عمر الشريف

جامعة الخرطوم مرة أخرى


جامعة الخرطوم منارة العلم وبيت العلماء كانت شمعة مضيئة فى التعليم المحلى و العالمى وأمنية يتمناها كل مواطن له وللأبناءة حتى شعوب الدول الأخرى كانت تتمنى أن يتعلم أبنائها فى هذا الوطن وهذه الجامعة على وجه الخصوص . لقد فقدت جامعة الخرطوم مكانتها العلمية والتعليمية بالتدخل السياسى والتكوين الحزبى والقبلى والاهمال الذى طال مبانيها وأساتذتها ومراجعها العلمية . إن كانت جامعة الخرطوم فى دولة أخرى تهتم بالتعليم للأصبحت اليوم ثانى أو ثالث جامعة عالمية وللأصبحت مركز أبحاث طبية وعلاجية وصناعية وزراعية حتى تصبح جامعة لها كلياتها الدولية وإستثماراتها العالمية .

جامعة الخرطوم التى نبكى عليها ليس هى مبانى على شارع النيل ولا أسماء لامعة تخرجت قبل ثلاثون عاما وأكثر وإنما هى منارة التعليم فى السودان ولها عراقتها وتاريخها وخريجيها ، تحتاج منا اليوم لوقفة جادة لنعيد لها سيرتها ومكانتها العلمية والتعليمية بعيدا عن التدخلات السياسية والأوامر الحكومية والغُلبة السياسية والقبلية . على الحكومة الإهتمام بالتعليم وتوفير ميزانية كبيرة له لان العلم هو تقدم الدول وحضارتها وتنميتها وإقتصادها المتين وأن تبعد عن القرارات السياسية التى تؤثر فى الجامعة وطلابها وأساتذتها وأن تحظر النشاط السياسى مهما كان داخلها لتؤدى رسالتها التعليمية وتخرج أجيال يحملون من العلم والمعرفة أكثر من السياسة والحزبية .

اليوم نسمع ونرى كثيرا من طلابها موقوفون للتحقيق وبعضهم ضاعت عليه بعض السنين وبعضهم دفع ما يملك ليتعلم إبنه لكن مازال إبنه يعيد سنوات بأسباب تلك المظاهرات وإغلاق الجامعة وهجرة أساتذتها . اليوم الجامعات أصبحت تتواصل عالميا ومباشرة مع بعضها وتنقل محاضرات من داخلها أو إليها لزيادة المعرفة والفائدة وبعض الجامعات تخصص لها الحكومات إعانات شهرية لطلاب بجانب الإهتمام بها من مبانى واساتذة ومراجع وترفيه وتلك الجامعات تؤدى رسالتها بكل فخر وإعتزاز وأصبحت من الجامعات المشهود لها رغم حداثتها . أين جامعاتنا منها ؟

فقدت جامعة الخرطوم موقعها العالمى حتى الاسلامى والعربى واصبحت داخليا تنافسها جامعات أثبتت وجودها العلمى وإستقرارها التعليمى مثل جامعة السودان والجزيرة والإسلامية والرباط غيرها من الجامعات . نناشد طلاب جامعة الخرطوم بأن يكون إهتمامهم بالعلم فقط ويبعدوا عن التعصب الحزبى والسياسى والقبلى وتخريب ممتلكات الجامعة وممتلكات الشعب والحفاظ على أرواح زملائهم وأن لا يصغوا الى أصوات تنادى بالتخريب وتأخير التعليم , ونناشد الأساتذة الافاضل بالحرص على التعليم بعيدا عن الماديات وإملاءات السياسية ونناشد وزارة التعليم والمالية بالاهتمام بالجامعات وخاصه هذه الجامعة العريقة وأن توفر لها إحتياجاتها العلمية والتعليمية . ونناشد الشعب أن يدعم تلك الجامعة معنويا وماديا لتعود كما كانت .

جامعة الخرطوم سبقت جامعات كثيرة فى العالم لكنها تأخرت عن الركب حتى أصبح طلابنا يبحثون عن التعليم فى مصر وماليزيا والهند وروسيا والفلبين ونحن سبقنا الكثير منهم فى مجال التعليم الجامعى . فهل تركنا جامعة الخرطوم لتصبح مثل دار الأحزاب أو المعتقلات أو مثل رياض الأطفال كلها مشاجرات ومظاهرات وحرق للمراجع والمكاتب بحجة الإنتقام . تلك الافعال تدل على الجهل والإنتقام وعدم الوعى ويؤسفنا أن نقول ذلك على شباب يتخرجون بعد سنة وأثنان ليكونوا نواة الحياة العملية والعلمية والسياسية والإقتصادية ويساعدون زملائهم فى التنمية والأمن لهذا الوطن ويشاركون فى المؤتمرات العالمية وهم يمثلون السودان وجامعة الخرطوم .