الصادق الرزيقي

الحدود الملتهبة!!


> نواجه خطراً محتملاً في حدودنا مع ليبيا، ليس بسبب وجود الحركات المتمردة في دارفور التي تعمل وتقاتل كمرتزقة إلى جانب اللواء خليفة حفتر الذي يناصب الحكومة الوفاقية الليبية العداء هو وحلفاؤه من معاوني القذافي، لكن بسبب حالة السيولة الكاملة على أراضي جارتنا ليبيا والفوضى العارمة التي ضربتها، وتمدد هذه الحالة جنوباً وشرقاً إلى العمق وراء الصحراء في تشاد والنيجر، حيث تبدو المنطقة الشاسعة جنوب الصحراء أشبه ما تكون بالحزام الناسف يزحف بكل ما فيه من مجموعات مسلحة تنشط باتساع وامتداد هذا الشريط.. لكن مع ذلك فإن الأخطر منها هو محاولات تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الذي تزايد وجوده في ليبيا، لخلق مفاصل التقاء بينه وبين تنظيمات متشددة تتعمق في دول جنوب الصحراء حتى شمال شرق نيجيريا، حيث بدأت تتضاءل تحركات «بوكو حرام» منذ نهاية العام الفائت، وتحاول الانتقال إلى أماكن أخرى. > وتشعر بهذا القلق دول في المنطقة خاصة الجارة تشاد التي تتحسب كثيراً لعودة أي ارتداد عكسي مهما كانت درجته لفلول حركات دارفور الموجودة في ليبيا، يمكن أن يؤثر على الاستقرار والهدوء المتصاعد في حدودها مع السودان، وهي منفذ التجارة والواردات والصادرات الأكثر آمناً بالنسبة لإنجمينا، بعد الصعوبات الجمة في الطرق المؤدية إلى ميناء «دوالي» في الكاميرون وإلى العمق والموانئ النيجيرية المطلة على المحيط الأطلسي. > وبالنسبة لـ «داعش» في ليبيا، لا بد أن نشعر نحن في السودان بكثير من القلق، فالحرب التي تشن على هذا التنظيم في مناطق سرت وهلال النفط الليبي، وتشارك فيها مع الحكومة الليبية قوات عسكرية على الأرض وطيران من دول حلف الناتو، جعلت عناصر من هذا التنظيم تتراجع إلى الداخل الليبي جنوباً، وربما تتسلل إلى الحدود مع تشاد والسودان، وقد تجد لها مناصرين من قبائل المنطقة خاصة «التبو» في جنوب ليبيا وشمال تشاد، وعناصر من حركات دارفور المتمردة، خاصة أن هناك سودانيين سبق أن وردت تقارير تؤكد التحاقهم بـ «داعش» في نسخته الليبية، ومعروف أن سلسلة جبال «تبستي» جنوب ليبيا ومغاور وديان إقليم أوزو في الشمال التشادي ومناطق الكفرة على الحدود مع السودان في المثلث الذي يجمع في جزء منه تشاد، والجزء الآخر الذي يربط الحدود السودانية المصرية الليبية، تمثل كلها بؤر نشاط لعصابات ومجموعات وحركات مسلحة تمارس النهب والاختطاف، وتعد المنطقة كذلك أهم طرق ومسالك مهربي البشر في أضخم عمليات التهريب والاتجار بالآدميين الراغبين في الوصول إلى الشاطئ الشمالي من البحر الأبيض المتوسط من ساحله الجنوبي، حيث تقع العديد من الموانئ الليبية التي عُرفت عبر التاريخ بأنها منافذ بيع الرقيق في القرنين الثامن والتاسع عشر الميلاديين. > ولا تخفي العاصمة التشادية إنجمينا مخاوفها مما يحدث في ليبيا وما ينتج عن العمليات العسكرية المستهدفة «داعش»، ولذلك توصلت الخرطوم وإنجمينا من فترة ليست بالقصيرة، إلى تنسيقات محكمة لضبط الحدود ومراقبتها خاصة في حدوديهما مع ليبيا، للحيلولة دون تسرب عناصر «داعش» أو المجموعات والحركات المتمردة إلى كلا البلدين، وتوجد خطة مشتركة لزيادة القوات المشتركة السودانية التشادية وتوسيع نطاق عملياتها وانتشارها لتشمل أعالي الصحراء الكبرى خاصة المناطق المتاخمة لليبيا. > وفي هذا الإطار لم تهمل دوائر رسمية سودانية تشادية تتابع ما يجري في الأراضي الليبية، ما تم تناقله في بعض وسائط وشبكات التواصل الاجتماعي وربما وسائل إعلام وصحف قبل أشهر قليلة، من وجود أعداد قليلة من المتسللين، يشتبه في انتمائهم إلى «داعش» أو «بوكو حرام»، في بعض المناطق الحدودية السودانية التشادية، بالرغم من عدم وجود أدلة قاطعة على ذلك، إلا أن الاحتمالات واردة ولا يمكن غض الطرف عن التوقعات بإمكان وجودها.. بينما تستبعد جهات أخرى أن يكون خيار «داعش» أو «بوكو حرام» الوجود في المناطق بين السودان وتشاد، نظراً لطبيعة المجتمعات التي ستلفظ حتماً هذا النوع من التنظيمات ولن تتعايش معه.