تحقيقات وتقارير

أهل الوجعة في انتظار حصائد التعديلات مشروع الجزيرة.. انتهاء قدسية قانون “2005”


جدل كثيف خلّفه قانون مشروع الجزيرة لسنة “2005” مازال صداه يتردد حتى الآن، وكثير من المزارعين والمختصين والخبراء والعاملين بالمشروع يُحمّلون القانون مسؤولية تدمير مشروع الجزيرة وانهيار “المارد الأخضر”، تعددت التوصيفات الناقمة على القانون ودُمغ بأنه مخطط مدروس لتفكيك المشروع وتشريد المزارعين وإدخال القطاع الخاص تنفيذاً لرؤية البنك الدولي، وظهرت كيانات عديدة بالجزيرة صارعت القانون وعملت على إبطاله ودفعت بمذكرات عديدة لرئيس الجمهورية في هذا الشأن، إلا أن الحكومة تعاملت معها جميعا بنظرية اللاعوده إلى النظام القديم، وفي تحول جديد عدّه البعض استجابة جزئية متأخرة بإدخال تعديلات على قانون “2005” كشف عنها وزير الزراعة الاتحادي في مقابلة لبرنامج مؤتمر إذاعي أمس.

انتهاء القدسية.
طوال فترة الأحد عشر عاما الماضية، ترنح مشروع الجزيرة ووصل إلى حالة أشبه بالموت السريري، وهو ما أرجعه عدد من الخبراء إلى قانون 2005 وإلى سوء التطبيق الذي لازمه، بمنحه للمزارعين حرية مطلقة في اختيار التركيبة المحصولية وتحديد المساحات المزروعة بعيداً عن تدخل الإدارة إلى أن أصبحت “الحواشة” أشبه بـ “جلابية الدرويش” تتنوع بالعديد من المحاصيل كانت في السابق لا تزرع إلا في مواقيت محددة وفقاً لدورة زراعية محكمة، وأمس في برنامج “مؤتمر إذاعي” أعلن وزير الزراعة والغابات، ورئيس مجلس إدارة مشروع الجزيرة، البروفيسور إبراهيم الدخيري، انتهاء قدسية قانون “2005” الذي ظل عصياً على التعديل طوال الفترة الماضية، وكشف عن حزمة من الإجراءات لتنظيم الزراعة في المشروع تقر الإلتزام بدورة زراعية مُحددة تفادياً للاختناقات المائية والعطش الذي يحدث في العروة الصيفية بسبب تنوع التركيبة المحصولية وفقاً لتعديلات أجازها مجلس الإدارة في العام 2014 قال إنها ستطبق خلال الفترة المقبلة ربما يتم تنفيذها في العروة الصيفية التي يتم الإعداد لها حالياً، وأوضح أن هذه التعديلات ليست الغرض منها الحد من حرية المزارع في اختيار التركيبة المحصولية التي يريدها ولكن لمعالجة قضية الاختناقات المائية وتلافي حالات العطش التي تحدث في مواقيت معينة بمشروع الجزيرة خاصة في الموسم الصيفي في شهر سبتمبر.

إصلاحات مشروع الجزيرة
وتحدث الدخيري عن جملة من الإصلاحات، مُشيراً إلى جهد مبذول من وزارة الموارد المائية والكهرباء والري، بعد أن آل إليها أمر الري، وقطع بأنها أصبحت بعد التعديل الأخير وإرجاع “المياه إلى مجاريها” معنية بإزالة كافة المعوقات في هذا الشأن، وأوضح أن الإصلاحات تشمل المحور الثاني المُتعلق بالزراعة خاصة الاهتمام بالتقانات لرفع الإنتاج والإنتاجية، وقال إن المحور الثالث في جانب الإصلاحات بمشروع الجزيرة يرتكز على تنظيمات مهن الإنتاج الزراعي والحيواني وتنظيمها المباشر لعمليات الري داخل المشروع في القنوات الفرعية، وقطع بأن هذه الإضلاع الثلاثة هي المحرك الرئيس للإنتاج في مشروع الجزيرة وإرجاعه إلى سيرته الأولى المنشودة.

مشكلة العطش والاختناقات المائية.
أرجع الدخيري مشكلة العطش التي تحدث في مشروع الجزيرة لقانون “2005” ونوه إلى أنه أعطى المزارع حرية اختيار التركيبة المحصولية وزيادة المساحات المزروعة، وأوضح أنه نتيجه لهذا الواقع ترتفع في بعض الأحيان النسبه المحددة للزراعة مقارنة مع كمية المياه المتوفرة إلى “60%” ما أدى إلى ظهور اختناقات في المياه، وقال إن الطاقة التصميمة لقنوات الري تكون فعالة بدون اختناقات في حدود “50%” وأشار إلى أنه بسبب تنوع التركيبة وزيادة المساحات تصل الاختناقات إلى “75%”.

نجاح موسم القمح
تحدث الوزير باستفاضة عن النجاح الكبير الذي حققه محصول القمح في الشتوي المنصرم الذي شارفت فترت حصاده على النهاية، وقال إن جملة المساحات التي زرعت بالقمح وحُصدت خلال الموسم الماضي بلغت “552” ألف فدان، بمتوسط إنتاج “1,5” مليون طن وأوضح أن متوسط الإنتاج بمشروع الجزيرة فقط وصل نسبة “30%” من حاجة البلاد للقمح لهذا العام، لافتاً إلى النجاح الذي تحقق يأتي ضمن مجهودات البرنامج الخماسي الذي بدأ في العام الماضي 2015 وينتهي في العام 2019، وتوقع بنهايته اكتفاء البلاد تماماً من القمح، لافتاً أن متوسط استهلاك السودان من القمح لا يقل عن “1,7” مليون طن في العام، ودعا إلى الوقوف على تجربة الموسم الشتوي والبناء عليه لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأكد أن متوسط إنتاج القمح تراوح بين 15 ــ إلى 19 جوالا وفي بعض الأقسام بمشروع الجزيرة وصل إلى أكثر من “30” جوالا.

إشكاليات القطن
شدد الدخيري على الناجاحات التي تمت في القمح لم تُحقق في القطن وقال إن إنتاجية القطن كانت دون الطموح، مشيراً إلى أنه في السابق كانت المساحات المزروعة بالقطن تصل إلى “600” ألف في القطاع المروي والمطري، ومشروع الجزيرة وحده كانت المساحات تصل فيه إلى أكثر من “400” ألف فدان، وقال إنها في الموسم السابق لم تتعد “50” ألف فدان، وأرجع الأمر إلى جملة من الأشكاليات، منها أن محصول القطن نفسه يبقى في الأرض لفترة طويلة ومقارنة بالعوائد مع المحاصيل الأخرى نجد أنها تحقق فائدة أكبر للمزارع، وقال إن هذا الواقع مع ضعف الإنتاج لا يشجع الفلاح على الاستمرار في زراعة القطن، ونوه إلى حدوث تطور بعد الإجراءات والسياسات الجديدة أدت إلى ارتفاع الإنتاج من “6” قناطير إلى “18” بإدخال أصناف جديدة مثل القطن المحور الهندي والصيني، وكشف أنهم في هذا الموسم سيدخلون في شراكات محددة مع القطاع الخاص من داخل وخارج السودان، وشدد على أن المطلوب هو تطبيق التقانة فقط، وأكد أن خطة الوزارة لزراعة القطن لهذا الموسم تصل إلى “500” ألف فدان في المساحات المروية والمطرية.

الخرطوم: محمد جادين
صحيفة الصيحة


تعليق واحد