مقالات متنوعة

احمد يوس التاي : تفكيك سلاح القبائل


مهما كثرت المطلوبات، واختلط على الناس ترتيب الأولويات، يظل نزع السلاح من أيدي القبائل وتفكيك مخزونها من الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمتطورة، هو الأولوية القصوى اليوم قبل الغد.. لماذا نصر الآن الآن على تجريد الفصائل القبلية من السلاح؟ لماذا يكون نزع السلاح من أيدي المواطنين هو من أبرز المطلوبات وفي أعلى سلم الأولويات؟
حسناً.. نزع سلاح القبائل وتفكيك جيوشها الخاصة، وجمع السلاح من كل المواطنين، هو قضية أمن ملحة للغاية، والأمن يجب أن يقدم على كل الأولويات وتحقيقه ينبغي أن يسبق كل المطلوبات، بل يجب أن يكون المطلب الأول لكل القوى السياسية والناس أجمعين.. صحيح أن الساحة تعج بالمطلوبات والأولويات، وكل يغني ليلاه وينشد مبتغاه، فبعض السياسيين يطالبون بحرية العمل السياسي والتحول الديمقراطي كقضية ملحة تتصدر قائمة أولوياتهم، والإعلاميون تبدو “ليلاهم ” هي حرية الإعلام والصحافة، ويمثل خفض الضرائب والرسوم والتسهيلات الأخرى من أهم مطالب قطاع الإنتاج الزراعي والصناعي وأولوياته، كما أن العاملين بالدولة والقطاع الخاص “ليلاهم” هي زيادة المرتبات لمقابلة “غول” السوق..
لكن وبإمعان النظر في كل هذه المطالب على اختلافها وخصوصيتها تبدو كم هي تافهة وحقيرة أمام مطلب تحقيق الأمن والاستقرار، فإذا لم يكن هناك أمن واستقرار لن تكون هناك حرية عمل سياسي ولا تداول سلمي للسلطة وإن بسطت السلطة الحريات السياسية لدرجة الفوضى، ولن تكون هناك سلطة أصلاً ليتم تداولها، ولن تكون هناك حرية للعمل الإعلامي حتى وإن تركت له السلطات الحبل على الغارب، ولن يكون هناك إنتاج حتى وإن بذلت السلطة للمنتجين المطارف والحشايا..
أقول ذلك وأجدني مشفقا على أمن واستقرار بلادي واسمع المسؤول الأول في مفوضية نزع السلاح يشير إلى أن بعض القبائل تمتلك أسلحة متطورة، ولنا أن نتصور بعد سماع هذا التصريح من مسؤول يمتلك المعلومة الصحيحة “المرعبة” أن بعض القبائل تمتلك الصواريخ والدبابات وغيرها من الأسلحة الثقيلة والمتطورة…!!
مثل هذه الأوضاع الغريبة لا توجد إلا في دولة انهارت تماماً وانهار أمنها ونسف استقرارها، وتفرق سلاحها بين القبائل وأصبحت عبارة عن كانتونان ودويلات صغيرة كل قبيلة تتحكم في منطقة نفوذها، مثل هذه الأوضاع ستكون أوضاعا طبيعية في الدول التي انفرط فيها عقد الأمن تماماً، ولكن ما لا يمكن أن يستوعبه عاقل وتستيقن له نفسه أن تكون هناك حكومة مركزية قابضة وباطشة ومسيطرة على كل شيء وليس من أولوياتها القصوى نزع هذه الأسلحة على وجه السرعة، فإذا لم تكن هذه الخطوة هي أولى الأولويات فماذا يكون إذن.. أختم وأقول يتوجب على كل القوى السياسية ووسائل الإعلام وقطاعات الشعب المختلفة أن تمارس قدرا كبيراً من الضغط على الحكومة للإسراع في عملية تفكيك سلاح القبائل، ونزع سلاح أي مجموعة أو فرد خارج منظومة القوات النظامية، وإذا لم تتم هذه الخطوة لن يفيد الحوار الوطني ولا بسط الحريات ولا التحول الديمقراطي في شيء.. ينبغي أن يكون تجريد كل القبائل من الأسلحة الآن قبل الغد طالما أن الحكومة أعلنت رسمياً إنتهاء التمرد وعلى القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار أن تضع نزع السلاح من أيدي المواطنين أمر مقدم على كل المطالب، فليتفق الجميع ولو مرة واحدة حول قضية مركزية تهم أمن كل الناس وهي مقدمة على معاشهم ليأمن الناس من الخوف أولاً قبل إطعامهم من الجوع.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.