صلاح حبيب

هل تعجلت جامعة الخرطوم في فصل الطلاب؟!


هل قرار عمداء جامعة الخرطوم وموافقتهم بفصل عدد من الطلاب كان قراراً صائباً أم متعجلاً؟ إن جامعة الخرطوم تعد واحدة من الجامعات التي لها مكانة كبيرة في المجتمع السوداني بالداخل وبالعالم، وهي تعد من الجامعات المعروفة بنشاطها السياسي ليس الآن، ولكن منذ عشرات السنين، بل تعد من الجامعات التي يعتمد عليها الساسة في تأجيج الصراع مع السلطة ولم يكن هناك تيار واحد، بل كل التيارات السياسية داخل الجامعة كانت لها مواقف مع الأنظمة المختلفة سلباً وإيجاباً، ولكن ما اتخذ من قرار الآن في ظني لم يكن موفقاً، فإدارة الجامعة كان من المفترض أن تعطي أولئك الطلاب فرصة للمناقشة والجلوس مع بعضهم البعض، لأن فصل طالب من جامعة الخرطوم ليس كأي طالب من طلاب الجامعات المختلفة، وحتى دخول الطالب جامعة الخرطوم يعد حلماً لأي طالب آخر، لذا أظن أن إدارة الجامعة قد تعجلت أو استعجلت الموافقة بفصل الطلبة، وكان بالإمكان أن يكون هناك نوع من التدرج في العقوبة، ففصل الطالب يعني عقوبة قاسية قد تؤدي إلى فشله في الحياة تماماً، بجانب تحسر أسرته التي عانت ما عانت في تربيته ووصوله إلى تلك الجامعة التي تحلم كل أسرة أن يكون أبناؤها من المنتمين إليها، بل كل طالب يحلم أن يدخلها.
ففصل الطالب مهما ارتكب من جريمة يعد قراراً صعباً عليه، فإدارة الجامعة هم آباء في المقام الأول قبل أن يكونوا معلمين، فلينظروا إلى أنفسهم وما هو موقفهم إذا كان الفصل لواحد من أبنائهم، بالتأكيد سيكون القرار صعباً عليهم، فلماذا لا تطلب إدارة الجامعة أو مجلس الإدارة أولئك الطلاب في جلسة صفاء معهم وتبيان ما ارتكبوا من مخالفات تجاه الجامعة وتجاه أساتذتهم، وهناك فرص للتراجع ويمكن بعد تلك الجلسة أن يتوبوا إلى رشدهم ويؤنبهم ضميرهم في ما ارتكبوا من مخالفة، ولكن صدور القرار وبتلك الطريقة قد يحولهم إلى متمردين على التعليم نفسه، وربما يكونوا حاقدين على أي معلم بعد ذلك، فكم من طالب تحول إلى سياسي بسبب مواقف غير مدروسة، وكم من طالب في لحظة طيش لم يحسن التصرف مع أساتذته فقد دراسته.
الجامعات الآن أرض خصبة لتشكيل الطالب، إما أن يكون صالحاً للمجتمع أو متمرداً عليه، فهناك عدد كبير من من التيارات السياسية إن كانوا منضوين للتيارات اليسارية أو الإسلامية فصلوا عن الدراسة بسبب القرارات التي تتخذها إدارات الجامعات دون تأنٍ، وهناك عدد من الإسلاميين لم يتمكنوا من مواصلة تعليمهم الجامعي بعد فصلهم لأسباب سياسية ومنهم من عاد إلى قاعات الدرس بعد عدة سنوات، لأن عملية الفصل أحياناً نهائية وأحياناً تكون لعدة سنوات، وهناك عدد من طلبة الثانويات تم فصلهم من الدراسة، فمنهم من استطاع أن يواصل ومنهم من تركها نهائياً والسبب التعجل في اتخاذ القرارات من إدارات المؤسسات التعليمية، فهل تراجع إدارة جامعة الخرطوم قراراتها بإعادة الطلاب إلى الجامعة أم تصر على قرار الفصل.