يوسف عبد المنان

محنة “ونسي”!!


ساعات أمضاها “أسامة ونسي” بين القضبان حبيساً قبل أن تتدخل جهات سياسية وعدلية ورجال أعمال لإطلاق سراح الرجل الذي فارق سربه واختار طريقاً لم يألفه من أسرته أحداً.. وما كان لـ”أسامة ونسي” أن يتردد على أقسام الشرطة والجلوس أمام (المتحرين) لساعات طوال لو أنه التزم الساحة السياسية ناشطاً في حزبه المؤتمر الوطني وتياره الفكري الحركة الإسلامية (إلاّ) إذا هبت زعازع مرعبات على البلاد برمتها، ولكن “أسامة ونسي” اختار الوسط الرياضي هوايته والمريخ عشقه ليصعد مباشرة من مشجع لرئيس نادي قبل أن يكتسب حتى عضوية النادي مثل شبيهه المهندس “الحاج عطا المنان” الذي أصبح رئيساً للهلال وهو لا يميز بين “كندورة” و”باكمبا”.. ولا يعرف إن كان “الطاهر حسيب” لعب للهلال أم التحرير البحراوي.. و”أسامة ونسي” الشاب الذي ينحدر من أسرة لم يعرف عنها انشغالها بالهلال أو المريخ.. وكان والده “ونسي محمد خير” عالماً وفقيهاً ومربياً وضع لبنات الحركة الإسلامية في كردفان، وسار على دربه أبناؤه اللواء “أحمد ونسي” والراحل العميد “صلاح ونسي”.. ولكن في لحظة ضعف عاطفي اختار وزير الرياضة بولاية الخرطوم صديقه “أسامة ونسي” لقيادة نادي المريخ رئيساً للجنة تسيير شبه حكومية لسد الفراغ الذي خلفه هروب “جمال الوالي” من القلعة الحمراء بسبب الصرف المالي الضخم الذي ظل يتكبده “جمال الوالي” من ماله الخاص ومن مال الدولة التي جاءت به كما جاءت بـ”أسامة ونسي”.. ولكن الأخير تركته في (السهلة) لا هي تحملت الصرف على المريخ ولا أطلقت يده بتحمل سداد المديونيات التي تركها “جمال الوالي” من وراء ظهره..
وقد استغل الأستاذ “مزمل أبو القاسم” علاقته بالنائب “حسبو محمد عبد الرحمن” وطرح عليه فكرة دعم المريخ مالياً في مشواره الأفريقي.. وبدا النائب أكثر حماساً لدعم لجنة تسيير المريخ برئاسة “ونسي” وتحمل الدولة لمسؤولياتها نحو فريق لا يزال منافساً وحيداً في البطولات الأفريقية بعد خروج الهلال والخرطوم الوطني وأهلي شندي من الأدوار التمهيدية.. ولما حققت نفرة دعم المريخ نجاحاً والفضل يعود لصاحب الفكرة “مزمل أبو القاسم” ولراعي المشروع “حسبو محمد عبد الرحمن”.
{ تداعى على نادي المريخ كل صاحب مديونية قديمة ومطالب مالية منذ عهد ما قبل الإنقاذ.. لنيل حقوق تثور حولها شكوك وشبهات.. فالسيد “جمال الوالي” الذي يراوده الحنين الجارف الآن للعودة لديار المريخ أخذ يقدم نفسه بصورة علنية للناخب المريخي.. قال يوم مغادرته النادي (هارباً) من جحيم الصرف إنه سلم المريخ بدون ديون عالقة.. بل تبرع بمبلغ ملياري جنيه من المال دعماً للجنة التسيير.. فمن أين جاءت الديون التي جعلت الشرطة تلقي القبض على “ونسي” في هجعة الليل؟؟.. ولماذا جاء “جمال الوالي” إلى مركز الشرطة.. هل للتضامن مع رئيس نادي المريخ؟؟.. أم ليقول للناخبين أنا الرجل الذي بمقدوره إنقاذ المريخ من محنته وإطلاق رئيس لجنة التسيير من زنزانته؟؟.. وقد كان “جمال الوالي” ذكياً جداً يوم مباراة المريخ والكوكب المراكشي وهو يرتاد القلعة الحمراء ضمن المشجعين العاديين بالمساطب الجانبية لتهتف له الجماهير (عائد عائد يا جمال) و(جمال الوالي رئيس طوالي).. ووسط تصويب كاميرات الإعلام نحوه يتم (إنزاله) في مقام أصحاب المقامات الرفيعة بالمقصورة الرئيسية وبعض السياسيين يعرفون كيف يسرقون الأضواء من غيرهم وخير مثال لذلك ما فعله “أحمد هارون” يوم انعقاد مؤتمر الحركة الإسلامية.. حيث منعه الأمن من الدخول بسبب عدم وضع الديباجة فأصبح خبر المنع طاغياً على جلسة مؤتمر الحركة الإسلامية.. وأمس طغى حضور “جمال الوالي” لمركز الشرطة من أجل إطلاق سراح “ونسي”.. على الأسباب التي وضعت “ونسي” في غياهب الجب سجيناً.. ومسؤولية “جمال الوالي” الشخصية عنها.. ومسؤولية الحكومة التي (عينت) الشاب صاحب الفكر والبصيرة ولكنها لم تستوفِ حق التعيين بالدعم الذي يستحقه و”ونسي” عقل يدير نادياً بلا مال.. وفي العرضة شمال مال يدير نادٍياً بلا عقل!!