أبشر الماحي الصائم

سبع صنايع والحظ ضايع


لا أعرف عدواً يتربص بتماسك الوطن ويهدد وحدته وتماسكه، أشرس من طغيان سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني، فمع ارتفاع سعر الدولار كل شيء قابل للارتفاع بما في ذلك أمراض السكري والضغط وأسعار الأدوية!! على أن هناك ألف مبرر ليغالي – حتى – المنتجون المحليون في أسعار سلعهم المحلية، وذلك حتى يتمكنوا من مقابلة شراء السلع الدولارية المستوردة!! فالذي يبيع الملوخية والبنضورة سيحتاج أن يشتري بثمتها (قماش النصارى) المستورد!! كما في تلك التراثية (يوم جا للبقعة وجالها كمل قماش النصارى)!! كما أن أسعار الدولار لا تكافح في فرندات السوق الأفرنجي، بقدر ما تكافح وتناهض في الحقول بمضاعفة عمليات الإنتاج التي نملك كل مقوماتها.. سبع صنايع والحظ ضايع!! ولا يحدثك مثل خبير .
* فليس للخبير الاقتصادي بابكر محمد توم ذنب، سوى أنه رسم صورة واقعية قاتمة لاقتصادنا المأزوم، فحسب تشخيصه يحتاج اقتصادنا العليل لأكثر من خمس سنوات لكي يتعافى، بحيث تكمن العلة الأساسية.. حسب الدكتور بابكر بابكر.. في (عدم استقرار سعر صرف الدولار)، ذلك لضعف الإنتاج، على أننا أمة تستورد ما قيمته سبعة مليارات دولار في العام، مقابل عائدات صادر لا تتجاوز الأربعة مليارات دولار!!
* على أن الأسوأ من ذلك – والحديث لمؤسسة الملاذات الجناح الاقتصادي – هو أننا نستورد حتى الغذاء من الخارج، بما في ذلك الزيوت والدقيق والألبان والصلصة وصولا للبرتقال الجنوب أفريقي والتفاح والعنب !!
* غير أن الأمر الأكثر سوءً يكمن في أجندة وهموم الشغيلة السياسية على ضفتي الحكومة والمعارضة، إذ أن أجندتهم المثقلة بقضايا التدافع حول/ إسقاط النظام/ والحفاظ عليه/ تكاد تخلو هذه الأجندة من رؤية إنتاجية ثاقبة، وإن وجدت تلك الخطة الإنتاجية لم ولن يوجد لها تمويل، ولئن وجد التمويل ستهزمه لا محالة الهمة والإرادة للإنتاج، ولئن أدركنا بعض إنتاج سيفوتنا السوق والتسويق !!
* غير الخطيئة الكبرى، تكمن في تحولنا جميعا، دولة وحكومة ومعارضة وأحزابا وشعبا ومزاجا عاما، تحولنا للتنافس في حقول (طواحين الهواء)!! على أن الخاسر الأكبر في هذه الحالة هو الوطن ولا شيء غير الوطن والأجيال والمستقبل!!
* أتصور أننا قبل كل شيء نحتاج أن نتفق حول الوطن مع الاحتفاظ بالاختلاف حول الحكومة والحكم، على أن صراعنا حول السلطة يجب أن يكون على (الكورة) وليس على جسم الوطن!! لتكون المعارضة، الحكومة الافتراضية، في هذه الحالة أكثر حرصاً على المؤسسات الوطنية والقومية من الحكومة نفسها، لتجد عند وثبتها على كراسي الحكم دولة مدورة!! فنخبنا السياسية السودانية – يا رعاك الله – طوال حياتها على حالتين إثنتين، إما حاكمة وتحافظ على هذا الحكم بكل السبل المتاحة، أو أنها فقدت هذا الحكم وفقدت عقلها معه، وهي تسعى بكل السبل المتاحة وغير المتاحة للعودة لهذا الحكم !!
* أتصور أننا نحتاج أن نتخلص من جيل سياسي بأكمله، تربى على جدل الحكم وليس في جوفه وأشواقه (فسيلة نخل) ليغرسها، ولا أتصور أن (خمس بابكر التوم) تكفي لذلك!!