم القومي بالشركة السودانية لنقل الكهرباء بأنهم «بدأوا» في تخفيض «تحوّطي» في السحب اليومي من بحيرات السدود «تحسباً» لزيادة الطلب على الكهرباء في شهر رمضان!! وتذبذب إيراد النيل ويفيد المركز في تصريح صحفي أن هذا الإجراء «الاحترازي» سيؤدي إلى «بعض» القطوعات في الإمداد الكهربائي.. وذلك للحفاظ على الشبكة في «أوقات الذروة».. وهل من ذروة أكثر من هذه الأيام يا مركز يا قومي؟! يعني يموت الناس من الحر الليلة عشان يعيشوا تحت الكندشة في رمضان؟؟؟.. رمضان أمره بيد الله وليس بأيديكم يا ناس المركزي القومي.. والموت من الحر والعطش في رمضان أرحم بكثير من ذلك في هذه الأيام.. وخلونا نعيش لما يجي رمضان، ورمضان بيجي بي خيراته ورحماته وأجره وثوابه.. سيبونا بالله من «التصريحات» الصحفية وكلام الجرايد والتخدير دا.. وراجعوا فواتيركم والأموال التي تورد بالكيمان ووجِّهوها للإصلاح والمعالجات الفنية من روسيا من الصين من «الواق واق» وعوِّضوا الشعب الغلبان قروشوا التي يدفعها لكم «كراعو فوق رقبتو وفي شارع الظلط». ظللنا طوال عمرنا وعملنا في الصحف نقرأ عن القطوعات وأسبابها.. وإذا فاض النيل وامتلأ كان الطين والطمي سبباً في القطع.. والتوربينات وفتحات الخزانات.. وإذا قلّت مناسيب النيل يقولون إن هذا من أكثر الأعوام جفافاً ــ ومنذ مائة عام ــ لم ينخفض منسوب النيل مثل هذا العام ــ ومسكينة الهضبة الأثيوبية.. أمطارها شتوية دائمة ويقولون إن الجفاف ضربها «ضربة قوية» هذا العام.. ثم يتحدثون لمن لا يفهم عن الوحدات الغازية المتحركة والميقاواط ومحطة الشهيد وقري الحرارية.. ويكررون كل أسبوعين أن العمل والصيانة شارفا على الانتهاء والتأهيل في الوحدات المتعثرة مما سيؤدي «لتحسين» ملحوظ.. من الأسبوع القادم ويظل هنا للأسبوع القادم للموسم القادم في العام القادم والساقية برضو مدورة. وحقيقة القول «اللي اختشوا ماتوا» لا يتورع المسؤولون عن دعوة المواطنين تحويل استخداماتهم «غير الملحة» للكهرباء إلى خارج أوقات الذروة..!! سبحان الله. نعرف في دول كثيرة مجاورة وأسوأ حالاً من بلادنا فيها يُعتبر قطع التيار الكهربي من «الكبائر» في حق المواطن ودائماً ما يتحرك في أمرها المسؤولون على مستوى الرئاسة ولا أعتقد أن الحديث عن أهمية التيار الكهربي وضرورته في كل مناحي حياة الناس يحتاج إلى سرد أو شرح.. فمسألة الأسعار والضغوط المعيشية.. قد يحتملها الناس ويعالجونها بأنفسهم.. ولكن كيف يعالجون الظلام والحر والعطش.. ولا نريد أن نتحدث عن الوعود القديمة ولكننا نتذكرها منذ أيام العمل على تشييد «سد مروي» والوعود بتصدير الكهرباء بعد الاكتفاء منها داخلياً.. قال لي أحد الشيوخ أن «سد مروي» طلع «ماسورة». أرحمونا يرحمكم الله.. وأدونا الكهرباء حتى نظل أحياء ونبلغ شهر رمضان.. ورمضان هو شهر الله.. وهو يجزئ به والموت فيه حياة.. «وأقطع دراعي» أن القطوعات في رمضان ستكون أفظع وأشد من الآن ونكون لا لقيناها الليلة.. ولا في رمضان، وهكذا عودتمونا دائماً يا ناس الكهرباء.. جزاؤكم عند خالقكُم.

محمد الياس السني

الانتباهة