مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : فقر الأسلوب الدبلوماسي


> أول تصريحات أطلقها وزير خارجية جنوب السودان دينق ألور أو احمد ألور بعد تعيينه في الحكومة الجديدة هناك، اثبت فيها عدم توفيقه في التصريحات الدبلوماسية. > ففي اشارته إلى ما اصاب علاقات بلده بدول الجوار قال إن بعضها وقفت مع جنوب السودان في النضال من أجل استقلاله «دي اطلع منها يا عرمان»، وذكر إثيوبيا وكينيا ويوغندا والغريب ذكر إريتريا. > والأغرب لم يذكر ليبيا ومصر.. ولم ينتبه لطرح منبر السلام العادل.. لأن السلام العادل ليس مقصوداً طبعاً في الأجندة التي كانت تنفذها الحركة الشعبية «لتحرير هذا السودان». > ونقصد ليبيا أيام القذافي الداعم الاول لتمرد قرنق.. ونقصد مصر ايام مبارك الداعم الأخير.. بسبب هوس قديم في الذهن المصري اسمه مياه النيل.. وكأنما الانهار تجري في ليبيا وتشاد وافريقيا الوسطى.. خوف غير مبرر. > لكن ما لم ينتبه إليه دينق ألور أيضا هو أن إثيوبيا كانت تدعم تمردهم في عهد الرئيس الإثيوبي المخلوع منقستو هايلي ماريام. > ومنقستو كان قد اعترض على قرنق أن تكون حربه حرب تقرير مصير وحرب استقلال.. فقد كان يريدها أن تكون حرب استنزاف إذا ارد أن يستفيد من الأرض الإثيوبية ودعم منقستو. > وذلك لأن منقستو كان يحارب الانفصاليين وقتها في إقليمي إريتريا وتقراي.. ولأن مقر منظمة الوحدة الإفريقية ــ الاتحاد الإفريقي حالياً ــ في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.. ولأن مصلحة منقستو هي استنزاف حكومة نميري لظنه أنها تدعم الثوار الإريتريين. > وإريتريا لم تدعم الحركة الشعبية وحدها وإنما كل مليشيات الأحزاب السودانية.. مليشيات حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي ومليشيا الحزب الشيوعي التي كانت هزيلة مثله. > أما كينيا فقد كانت أرضها البديل لمعسكرات التمرد بقيادة قرنق بعد اطاحة منقستو في إثيوبيا وطرد عناصر حركة قرنق من الأراضي الإثيوبية. > أما يوغندا فهي بالفعل الداعم القوي لاستقلال جنوب السودان إلى لحظة ركوب قرنق طائرة الموت.. وقرنق كان يتحمس اعلامياً بخلاف سلفا كير لاستمرار الوحدة بين الشمال والجنوب. >والغريب جداً أن دينق ألور لم يذكر فضل السودان في اتجاه تقرير مصير جنوب السودان من خلال المفاوضات والتوقيع على اتفاقية نيفاشا واجراء الاستفتاء أحادي الجانب حول تقرير مصير جنوب السودان. > ربما لأن الاستقلال من السودان، وقد رأى دينق ألور أن لا داعي لذكر السودان مع هذه الدول.. مثلما أنه رأى أن لا داعي لذكر ليبيا القذافي ومصر مبارك مع الدول التي اعتبرها وقفت مع الحركة الشعبية في نضالها من أجل الاستقلال. > لكن هي او افترضنا أنها وقفت مع النضال.. فهل هو نضال كل جنوب السودان أم نضال الحركة الشعبية فقط؟ > وكم هي نسبة منسوبي الحركة الشعبية الانفصاليين وسط شعب جنوب السودان؟ > فقر واضح جداً في الاسلوب الدبلوماسي.. وطبعاً لا يمكن أن يصلح أحد عناصر الحركة الشعبية باستثناء الدكتور لام أكول لأن يكون سفيراً دعك من أن يتقلد منصب رئيس الدبلوماسية منصب وزير الخارجية. > وبعد أن تم تعيين لام أكول وزيراً لخارجية السودان في أول تشكيلة حكومية بعد اتفاقية نيفاشا كانت الحركة الشعبية بقيادة سلفا كير وباقان تضيق ذرعا من تصريحاته الدبلوماسية الجيدة التي تصب في خدمة الوطن.. وقد كانت الحركة الشعبية تريده ممثلاً لها وليس للوطن. > وقد استبدلته بدينق ألور هذا.. لكنه فشل في أن يحول وزارة الخارجية السودانية إلى سكرتارية علاقات خارجية تابعة للحركة الشعبية.. فقد كان وزير الخارجية الفعلي القوي جداً الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل بوصف آخر. > ودينق ألور يعترف بسوء علاقة بلاده مع السودان ويعد بتحسينها.. فهل يقصد تحسينها بحل قطاع الشمال في الحركة الشعبية وطرد ما تبقى من حركات دارفور؟ أم أن حديثه كان «كلام الطير في الباقير»؟ > تحسين العلاقات سيقسو جداً على دينق ألور، لأن القوى الأجنبية التي تستعبد وتسير دولة جنوب السودان لا تريد مثل هذا الإجراء تجاه قطاع الشمال وجزء من حركات دارفور.. والحل في ذهاب سلفا كير ومشار لأنهما يراهنان على دعم ورضاء واشنطن وإسرائيل. وهذا ما لن يجعل جنوب السودان دولة محترمة. > والسودان ما يريده من جنوب السودان هو الابتعاد عن أمنه واستقراره وضخ نفطه للاستفادة من رسوم تدفقه نحو البحر الأحمر. غداً نلتقي بإذن الله.