مقالات متنوعة

أنوار القريشي : “حبتين بندول”.. عشان سورية!


الكاتب: أكتب اليوم بعد انقطاع طويل عن أرصفة الصحف، أكتب لأن الشيء الوحيد الذي حرّك قلمي الساكن هو “فقدان الإنسانية” في صور المجازر السورية الأخيرة المتمثلة تحديداً في حلب.

قبل سنوات كتبنا عن الوضع السوري، وعن ضرورة “التراص” حتى يكون الصوت واحدا والجهد واحدا والضربة واحدة، ولكن بالطبع لا شيء من هذا قد حدث.. ولا أظنه سيحدث في القريب العاجل، وبكل أسف، وأتمنى ألا يصبح تشاؤمي هذا حقيقة، فالتاريخ يعيد نفسه كما في مجزرة الغوطة ومجزرة الحولة وحلب وغيرها، فسيناريو الأحداث لا يكاد يتغير، مجزرة فتصوير فانتشار فاستنكار فتبرعات فنسيان.. وهكذا، منذ اشتعال الثورة السورية في 2011 وحتى هذه اللحظة أي حتى بعد مرور 4 أو 5 سنوات!!

وفي كل مرة نفقد جزءاً صغيراً من إنسانيتنا، كما فقدناها بين ملفات القضية الفلسطينية التي لا يكاد يذكرها أحد! فحين تنتشر صورة “سيلفي” لشخصية إعلامية مشهورة مع جثث سوريين، موضحة لنا أبشع أنواع التنكيل “الحديث”؛ أتيقن تماماً أن قضيتنا الأولى يجب أن تكون إعادة الإنسان العربي لآدميته التي فقدها.

فليس منظر الدم وحده ما يثير الغثيان، بل كذلك “ابتسامة” مُلتقطةِ الصورة، فحتى لو كان القتلى من “اليهود” لحُرم علينا التنكيل بجثثهم، ليس من باب ديني فقط، بل من باب أخلاقي أيضاً، الذي وبكل وضوح حضرة الإعلامية “ما تدل دربهم”.

على كل حال، أرقام النازحين السوريين بازدياد، فبحسب إحصائيات مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، هناك أكثر من أربعة ملايين سوري نازح على حدود دول الجوار وأوروبا، وأكثر من سبعة ملايين نازح داخل سورية!! وبالطبع كل التبرعات خير، وليس القصد إنقاص فاعليتها، ولكن لقد سئم الجميع “البندول” المُخدّر الذي يوضع في الوريد، فلو أجرينا حسبة بسيطة على البندول، بحسب ما ينصح به الأطباء، لأخذنا حبتي بندول كل 4 أو 6 ساعات، وأما إذا حولنا الساعات لسنوات، يكون البندول في “الحالة السورية” قد انتهى مفعوله، لذلك يحتاج حتماً لعلاج مستعجل ينتشل ما يمكن انتشاله، بلغة أخرى قد بلغ السيل الزبى، الوضع السوري يحتاج لتحرك عسكري فوري وسريع، وهذا الكلام ليس بالجديد، فبعد كل هذه السنوات من الفوضى والتخريب والتهجير والقصف والدمار.. الكل يتساءل؛ من هو المُستفيد الأكبر من الحرب في سورية؟

وبكل أسف تبقى إجابة هذا السؤال “مجهولة” و”معقدةً” في آنٍ واحد.