مقالات متنوعة

لطيفة اللوغاني : إتيكيت التعامل مع الطالب المتمرد


لجميع المدارس لا تخلو من الطالب المتمرد أو المشاغب، حيث نجده طائشا قليل الانتباه في الفصل، ضعيف القدرة على ضبط نفسه، ويخلق جواً مشحوناً بالفوضى، ويتفنن في استفزاز المعلمين والزملاء، من خلال إصدار الأصوات والصراخ وضرب الطلبة والتلفظ بالألفاظ النابية، وهناك حالات أخرى يتطاول فيها على المعلم ويعلّق عليه، كما أنه لا يتيح للعملية التربوية أن تسير في طريقها الصحيح.

التدريس مهنة ليست سهلة كما تبدو للجميع، فهي من أصعب المهن على الإطلاق، وخصوصا في عصرنا الحالي والتكنولوجيا التي اجتاحت جميع جوانب الحياة، وتغير نوعية الطلاب وعقولهم، حيث أصبح من الصعب فهم ما يفكرون فيه.. أيها المعلم الذكي، بصدق نيتك وطيب تعاملك ستذلل لك الصعاب، وإليك بعض الحلول الإتيكيتية في التعامل مع هذه الفئة من الطلبة، التي تغني المعلم عن التصرف بعصبية واندفاع، ومنها:

1 – تغيير مكان جلوس الطالب في الفصل وإحضاره إلى المقاعد الأمامية، وفصل المجموعة المشاغبة عن بعضها.

2 – دعوة الطالب إلى مكتبه وإشعاره بأهميته واستقباله بوجه بشوش والتحدث معه عن المشكلة ووضع الحلول المناسبة التي يراها الطرفان، وتوجيهه وإرشاده إلى أفضل وأسهل الطرق في المذاكرة وحل الواجبات، وتشجيعه له باستمرار عندما يلاحظ تغييرا إيجابيا، وإشراكه في أعمال ذات مسؤوليات قيادية، والمشاركة في المناسبات والرحلات والزيارات والأنشطة المدرسية لإثبات ذاته.

3 – على المعلم أن يتحلى بروح الدعابة، فبها يستطيع رفع معنويات الطالب، ويخفف من حدة التوتر، فهي تبني جوا من الألفة والمودة والعطف الذي يحتاج إليه الطالب، وفي الوقت نفسه على المعلم عدم المبالغة فيها لأنها قد تؤدي إلى الوقوع في المشاكل.

4 – على المعلم أن يتحلى بالصبر والتصرف بحكمة وعقلانية، ويكون ذكيا ودبلوماسيا لبناء علاقة جميلة مع الطلبة، وذلك بكسب ودهم والتواضع لهم ومحاولة التقرب منهم والاهتمام بهم ومشاركتهم همومهم ومشكلاتهم، فالاهتمام مفتاح التواصل الذكي الذي يؤدي إلى التطور الإيجابي في العلاقة، كما أن للثناء عليهم والنظر إليهم ببشاشة ومناداتهم بأسمائهم وحفظها وتعلمها ونطقها نطقا صحيحا، وإشعارهم أنه مهتم بهواياتهم وميولهم، نتيجة جميلة جدا يسود من خلالها التآلف والود في الحصة.

5 – على المعلم أن يشرح ويعزز ويذكّر دائما بقوانين السلوك الصفي الخاصة به، وأن يدرس المنهج الدراسي بالضبط ليكون واضحا للجميع، وعليه أن يضع خطة يتفق عليها مع الطلبة للحوافز، وتتم كتابتها والتوقيع عليها من الجميع.

6 – المرونة مطلوبة في التعامل وتغيير الطريقة إذا لزم الأمر، فالتنويع يجدد النشاط ويسهم في تحقيق النظام والانضباط الصفي مع الابتعاد عن الروتين الممل في الشرح، بل يجب التنويع المستمر في طريقة الشرح والمناقشة لكسر الملل.

– أمثلة:

إذا كانت المشاكل بسيطة مثل عدم الانتباه المؤقت، أو الحديث مع زميل، فيمكن للمعلم من خلال مراقبته للفصل أن يتحكم به حتى يشعر بأنه يعلم بكل ما يدور فيه.

وعلى المعلم أن يتجاهل أو يتغافل بعض التصرفات، مثل الهمهمة أو العطاس، لأن الاستجابة لها ستستفزه وتوقعه في المعارك الكلامية، وتضيع وقته فتجاهلها أفضل، أو يتدخل بصورة غير مباشرة حتى لا يعطل سير الدرس، وذلك باستخدام الإشارة بالأصبع أو النظرة المركزة.

مثال (1):

إذا أراد المعلم ضبط جلسة طالب معين، فعليه أن يستبدل جملة: “لا تجلس يا حمد عند الباب واجلس في مقعدك”، وأن يقول “أنا لا أحب الذين يجلسون عند الباب، وأنزعج من الصف غير المرتب”، فهذا سيقلل من شعور الطالب بالإحراج أمام زملائه ومعلمه، ويجنب المعلم أيضا الوقوع في مشاكل مع الطلبة.

مثال (2):

إذا لاحظ المعلم أن أحد الطلبة يتكلم أو يرسم أو يعبث بأدواته المدرسية كثيرا في أثناء شرحه للدرس، فعلى المعلم أن يقوم بالآتي:
1 – أن ينظر للجهة التي يجلس فيها الطالب نظرة عامة ليفهم منها أنه رآه، وإذا لم يستجب، فعلى المعلم أن يوقف الشرح وينظر إلى عينيه ويسأله: هل لديك استفسار؟ وإذا كان جوابه: لا، فيقول له: إذن انتبه معنا من فضلك.
2 – إن لم يفهم نظرته أو كلامه ولم يستحِ، فعليه أن ينظر إليه وهو يشرح ليتأكد أن المعلم رآه مرة أخرى، ويمكن للمعلم أن يهزّ رأسه في أثناء الشرح ليفهم الطالب أنه يلفت نظره، وإذا استمر متجاهلاً، فعلى المعلم أن يقوم بخطوات هادئة وهو مستمر في الشرح، مع توزيع نظره على كل الفصل حتى يصله، ومن ثم يسحب أدواته بهدوء وهو مستمر في الشرح، لكي لا يناقشه الطالب ويضطر للسكوت، لأن المعلم أساسا لم يكلمه ولم يعاتبه، والتفاهم سيكون خارج الفصل لاحقاً، وإذا جادله الطالب في أثناء الحصة، فعليه أن يجاوبه بهدوء وتعقل، مع توضيح سبب أخذ الأدوات، وعليه بعد ذلك أن يكمل شرحه من جديد.
3 – على المعلم استخدام أسلوب المناقشة والاستنتاج والتلخيص الشفهي في إلقاء الدرس، وإشعار جميع الطلاب أنهم معرضون للسؤال في أي وقت من الحصة وبشكل عشوائي.
أما إذا كانت المشكلة أكبر مثل سلوك التحدي، أو السخرية من المعلم والاستعراض أو العدوان، فعلى المعلم التعامل من دون انفعال والتدخل فور،ا ووقف السلوك بنداء الطالب باسمه، مع ضرورة الانفراد بالطالب وفهمه وإعطائه الاهتمام اللازم، والالتقاء مع ولي أمره وتدارس حالة الطالب معه وتقديم النصح له.
• أيها المعلم الفاضل.. اعلم أن تمرد أو شغب بعض الطلبة ليس إهانة لك أبدا، لذلك تجنب الأشياء التالية:
1 – تجاهل السلوك الخاطئ، لأنك إذا لم تحاسب من أخطأ فسوف يكون هذا دافعا لغيره لأن يقوم بمثل هذا الشيء، وبتالي سوف تفقد سيطرتك على الجميع.
2 – أن تميل لطالب معين سواء كان متفوقا أو موهوبا، لأن هذا التصرف سيكسر هيبتك.. كن متّزنا وعادلا.
3 – أن تحمل في داخلك حقدا أو كراهية لأي طالب، بل ابدأ كل يوم وكأنه يوم جديد، وكأن الطلبة لم يفعلوا شيئا في السابق، واجعلهم يعرفون كم أنت سعيد لرؤيتهم كل صباح.
4 – توبيخ أو تعنيف أو شتم أو ضرب أو السخرية من الطالب أمام زملائه، مهما كانت الظروف، وحاول استخدام العقاب المعنوي كتكليفه بكتابة الواجب عدة مرات.
5 – توجيه أسئلة صعبة في أثناء الشرح للطلبة المتمردين لإثارة غضبهم.
6 – معاقبة الطالب بإيقافه في ممرات المدرسة، أو إخراجه من الفصل لسوء سلوكه، ولا ترسله إلى إدارة المدرسة إلا في الحالات الطارئة التي تشعر فيها بعدم قدرتك على السيطرة على الموقف، وأشعره بأنك قادر على تقويمه، وكن حازما في تعاملك معه عند تكرار الخطأ منه، واحذر أن تفقد هدوءك وتغضب، فذلك بلا شك سيقودك للوقوع في الخطأ.
7 – معاقبة كل الطلبة بسبب شغب طالب واحد، ولا تبدأ الشرح إلا بعد أن يهدأ جميع الطلبة.
8 – الثناء الكاذب، فالكل يعلم أن هذا الطالب لا تنطبق عليه هذه الصفة، وكل ما عليك هو مدحه في حالة القيام بشيء يستحق الشكر.
9 – تشويه صورة الطالب المشاغب أمام المعلمين أو زملائه الطلبة حتى لا تفقد محبته.
• عزيزي المعلم.. حاول أن تحل مشاكلك مع طلبتك من دون تدخل الإدارة، فالمعلم الذي يستعين بالإدارة في كل شاردة وواردة يدل على عجزه عن السيطرة على طلبته.

وعلى إدارة المدرسة أن تكون حازمة مع هؤلاء الطلبة، فالمعلم لا يستطيع أن يحل المشكلة بمفرده، وفي الوقت نفسه عدم الانحياز للمعلم، وعلى الإدارة أن تستمع للطالب أيضا، فللأسف هناك إدارات قمة في التسيب والإهمال، ولا تهتم بتوزيع نماذج من الطلبة المتمردين على الفصول، بل تجمعهم في فصل واحد، ويحرّض بعضهم بعضاً على عدم احترام المعلم، كما أن بعض الإدارات المدرسية مهملة في عدم عقاب ومراقبة الطلاب المثيرين للشغب، فيتمادون فيه وتعم الفوضى.
هؤلاء الطلبة نجدهم متمردين لحاجتهم إلى أن يثبتوا ذواتهم، فهم بحاجة إلى تفريغ الطاقة المتدفقة لديهم، لحرمانهم من العطف والحنان.
المعلم الناجح هو الذي يتقن أساليب التعامل بإيجابية وفن مع المشاكل داخل فصله، وهو الذي يفرض احترامه وحبه وهيبته على طلبته.
عزيزي المعلم.. غداً سيغادر الطالب الذكي الهادئ والطالب المشاغب مدرستك، فأي ذكرى تتمنى أن يحتفظ بها في قلبه لك؟ هل تريد أن يدعو لك ويثني عليك؟
تذكر دائما وأنت تقيّم علامات الطالب المشاغب، أنك تقيّمه على مستواه الدراسي وفهمه، ونجاح المعلم الناجح ليس بكسبه قلب الطالب الذكي الهادئ فقط، بل بكسبه قلب الطالب المشاغب أيضا، فلا نعلم أيهما سينفع به الله الأمة.