يوسف عبد المنان

تحرير الملعب


لو أن المجلس الوطني أقلع عن تقاعسه ونهض بمسؤولياته في التغيير والإصلاح، وفكر وقدر وتدبر وتقدم بمبادرة من تلقاء نفسه وأصالة عن النواب بقانون جديد للشباب والرياضة، حرر فيه الرياضة والأندية من قبضة الحكومة، وأقر وفقاً لتوجيهات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قانوناً يجعل الأندية شركات مساهمة عامة، فإن البرلمان يكتب لنفسه نقطة إيجابية لصالحه (تبيض) الوجه الذي سودته ممارسات البرلمان العام، حيث أصبح النائب في نظر الشارع العام (مداحاً) للجهاز التنفيذي كمهنة أولى والثانية التصفيق للوزراء حينما يقدمون بياناتهم التي تتسع فيها المسافة بين الواقع البائس والأوراق الجميلة، والبرلمان السوداني معفى من مهمته الرقابية لأن تلك مهمة شاقة وصعبة ولا يقدر عليها إلا أولي العزم من الرجال والنساء، ولكن تقديم مشروع قانون للرياضة هو المهمة التي ينبغي أن ينذر البرلمان نفسه لها.. ولا يتركها للوزارة التي يصعب على وزيرها ووزير دولتها النظر بعيداً عن السياسة ودارفور وقضايا التمرد.. وكلا الوزيرين علاقتهما بالرياضة مثل علاقة المفطر في رمضان بلا عذر بصلاة التراويح.. وبين جنبات البرلمان رياضيون وخبراء مثل “مازدا” و”مجدي شمس الدين” المتقلب بين أحضان المؤتمر الوطني وأيدي الحزب الاتحادي الديمقراطي، ولا يعيب البرلمان إن هو استعان بالخبير د. “كمال شداد” للاستفادة من خبراته في صياغة قانون جديد.. يمهد الدرب لرجل الأعمال “أسامة داوود عبد اللطيف” لشراء نادي المريخ ودفع فوائد ما بعد الخدمة لـ”جمال الوالي” والعم “شاخور”، وتحمل نفقات التسجيلات واختيار مدرب كبير من البرازيل أو أوروبا، وتكوين مدرسة لتعلم كرة القدم.. وتصبح مهمة “مزمل أبو القاسم” الكتابة عن جمال المريخ والأحمر الوهاج.. ومهمة المشجعين دخول الإستاد بالسعر الذي يحدده مالك النادي مثلما يفعل ملاك مانشستر سيتي من عرب الإمارات العربية حيث اشترى النادي “منصور بن زايد آل نهيان”.. وبفضل أموال الخليجيين وصل الفريق السماوي لدور نصف النهائي من بطولة الأبطال، ويلعب اليوم مباراة حاسمة في البرنابيو أمام كبير الأسبان ريال مدريد، وقبل سنوات كان “جمال الوالي” ينفق على المريخ مليارات الدولارات ليذهب نصفها لجيوب السماسرة الوسطاء، مثلما تذهب اليوم أموال “الكاردينال” لجيوب البعض ويقبض الحسرة والهزائم والخروج من البطولات.. لذلك دخول الشركات الكبيرة في الاستثمارات الرياضية من شأنه تخفيف أعباء الصرف الحكومي على الأندية، وشراء “أسامة داوود” لنادي المريخ، وشراء الجيش للنادي الأهلي، وشراء “صلاح إدريس” لأهلي شندي، وشراء “الفاتح باني” لهلال كادوقلي و”إبراهيم بشير” صاحب شركات “أمونيا للبترول” نادي هلال الأبيض، و”جمال الوالي” لأهلي مدني من شأنه (إخراج) الكرة السودانية من أزمتها الحالية وتطويرها والارتقاء بها.. لكن هل يستطيع المجلس الوطني (التفكير) باستقلالية عن الجهاز التنفيذي الذي علاقته بالبرلمان علاقة تابع ومتبوع، وينظر أعضاء البرلمان دائماً للوزراء على أنهم أصحاب حق أصيل، بينما هم- أي النواب- أصحاب حقوق ثانوية؟! لذلك التفكير في إطلاق قيود الرياضة وفك أسرها هو خطوة أولى لتطويرها.. ومرحباً بالسيد “أسامة” مالكاً للمريخ، ولا يحتاج “الكاردينال” لشراء جديد لنادٍ أصبح ملك يمينه منذ عامين.