الطاهر ساتي

حرائق أخرى …!!


:: وحريق آخر بمنطقتي مسيدة وحمبكول، وهذه وتلك من مناطق المحس وسكوت بالولاية الشمالية.. وهي المناطق الموبوءة بحرائق النخيل منذ سنوات..والحريق الأخير قضى على (4.600 نخلة)، وبعض المنازل.. والمسافة بين مسيدة و حمبكول ( 7 كلم )، وهي المسافة التي قطعتها النيران بعامل الرياح..ومنذ التاسعة صباحاً وحتى الساعة الثالثة ظهراً لم تجد النخيل وحريقها من وسائل الإطفاء غير معاول و جرادل الأهل هناك ..وفي ذات حريق كهذا قبل أشهر، أشاد معتمد محلية دلقو بالشمالية بقوات الدفاع المدني التي سيطرت على حرائق (جزيرة نارنارتي)..وسيطرة قوات الدفاع المدني على حرائق نخيل المحس وسكوت تعني أن خسائر الحرائق لم تمتد إلى ولايات السودان الأخرى ولا (الدول المجاورة )، بل اكتفت بحرق نخيل تلك المناطق وأسقف المنازل وكذلك المحاصيل والمواشي.. !!
:: وليس في الإشادة بسلحفائية الدفاع المدني عند كل حريق عجباً، إذ أن محامياً في قديم الزمان ابتسم عندما حكمت المحكمة على موكله بالإعدام، وعندما غضب المدان على الابتسامة وصاح، خاطبه المحامي مبرراً : (يازول أسكت، والله لو ما أنا القاضي ده كان قطعتك حتة حتة)، وهكذا تقريباً حال الدفاع المدني أمام حرائق نخيل المحس والسكوت..لايختلف كثيراً عن حال هذا المحامي، ومع ذلك يجد الإشادة الرسمية..!!
:: وبحرائق مسيدة وحمبكول يتجاوز عدد الحرائق – بتلك المناطق المهمشة – المائة خلال العقد الأخير ..وتكاد تكون بمعدل ثلاثة حرائق كل (شهر)، وهذا ما يثير الغضب على السلطات العاجزة عن دراسة الأسباب ومعالجتها، ثم السلطات التي تفتقر إلى وسائل الإطفاء .. نعم، فالمحزن عدم تحسب السلطات للحرائق رغم تكرارها، ولا تبحث عن الأسباب والحلول..ثم الأدهى والأمر، لم تجر السلطات – مركزية أو ولائية – بحثاً أو دراسة تقي النخيل من مخاطر الحرائق ثم تساهم في تطويرها.. وبالمناسبة، قبل عقدين، عندما اجتاح الفيضان مناطق دنقلا، استنفر أبناء دنقلا بالخليج أنفسهم لإغاثة أهلهم..لا أذكر حجم الإغاثة، ولكن لن تنسى الذاكرة أن حاويات الإغاثة تحركت من بورتسودان ولم تصل (المناطق المنكوبة)..(فص ملح وذاب) ما بين بورتسودان ودنقلا..وعندما تساءلت الصحف عن مصير حاويات الإغاثة، قالت حكومة الشمالية : (بعناها وأسسنا بقيمتها مركز لتطوير النخيل بالدامر)..!!
:: وعليه، هناك مركز لتطوير النخيل بالدامر، وتأسس من حقوق المنكوبين بالفيضان..وبالخرطوم تم تأسيس كيان هلامي آخر – شبه رسمي – مناط به مهام تطوير النخيل أيضاً، وأسموه جمعية تطوير النخيل.. مركز الدامر لم يرد ذكره منذ عام بيع الإغاثة، وربما يعمل في الخفاء عملاً آخر غير تطوير الخيل ..أما جمعية تطوير النخيل بالخرطوم، فهي ظلت تصدر مجلة شهرية وتوزعها للصحفيين فقط، وكذلك تنظم مهرجاناً للرقص والطرب بقاعة الصداقة..أي وكأنها جمعية تأسست لتثقيف الصحفيين وتطريب رواد قاعة الصداقة..ولأن الحدث اليوم بالشمالية لا يزال هو (حرائق النخيل)، نأمل من سادة بوزارة الزراعة ومركز الدامر وجمعية الخرطوم زيارة هذه المناطق..ليس للتفقد والمواساة، بل ليعرفوا أن النخيل المراد تطويرها – وحمايتها من الحرائق – مزروعة بالشمالية وليست في (قاعة الصداقة)..!!