ضياء الدين بلال

دعوة للتحقيق (2-2)


في عمود الأمس ختمت بالقول:
(كانت تقديراتي أن مشكلة دكتور مأمون حميدة في التعبير عن تصوراته ونزوعه لاستفزاز مخالفيه ومغايظة مناوئيه. التحقيق الذي نَشَرته الزميلة (اليوم التالي) من إعداد الصحفي المحقق شوقي عبد العظيم تحت عنوان (الزلزال)، وما كتبه البروفيسور عبد اللطيف البوني عن مستشفى الجامعة الوطنية؛ كل ذلك جعلني أعود لمراجعة قناعتي في عدم وجود تعارض بين عمل دكتور مأمون حميدة كوزير، وأنشطتِه كمستثمر في الحقل الطبي).
اطلعت على التحقيق في كل حلقاته وما جاء فيه من معلومات واتهامات مدعومة بوثائق وخطابات للمراجع العام، وتابعت أعمدة الزميل مزمل أبو القاسم وهي تضيف معلومات جديدة وتُكرر بعض ما جاء في التحقيق.
في مقابل ذلك، قرأت ما جاء من ردود للوزير وأركان حربه في حوارٍ من خمسة أجزاء، نُشِر بصحيفة (الصيحة)، وبدأ نشره كمادة إعلانية بالـ(سوداني) في حلقتين عبر قسم الإعلان وتوقف النشر بعد اعتراض إدارة صحيفة (الصيحة) على نشر حوارات أجرتها ضمن عملها الصحفي كإعلان مدفوع الثمن بصحيفةٍ أخرى.
ربما أختلف مع الزملاء في (اليوم التالي) في نشر التحقيق وتعليقات الكتاب عليه بصورة مستمرة لفترة طويلة، مع تكرار كثيرٍ من المعلومات دون أن تكون هنالك حاجة تحريرية لذلك.
النشر المستمر والمتكرر لبعض المعلومات أعطى انطباعاً للبعض بأن ما يحدث حملة استهدافٍ شخصي، لكن قناعتي وثقتي في الزملاء بـ(اليوم التالي) أنهم يتمتعون بمهنية أخلاقية عالية، تعصمهم من السير في ذلك الاتجاه، وأن ما فعلوه لا يخرج عن إطار التقديرات التحريرية في صناعة قضايا الرأي العام، وربما في بعض ذلك رد فعلٍ على هجمات معاكسة قادها إعلام دكتور مأمون حميدة دون وعيٍ أو حصافة.
بعض الاتهامات التي وَرَدت من الممكن إيجاد مبررات دفاعيّة لها، ولكن في غالب ما ورد في التحقيق توجد اتهامات قوية واشتباهات جديرة بالتوقف عندها لإجلاء حقيقتها.
مثل التجاوزات التي وردت في خطابات المراجع العام وطبيعة العلاقة الملتبسة بين مستشفى التميز للطوارئ والمستشفى الأكاديمي، وقضية عدم التساوي في رسوم التدريب في المستشفيات بين جامعة حميدة وبقية الجامعات.
وأسباب توقيف المستشفيات الخاصة بصورة مضرة بسمعتها وتعطيل إجراءات مستشفى الجامعة الوطنية التي كَتَب عنها بروف البوني.
أغلب هذه الاتهامات والاشتباهات جاءت مدعومة بوثائق وأوراق رسمية لم يتم التشكيك في صحتها، وإن سعى إعلام دكتور مأمون لإدانة طرق الحصول عليها باعتبارها غير شرعية.
الإعلام المدافع عن وزير الصحة عبر الزميلة صحيفة التغيير والإذاعة الطبية وقع في أخطاء قاتلة ضيَّقت الخناق على الوزير وعَقَّدت موقفه ووفرت سنداً إضافياً ومؤثراً لقائمة الاتهامات.
الاتهامات والوثائق لا يُرد عليها بالشتائم والإساءات وتجاوز أسوار الأسر للاعتداء على الأبناء والأمهات في غارة هوجاء.
دكتور مأمون عالِم جليل في الحقل الطبي وفي مجال التعليم فلا يليق بالمؤسسات التي تتبع له أن تسخدم أسلحةً غير معقمة، بل شديدة التلوث مثل ما تبثّه الإذاعة الطبية في حقّ بعض الزملاء.
لا نقول أن ما ذُكر من تجاوزات في تحقيق الزلزال يُمثّل إدانة قانونية وأخلاقية لدكتور مأمون حميدة، ذلك ما سيثبته القضاء ولجان التحقيق أو ينفيانه.
(اليوم التالي) فعلت ما عليها من حصول على المعلومات وعرضها للرأي العام وهي لا تملك حق إصدار الأحكام.
إذن لا خيار لمصلحة الحقيقة والعدالة سوى فتح باب التحقيق، تحقيق مستقل من خارج وزارة الصحة بولاية الخرطوم يضع النقاط على الحروف ويميّز الخبيث من الطيب!